أمي الحبيبة والغالية اليمن في عيد الأم لم أجد ما أهديك سوى هذه الكلمات أشكو إليكِ فيها من جور أبنائكِ لقد كنت لهم خير أُم وكان أبنائكِ للأسف أسوأ وشر أبناء ! لم يقابلوا حنانكِ وعطفكِ إلا بالجحود والعقوق والنكران . يزعمون ويدعون أنهم يحبونك ولذا فهم يتقاتلون من أجلكِ ودفاعاً عنكِ وحباً فيكِ ! يقتل أبنائكِ بعضهم بعضا ويدعون أنهم الأوصياء عليك وعلى بقية أبنائكِ يقتلون بعض بإسم الرب والدين وبإسم آل البيت وبإسم القبيلة ! أكلوا خيراتك ونهبوا ثرواتك وعاشوا فوق ثراكِ وتحت سمائك ِلكنهم لم يقابلوا إحسانكِ بإحسان لم يحسنوا إليكِ ولا إلى بقية أبنائكِ المستضعفين الذين عهدتِ إليهم بهم أبنائكِ مابين قاتلٍ ومقتول وكلهم يطلب و يدعي الشهادة لأجلك حتى أطفالك خلف المتارس بدلاً من المدارس وشبابك في جبهات القتال وفي المعتقلات والسجون ومشردين ومطاردين وأبنائكِ المبدعين في المهجر يبحثون عن أرض تأويهم وتحميهم من شر أبنائك الأشرار وشيوخ أرضكِ وعجائزها لا ينامون الليل من خوفهم على فلذات أكبادهم وعلى أنفسهم وعليكِ من ويلات الحرب والخراب والدمار ! أمي الحبيبة أعلم أن كل بلدان العالم وأقطاره تتفاخر بأبنائها وإنجازاتهم في مجال التعليم والتكنولوجيا والإقتصاد وفي الثقافة والرياضة وفي البناء والعمران وأنتِ التي كنتِ سبّاقة في الحضارة يتناحر أبناؤك فلا تجدين سوى البكاء والعويل ! يتسابق أبناؤكِ على من قتل وجرح وأسر أكثر ! أنتِ التي لم يصف الرحمن سواها بالبلدة الطيبة وأرض الجنتين إمتلأت قلوب أبنائكِ بالخبث والحقد نحو بعضهم فيتسابقون على إزهاق أرواحهم وسفك دمائهم لتقديمها قرابين إليكِ !!! يتغنون بحبكِ ولايجدون مايهدونه ُ إليك سوى دماء وأرواح أشقائهم وكلهم يدعون أنهم يبرونكِ بهذا العمل وبهذا الفعل ! لم تعد أرضكِ أرض الجنتين بل أرض الجحيم والفتن والحروب وأصبح السعيد من غادر أرضك والشقي التعيس من طال بهِ المقام فوق ثراكِ ! أبناؤكِ المستضعفين يعانون ويكابدون مشقات الحياه أمنهم ضائع وإقتصادهم منهار ومعيشتهم جحيم ! لايجدون مقومات الحياة من ماء وغاز وبترول ويقضون ليلهم في الظلام في زمن تحتفل فيه كثير من البلدان بمرور عقودٍ وأعوام على عدم انطفاء الكهرباء لديهم ! لم يتبق لديهم سوى الهواء الملوث بغازات وسموم ودخان الحرائق والحروب ! أمي الحبيبة في زمن غزو الفضاء يغزو أبنائكِ بعضهم البعض في زمن التقدم العلمي وزمن التكنولوجيا وزمن العولمة مازال أبناؤكِ يعيشون خارج العصر وخارج سرب التقدم وبعيدٌ عنه بعيييد ! يقتلون بعض ويكفرون بعض ويتهمون بعض في زمن زراعة القلب وزراعة الكبد وزراعة الوجه والشعر يزرع أبناؤكِ الألغام ليحصدوا أرواح أشقائهم !!! لم يعد فيهم رجلٌ رشيد ولم يعد فيهم رجلٌ حكيم ! لم يعد في أبنائكِ من يعطف ويشفق على الباقين لم يجد أبناؤكِ الخائفين من دوي المدافع وصوت القنابل من ينقذهم ويشعر بهم ويحنو عليهم لم يجدوا من أبنائكِ الكبار من يتحمل مسؤليتهم ولم يجدوا حتى من يحمل قلباً كقلب هدهد سليمان أو عقلاً كعقله !!! ذلك الطائر الذي حمل هم شعبٍ بأكمله وأنقذهم من الوثنية والضلال وساءهٌ أن يستمروا في التيه والضلال البعيد ! لم يعد الهدهد يحمل من أنباء سبأ سوى أنباء الإغتيالات والإنفجارات والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والقصف والحصار في أرض الحكمة والإيمان !!!! لم يعد في أبنائكِ من يملك ذكاء وحنكة ورجاحة عقل إبنتكِ بلقيس تلك المرأةُ العظيمة التي جنبت بلادها وشعبها ذو القوة والبأس الشديد ويلات الحروب والفتن وبطش وجبروت الملوك فتنازلت عن كرسيها وعرشها العظيم لتحقن دماء اليمنيين ! وليتها تعلم كم تقاتلنا ومازلنا نُقتل من أجل كرسي الحكم وشهوة السلطان الرجيم ! أمي الحبيبة لم أجد ما أهديكِ في عيد الأم سوى دموعي وآهاتي وتوسلاتي إلى المولى الكريم بأن تعودي لسابق عهدكِ ومجدكِ وأن يعم الخير والسلام في أرضكِ وأن يؤلف بين قلوب أبنائكِ لتعودي تلك الأرض الطيبة السعيدة أرض الجنتين موطن الحكمة والإيمان وكل عامٍ وأنتِ بخير وفي تقدم وازدهار أمي الحبيبة والغالية أرض اليمن .