"اللي يحكم اليمن كالجالس فوق رؤوس الافاعي وما يسبرش يجلس إلا إذا رقص معها!" المقولة الأشهر للرجل الذي حكم اليمن 33 عاماً مشبهاً واسماً اليمن بوصم بلد الأفاعي! فالرجل لا يرى اليمن إلا من منظار القضاء على الأعداء والخصوم! ولطالما أجاد اللعب بالأوراق مفاخراً في غرف اجتماعاته المغلقة بأن خصومه لا يجيدون إجادته استخدامها لذلك تغلب عليهم في أكثر من جولة وأكثر من معركة! وإن خسر صالح معركة فأنه لا يخسر الحرب والحديث لأحد أكبر معاونيه المخلصين قبل أن يكفر بصالح والانقلاب ويصبح شرعي الهوى والانتماء! بيد أن الرقص على رؤوس الأفاعي عملياً يتطلب مهارات فائقة تعتمد على المجاراة والحيلة والخدع والمراوغة كي يسيطر الراقص على رأس الأفعى الذي إن غفل عن إيهامها واستهامها قد تلدغه وينفذ سمها القاتل ولا عزاء للراقص وإن كان ماهراً! وللتاريخ فأن توصيف حكم اليمن هذا لا يرقى للمنطق والحقيقة إان صاغه التاريخ الذي سيفرد صفحاته لعلي عبدلله صالح الذي أحال اليمن إلى أفواه ملايين من الجياع المعدمين فقراً وجوعاً وجهلاً وموتاً ودماراً وحرائق أشعلها ويشعلها حتى الساعة ! فحروبه مع الأفاعي لم تعد داخلية يمنية يمنية كعاداتنا معه طيلة ثلاثة عقود من الرقص الذي لم ينتهي منذ العام 78م! والرجل يخوض حربه الأكبر ضد الإقليم ومحيطنا العربي الجار الشقيق وقد هدد وأعذر وأنذر آل سعود بتقسيم السعودية ! وطالب الاحتلال الاماراتي لعدن وسائر المدن المحررة بالرحيل من الجنوب المحتل! ولكن ترى هل يدرك صالح حين يخاطب الداخل المحتل والخارج الذي سيقسمه! بكل عنجهية وصلف وغرور أن الداخل والخارج والعالم ومنذ اندلاع الحرب بات يدرك جيداً بأنه لولا الفيتو الأمريكي الداعم للانقلاب وإيعازه روسيا وإيران لدعمه لما صمد واستمر الانقلاب إلى اليوم! ومع هذا فالسياسة حبلى بالمتغيرات! فصالح مهندس الانقلاب الفعلي وقائده العسكري الأول ولم يعد سراً مهما اجتهد طيلة عام ونصف في عدم الظهور وتصدره المشهد! غير أن إعلان المجلس الرئاسي مرحلة تصدرها صالح بقضها وقضيضها عملياً وأمام العالم بعد أن أفشل الحوثيين وصالح مفاوضات الكويت التي تزامنت مع الهدنة العسكرية على الحدود مع السعودية والهدنة الاقتصادية التي رفعت الغطاء عن أزمه الانقلابيين المالية ! ويبدو أن صالح والحوثيين منتشون بغمرة ما قد يرونه انتصاراً بإعلانهم المجلس الرئاسي في قطع الطريق على هادي ومعسكر الشرعية بإيعاز وضوء أخضر أمريكي للانقلابين! وفريق شرعية هادي ملتزم بقبوله خطة ولد الشيخ لإنهاء الحرب و أعلن التزامه توجيهات الرئيس هادي في البقاء في الكويت حتى السابع من أغسطس كفرصة أخيرة لقبول خطة السلام من جهة الانقلابيين والتي تقضي بإلغاء المجلس الرئاسي والانسحاب من المدن وتسليم السلاح تزامناً مع الانسحاب! وللكاتب السعودي الدكتور الحربي أمثولة في هادي الذي شبهه فيها بالليث الرهيص الذي عرفه الحربي بأنه الليث الذي قد ينتظر فريسته يوماً كامل محدقاً نظره الثاقب نحوها حتى تحين لحظة الانقضاض السانحة! بل وأمعن الحربي في أمثولته التحليلية لهادي واصفاً هادي بأفضل سياسي جنوبي واجه مصيره ولم يهرب سريعاً من وكر الأفاعي ومروضها الماهر! وقد أعزى تفكيك الجيش الشمالي ولأول مرة لدهاء الرئيس هادي! وما بين متغيرات السياسة الخاضعة لمعادلة النفط الضاربة للتحالف العربي وعلى رأسه السعودية التي تشكل ثقل محوري ومؤثر في ترجيح كفه ما قد يكون طعماً بلعه صالح والحوثيين بإعلانهم المجلس الرئاسي لتعطيل الفيتو الأمريكي حامي بقاء صالح والحوثيين على حين غرة بزيارة خاطفة لولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي لواشنطن! وما بين مروض الأفاعي والليث الرهيص جولة وقد قالت العرب منذ الأزل الحرب خدعة!!