أخاطبكم من وسط وطن منهوب ودولة مسلوبة وشرعية مغتصبة ويمن جريحة تقصف بأعنف الأسلحة الثقيلة من قبل ميليشيات الانقلاب المجوسية الخارجية المدعومة من دول تكن الحقد والعداء لدولنا العربية وبلدنا الطيبة السعيدة... وفي ظل تقاعس عربي ومسرحية الحوار والتمديد والمفاوضات والمشاورات التي لم تجدي نفعا ولم تفلح حتى في وقف الدماء اليمنية التي تسيل بين لحظة وأخرى بل ولم نرى منها سوى إضافة سجل الدمار أهدافًا وأهدافًا، من أجل مزيد من أشلاء أبنائي من أجل مزيد من دموع الثكالى، من أجل التلذذ بمشهد الأطفال في تعز وغيرها وهم يئنون حزنًا وتتسع أحداقهم رعبًا، من أجل دماء جمدها الخوف قبل أن تهراق. دعكم مما تنقله لكم وسائل الإعلام، إن حجم المعاناة لدى شعبي تجاوز مستوى التقييم، فلن يعبر عن حقيقته سواي، فهكذا الأم يقوى بيانها بصدق شعورها، فهاكم حال إخواني وأصدقائي وأبناء. شعبي في تعز يشهدون مأساة إنسانية تجلب العار على بني الإنسان: ليت شعري كيف يكون شعور امرأة قد فقدت بناتها الثلاث وولديها من أبنائها دفعة واحدة، فتنظر إلى كل جثه والطرف حيران يتردد بينهن في لوعة وأنين، فخمسة أصوات تقول (أمي) قد انقطعت من الحياة، ولم يعد ينطق غير الذكريات. لا يغيب عن ناظري تلك الطفلة التي اخترقت رصاصات الغدر صدرها، وفاضت روحها وهي تود أن تصرخ في البشرية : بأي ذنب قُتلتُ؟! تنتظر أن ينادى في الخلائق يوم المعاد على رؤوس الأشهاد: بأي ذنبت قتلت؟ لو رأيتم صراخ الأطفال في تعز التي يخنقها الحصار الذي تفرضه ميليشيات الانقلاب وجماعات الارهاب وعصابات الاجرام ودعاة الظلام والإمامة السلالية الرجعية لم يعد يداعب النوم أجفانهم، كل منهم يبحث عن أحضان أبيه أو أمه يلتمس الأمان بينها، وأنّى له الأمان، وهو يرقب بين لحظة وأختها أن يرى أمامه أشلاء أمه وأبيه، أو تكفيه قذائف قصف العدوان الحوفشي الدائم. والمستمر هذا المشهد فيحصده الموت قبلهما، صراخ وعويل ودموع وأنين لرموز البراءة ليس له ثمن في هذا العالم الجشع، وليس له وزن في ميزان العالم الظالم. أو ذلك الطفل الذي تجرع مبكرًا مرارة اليتم، حيث لا أب ولا أم، إنما هي أيادي الرحماء، كان يبكي فتلقمه الأم ثديها، ويتألم فتهد هده في حجرها فيسكن قلبه، فابك الآن يا صغيري وأصرخ وجد في العويل ولكن لا تنتظر أمك الحنون. أو رأيتم تلك الأم الثكلى التي قطف الموت زهرة حياتها، بعدما صار زينة الشباب، بعد أن عبثت بذهنها الأحلام، في أن تتحقق على يديه الأحلام، تتطلع ليوم زفافه الذي تداعبها على إثره البشرى برؤية الحفيد. أما المساجد ودور العبادة... فلم يبق منها إلا ركامًا وأطلالًا، تشهد على تلك المأذنة المتهدمة أنها كانت يومًا ترسل التكبيرات تشق الكون، وترثي تلك الأرض التي كانت بالماضي تنعم بجباه الساجدين. الكل يجري ويهرول، كأنه قد نفخ في الصور ليوم النشور، فهذا يأخذ أبناءه بعيدًا عن موضع القصف، وهذا يجر مصابًا قد سقط أرضًا، وهؤلاء يستنقذون بقايا جسد صار أشلاءً من بين الأنقاض. لم يعد في حياة شعبي إلا اللونين، الأسود في سمائي من دخان الدمار والقصف والخراب والهدم، والأحمر على أرضي من تلك الدماء التي تسيل. لم يعد من أصوات إلا صوت مدفعية وقذائف الانقلابيين من مليشيا الحوثي والمخلوع وصراخ النساء، وعويل الأطفال، وأنين الرجال الذين يكتمون الصراخ فتغلبهم الدموع والأنات المكتومة. كل هذه المآسي لم تلامس نخوة الأشقاء، ولا شهامة ،العرب ومروءتهم أين أنتم يا مسلمون؟ أين أنتم يا عرب؟ تحفظون ماء وجوهكم ببعض الأدوية والأطعمة؟ والمساعدات الآنسانية أنقذوا تعز أين أنتم من حصار غاشم تفرضه ميليشيات المجوس واجندة الدولة الفارسية الشيطانية. أينكم من الحصار والجوع، أتراكم تشبعون جوعة أطفال تعز وأبناءها قبل الموت كأغنام تعلف قبل الذبح، أم تداوون الجرحى منهم لكي يستقبلوا القذائف بأجساد سليمة، إنكم قد اكتفيتم بذلك وكنتم كالذي يقدم الأكفان لإكرام الجثث، وكنتم كالذي يقدم النطع بين يدي السياف حتى لا تلوث الدماء الأرض!! أقول لهؤلاء القواعد: اشجبوا واستنكروا واصرخوا وواصلوا لهوكم وسمركم الذي تعشقون، فإن أبناء تعز قد ألفوا صمت الحملان من حولهم، ولكنهم لم ولن يركعوا للميليشيات الانقلابية وجماعات الارهاب، ولئن ركع شعبي لتركعن دول الجوار أجمع، ولست أنا المأساة الأخيرة فأخرى وأخرى ورائي.