لم أجد منظرا أبشع ولا اشد إيلاما من مشاهدة جثث لعشرات من الأفراد الشباب وهي ممزقة ومبعثرة هنا وهناك جراء الحادث الإجرامي الجبان الذي استهدف شباب عزل يبحثون عن لقمة عيش كريمة يعلمون علم اليقين أنهم سيبحثون عنها في قلب الموت والدمار والبارود. وان كنت على يقين تام بان هذا الفعل اللا إنساني الوحشي والجبان هو ردة فعل طبيعية عن الهزائم المتتالية والانهيار الكبير الذي حصل لتلك الجماعات المارقة خلال الأيام الماضية فالذي لا نعمله ونجهله تماما هي الإجابة عن السؤال التالي : هل حقا أن تلك التجمعات كان لتجنيد الشباب والذهاب بهم إلى الحدود السعودية (جيزان) لمشاركة القوات السعودية الدفاع عن أراضيها ؟ إذا كانت الإجابة نعم فان ذلك سيفتح الباب على مصراعيه لآلاف من الأسئلة : ما هي الصفقة المحتملة التي تمت ومن طرفها في الجنوب ؟ هل تعلم شرعية الفنادق بها وهل هي وراءها؟ هل لزيارة عيدروس الزبيدي الى الرياض أي علاقة بذلك ؟ هل السلطات المحلية على علم بها؟ وهل لرجال الأعمال الجنوبيين أي ارتباط بذلك؟ وليكون السؤال أكثر وضوحا ودونما خجل : من هي الأشخاص او الأطراف او الجهات التي تريد أن تبيع وتشتري وتقبض وتسمسر بتلكم الكوكبة من الشباب ؟ من يسوق لهم الوهم ويقدمهم قربانا مجانيا وعلى طبق من ذهب بمعركة خارج حدود جغرافيا الجنوب وخارج أولوياته وفي هذا الظرف بالذات ؟ من ذا الذي يسوقهم سوق الإبل باتجاه المجهول ؟ من المستفيد من ذلك ؟ شخصيا لست مع ذهاب شبابنا للقتال في أي مكان خارج تراب الجنوب الحبيب في الوقت الحالي لأسباب عدة منها : أن الجنوب لا يزال يخوض غمار حرب لم تنتهي بعد مع بقايا الاحتلال اليمني المغطاة بغطاء الإرهاب وهو ألان أي الجنوب بحاجة إلى جهد كل أبناءه لبسط السيطرة على الجنوب المترامي الأطراف ..ثم انه لم يصل بعد إلى مرحلة الاستقرار الذي يمكنه من إرسال شبابه لخوض معارك هنا او هناك . ناهيك على أن الشباب الذين يتم تسجيلهم بهذه الطريقة لا يملكون الخبرة الكافية والتدريب المناسب بل وجلهم من الشباب وطلاب المدارس .. وان كان كما يقول البعض انه لابد من رد الجميل للجارة السعودية فانه لابد أن يتم ذلك عبر اطر رسمية وواضحة ومسئولة وبشفافية ووضوح ومعرفية ماهية الأفراد التي ستلتحق بالقوات السعودية ؟.هل سيتم معاملتها كقوات سعودية ؟ ما هي حقوقها وامتيازاتها ؟ هل هي جيش نظامي أم مجرد مليشيات مدفوعة الأجر سيتم أعادتها بعد انتهاء مهمتها؟ أسئلة كثيرة جدا بحاجة الى إجابات. يخطئ من يظن ان المملكة العربية السعودية غير قادرة على حماية حدودها إلا بشبابنا الذين لا يملكون أدنى الخبرات العسكرية , وهم وإن كانوا قاتلوا في الجنوب قتال الأبطال لان المعركة هنا في الجنوب كانت معركة وجود معركة كرامة. السعودية بالإضافة إلى جيشها القوي والكبير الذي يمتلك احدث تقنيات العالم لديها قبائل حدودية مقاتلة وقادرة على صد العدوان الهمجي اليمني وهي كذلك قادرة على استجلاب مئات الآلاف من سكان العالم لحماية حدودها ان اضطرت الى ذلك وهي غير مضطرة ألان لأنها لازالت وستبقى بيدها مفاتيح اللعب السياسية الدولية وقادرة على المساومة في قضايا مصيرية فهي تلعب اليوم مع الكبار, بالأمس أجبرت موسكو على الصمت لتمرير قرار 2216 الخاص باليمن ثم أتت باوباما الى الرياض ليتوسل قادتها إيقاف بيع الأصول الثابتة في الولاياتالمتحدة التي تملكها الرياض بقيمة 700مليار دولار التي كانت ستعمل كارثة مالية داخل الولاياتالمتحدة إن كانت نفذت الرياض تهديداتها على لسان وزير الخارجية , إضافة الى ذلك فقد أبرمت الرياض صفقت أسلحة هي الأكبر في التاريخ خلال الأسبوع المنصرم. بعد هذا كله لا اعلم إلا إن حملة المباخر ومالكي الريال من الشماليين او أعوانهم من الجنوبيين هم من (يفشر) بشبابنا عند الملك سلمان. نحن على ثقة كبيرة بان لا تمر هذه المسالة مرور الكرام وان لا بد من معرفة الأشخاص او الجماعات او الجهات التي تقف وراء هذا التجنيد المشبوه مستغلين ظروف الشباب الصعبة للمتاجرة بهم وبهذه الطريقة اللا مسئولة ..وربما أتى هذا التفجير الإرهابي الجبان والغادر ليكشف حقيقة من يقف وراء هذا التجنيد وان كان الثمن باهظا إلا انه ربما قد يزاح الستار عن من يقف وراء هذا العمل..