“يتهموني بأني ملحد! يا قوم ،أنا أرى الله في الزهور، وأنتم ترونه في القبور، هذا الفرق بيني وبينكم” الشهيد عمر باطويل نعم الفرق بينك وبينهم كبير … إلى أخي عمر باطويل، أولاً قبل كل شيء، قبل العقائد وتصنيفاتها، وقبل الانتماءات السياسية وأحزابها، وقبل أن نسمح لأنفسنا بأن نضع الآخر في قالبٍ ما لمجرد اختلاف رأي أو فكر، هناك روابط عميقة تربطنا ببعض، روابط الأخوة الإنسانية والروح التي هي القاسم المشترك بيننا، وهذه قاعدة يجب أن تصبح منهجاً في التعامل مع الآخر مهما كانت الأيديولوجيات. أخي عمر قرأت لك بعضاً من كتاباتك وظننتك قد تجاوزت الثلاثين من عمرك ولم أكن أعلم أنك لم تتجاوز العشرين بل لم تتجاوز الثامنة عشر، فأنا لم أكن أعرفك ولم أسمع عنك من قبل إلا بعد أن أسلمت روحك للسماء شهيداً. لوهلة عندما نظرت إلى صورتك أحسست بشعور غريب وكأنني أعرفك، وتفرست في تقاسيم وجهك فشعرت أنك شخصٌ صادقٌ يبحث عن الله وأنا قد وجدته فيك، في كتاباتك المعبرة التي بالفعل توصل لمتأملها الوازع الحقيقي الذي حرك قلمك لكتابتها ليس المعنى الظاهري الذي ظنه قاتلوك مختطفو الدين. أخي عمر باطويل قرأت لك كلمات هي أقرب إلى مناجاة رب رحيم من قلب عاشق حقيقي إذ تقول فيها: “الله” اسمح لي اليوم بالحديث عنك .. فأنت الذي لا أقسم إلا بك لم أكن أعرفك حق المعرفة .. كنت خائفاً منك .. فأولئك الذين ينتسبون إليك زوراً قد أرعبوني من قربك .. صحيح أنني كنت أصلّي لك .. لكن ليس حباً فيك بل خوفاً منك!! سامحني .. لم أعرفك إلا منذ سنوات قليلة.. أحببتك جداً.. شعرتُ بالأنس بقربك… أتذكر ذلك اليوم الذي أخبرتك فيه عن سري الصغير.. وبعد ذلك ضحكتُ طويلاً.. هههه هههه ما أجملها من لحظة.. لكن يا رب لماذا يريدون أن نحبك بالغصب والقهر!! وأن نجلد أنفسنا رغبةً بما عندك!!.. سأحيا كريما بك.. ومستمتعاً بالجنة التي خلقتها لي في الدنيا.. فقد سخرّت الكون لي لأحيا كريما.. شاكرا.. عارفا.. يا رب سأحبك إلى الأبد وحتى بعد الممات، فلم أعد خائفاً بل مشتاق إلى لقائك.. وإلى ذلك اليوم تقبل خالص محبتي ومودتي يا خالقي” واسمح لي يا أخي أن أقول لك انني وجدت نفسي عند قراءتي لمناجاتك أمام هذه القاعدة تقول إحدى “قواعد العشق الأربعون” : “يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد أو في الكنيسة او في الكنيس. إذا كنت لا تزال تريد أن تعرف أين يقع عرشه بالتحديد، يوجد مكان واحد فقط تستطيع أن تبحث فيه عنه، وهو قلب عاشق حقيقي. فلم يعش أحد بعد رؤيته ولم يمت أحد بعد رؤيته، فمن يجده يبقى معه إلى الأبد” …. شمس التبريزي من قتلوك نزعت الرحمة من قلوبهم، لأنك صدعت بالحق وعبرت عن ما آل إليه الحال بفكرٍ جميلٍ وملكة ابداعية في تركيب المفردة بصياغة تصويرية رائعة. وددت لو عرفتك مسبقاً ووددت أنك لم تمت وأنت حقيقة لم تمت، ليرقد جسدك الطاهر في سلام ولتحلق روحك عالياً. “الحياة حق إلاهي .. فلا تحرمها أحد لمجرد اختلافه معك فكرياً أو عقائدياً” … الشهيد عمر باطويل ختاماً هم ليسوا الدين ولا أنا وأنت، الدين هو الحب والرحمة واليسر والتسامح والسِلم والأمان، لا يوجد أحد يستطيع أن يكون هو الدين. تقبل مني جزيل التحيات