وعن الحماس الذي يجري في أجسادنا ليبعثرنا كليا حتى لا نتوقف عن الإنجاز كنهر يتدفق مسرعا لملاقاة حتفه في محيط عظيم لرب العالمين. أكملت صلاتي (صلاة العشاء) وكالعادة جلست على سريري وأغمضت عيناي لبرهة لأسبح في روحانيات ربي تسبيحا وأستغفارآ وحمدا ،وقد كان بجانبي كتاب قرآن وكُتيب صغير يحمل وردا من الاذكار اليومية وكتاب ل (بيكاسو وستاربكس) الذي أعدت ان اقرأه عصرا ،كان ذاك الوقت أعتبره كمحطة اجلس فيه لاقرأ ،حقآ كنت اشعر بأنه يعيدني الى ذاتي مجددآ لأبحث ما بداخلي من عالم!. ولكن مازال ذاك الحماس يجري في دمي مجددا وكأنه يدفعني إلى قراءة كتاب او الأجدر بأنه كان يدفعني لأجلب قلم وورقة واكتب ،وكأن الكتابة كان مصدر إلهام لي لأتخلص من كل شعور وطاقة سلبية قد تراكمت بدخلي . التفتت الى جهازي ما يسمي ب (الايبآد) لاكتب ماقد يجتاح إلى نفسي . لحظة لحظة يا نفسي من متى وقد اصبحتِ تعتمدي على جهاز بدل من قلم وورقة ؟! أهذا حالنا الجديد؟ اذا اردنا أن نقرأ فتحنا الجهاز ،واذا اردنا ان نكتب كذلك فتحناه ،واذا اردنا ان نطمئن على غيرنا استخدمناه! حتى اذا خلدنا الى النوم يكون اخر شي تملكته ايدينا، واذا قمنا اول ما تمسكه ايدينا! حتى اذا خرجنا برفقة أسرة او أصدقاء نظل أجساد بلا ارواح معآ! كلآ تراه يتفقد ما بجهازه . الا تلاحظون لقد نسينا انفسنا ،ذاتنا ،لحظاتنا بسبب جهاز لا يتعدى حجمه كف اليد! لقد قرأت في كتاب بيكاسو ، وقد أوقفتني عبارة منه لأتأملها مرارا وتكرارا في نقطة (مجتمع بلاك بيري) قائلا(قال لي احدهم ان زوجته ارسلت له يوما رسالة نصية عندما استيقظت في الصباح لأنها تعلم انه سيقرؤها قبل ان يلتفت اليها ويقول لها (صباح الخير) ). أهذا ما عمل بنا ذاك الجهاز؟ اهذا ما اردنا ان نصل إليه يوما؟ ام نحن الذين سمحنا لذلك ان يحدث؟ لقد نسينا واقعنا وأدخلنا أنفسنا في حياة وهمية! فكلما ابتعدت عن قراءة الكتب بأنواعها لتغذية عقلك كحاجة جسمك الى تغذيته بالطعام واتجهت لعالم الالكترونيات زمن(البلاك بيري وسامسونح وآيفون وغيرهم من التحديثات الإلكترونيه) لا أتحدث عن استعمال الالكترونيات بكافة فنحن بحاجة اليها ،ولكن استخدامنا المؤرق والمفرط لها فأعلم ان بذلك قد نسيت نفسك وذاتك وانك تدمر حياتك الداخلية حجرا حجرا قد أسسته ماضيا ! اعلم بأنك تحطم عقلك وتدمره ،ففي كل لحظة تمسك فيها الجهاز اعلم بأن كلما قل إدراكك وإستيعابك لأمور كثيرة . فقد تجد بأنك تحادث أحدا شيئا مهمآ فتجد نظره ينزاح عنك تدريجيا لينظر الى اخر رسالة أرسلت له في جهازه!. أرأيت كيف ذاك الجهاز يدمر إدراكنا واستيعابنا! لقد نسيت نفسك أن كل يوم تلجأ فيه الى ذاك الجهاز تكون قد أدخلت نفسك في سجن الوهم وقد رميت بواقعك الى مكان بعيد! . فقط عُد الى نقطة البداية وأعطي لنفسك فرصة ،ربما يومآ في الاسبوع دون ان تمسك اي جهاز قد يصلك الى شبكة مواقع التواصلات الوهمية. اشتقت لاحدهم اتصل له او الاجدر بك زيارته وجها لوجه . اعطي لنفسك يوما على الاقل وانظر لداخلك وذاتك سترى انها بحاجة الى اشياء كثيرة قد ابتعدت عنها مؤخرا . عد لنفسك واستشعر ذاتك واعلم ماذا تريد ،لديك الكثير من الانجازات لتعملها ،انظر الى نفسك وحبها وقدرها فإنها بحاجة اليك لتعمرها ،كونها من جديد وتعلق بروحانيات ربك ، وابني نفسك وان ارتطمت في الارض فسقوطك اليوم هو انجازك غدا ،فانت فرد ولكن المتجمع بحاجة إليك والى افكارك ، قرر من تكون فرد ولكن المجتمع بحاجة إليك لتبني حضارة ،ام أسيرآ لزمن الإلكترونيات واستخدامها بشكل خاطئ ومفرط ،ولك حرية الإختيار! . حقآ لقد انتابتني ضحكة عندما رأيت خطي في الأوراق ولكنها حتما افضل من اعتناق كتاباتي الأجهزة الإلكترونية!