على الرغم من التحالف القائم بين الجنوبين و التحالف العربي، إلا أن الأولويات لدى الجانبين تبدو متباينة بشكل لا تخطئه عين المتابع للشأن الجنوبي. يرى الجنوبين ان الاجندة الوطنية تتحرك في إطار الحدود الجنوبية، وحلقة الصراع لديهم محصورة في الهم الوطني الداخلي، هذا في الوقت الذي يعتقد التحالف العربي أن النزعة الوطنية والانكماش تجاه الداخل الجنوبي مناقضان للمفاهيم التي قامت لاجلها الحرب في مفهومها الواسع لحماية الامن الاقليمي العربي، ولهذا السبب, فإن التوصيف الطبيعي للتحالف القائم بين الطرفين أنه تحالف مصالح أعطى للتحالف العربي في الوقت الراهن مكاسب أكثر مما أعطى للجنوبين اللذين لما يراعوا فيه مصالحهم حتى الان بشكل كافي. أنشغال الجنوبين اليوم بالخلافات الداخلية بسبب المواقف المتناقضة للقوى المؤثرة على الساحة الجنوبية اضعف موقفهم مقابل رغبات و أهداف التحالف, فأختلاف الولاءت حيال القيادة الجديدة من ناحية وشكل الدولة و ادائها السياسي من ناحية اخرى اربك الموقف الوطني الجنوبي واعاده خطوات للوراء. فالتباين في تفسير اولويات القضية الجنوبية وكيفية تقديمها للاقليم جعلت الأداء السياسي لمختلف القوى السياسية و الوطنية هزيلا وغير قادر على تحقيق التكامل في سقفه المقبول, لم تقدم القوى الفاعلة رؤية تفضي بشكل حاسم الى تجميع القدرات و توظيفها لايقاع تأثير فاعل في سياسات العديد من الدول المنخرطة في التحالف العربي, فتغير انماط العمل و أحداث نقلة في العلاقات الجنوبية - الجنوبية يفترض ان يوفر لنا تغير في القدرة على الحركة بفاعالية على قاعدة المصالح المشتركة وهذا سيفرض على القوى الاقليمية و الدولية تعاملا جديدا قوامه احترام ارادتنا في أعادة وطن للحياة داعم للامن و التنمية في المنطقة. واقع الحال, يلزم القيادات الفاعلة في الجنوب ان تنتقل من مرحلة الشعارات الى العمل بفعالية اكبر على تكريس الواقع الجنوبي و تقديم رؤيتهم التكاملية مع المحيط العربي. رؤية تأخذ مشروعيتها ومدى قدرتها على الانتقال للامام, ان صنعاء الوحدة لم تكن نقطة التقاء للمصالح الخليجية و العربية منذ الشهور الاولى لنشأه الدولة في مايو من عام 90م, لم تسعى الجمهورية الجديدة لتكون قوة مضافة تحمي مصالح و شعوب المنطقة و تعزز من استقلاليتها بوجة القوى الاقليمية الناشزة و المتربصة. يدرك الطرفان الجنوبي و العربي مدى أهمية كليهما حاضرا ومستقبلا, فلا يمكن ان يبقى الجنوبيون بعيدين عن وطنهم بمعزل عن محيطهم مهما كانت المغريات و الخوف من تقديمهم كثير من التنازلات, فنحن نثق تماما ان لا أحد يمكنه ان يخط آثاره فوق احلامنا الا متى ما بقينا مرتبكين غارقين في اختلافتنا.