في المدرسة عندما كنت في الصف الثاني والثالث ابتدائي من المرحلة الأساسية في مدرسة الشهيد علي محمد صالح تحت دار الحيد قبل عام 90م كنت أدرس في الفترة المسائية وكل حلمي كان سباق الزمن و أتخلص من الفترة المسائية وانتقل الى الصف الخامس وأدرس في الفترة الصباحية حيث أردد النشيد الوطني بالمايكرفون ومكبرات الصوت ليعيد صدى صوتي من فوق اركان المدرسة والعلم يرفرف مع نسائم الصباح الجميل ليزيد ذلك العلم رونق وبريق في قلوبنا ، كنت اطمح بان اصل الى الصف الخامس لأتقلد شعار الطلائع طلائع علي عنتر الذي يتم ربطه على اعناقنا بشكل مثلث فيزيد الطالب روعة وميزه جميله يتباها بها في الساحات كونه شخص طلائعي ووطني ،، كنت اطمح ان انتقل الى الصف الخامس باسرع وقت من اجل ان اشارك في النشرة الاخبارية الصباحية من مكتب مدير المدرسة بالمايكرفون في وقت الاستراحة ، عندما كنت اشاهد الطلاب الذين يجيدون قراءة الاخبار من الصحف صحيفة صوت العمال ، كنت اطمح ان انتقل الى الصف الخامس بأسرع وقت لأتعلم كيف أرسم بالفرجال والمنقلة و أأخذ الهندسة واشاهد مدرس الرياضيات يشرح وبيديه كل الوسائل الهندسية على السبورة ومدرس الجغرافيا يأخذ الخرائط التوضيحية والمجسمة وهو يشرح لك حدود وطنك جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وانه يحدها من الشمال الجمهورية العربية اليمنية . ومدرس الأحياء يأخذ الهيكل العظمي ليشرح للطلاب مما يتكون الانسان .. ويأتي مدرس التاريخ الذي كان يعلم الطلاب الاحرف الحميرية وما يساوي كل حرف حميري بحرف عربي لتستطيع خلال الصف السادس من ترجمه الاثار التاريخية القديمة ،، ليأتي مدرس البولاتكنيك بيديه المنشار والشنكري والفارة والمقياس ويأخذك الى ورشة التصنيع الفني البولتكنيك .. ويأخذك مدرس الفيزياء الى المعمل في مدرسة الجريذي حصة تطبيقية على التجارب التي اخترعها وطبقها طلاب العام السابق وكيف تم توليد الطاقة الكهربائية وماهي المواد المطلوبة لتوليد الكهرباء . لهذا كنت اسابق الوقت واذهب كل صباح للمدرسة رغم ان دراستي في الفترة المسائية ،، كان خدي يلتصق بحماية النوافذ واصبعي مشبوكة في تلك الحماية من خلف النوافذ خارج المكتب كل صباح اتفرج واتابع ما يحدث في مكتب المدير من انشطة مدرسية اشاهد الآلات الموسيقية الايقاعات آلة القانون ، الدف ، الساكس فون . الناي البيانو الكمان المزمار الشاكوش ، الاؤرج ، كم من الات موسيقية في ذلك المكتب وكم من ادوات رياضية تلك الفرشان الأسفنجية والذي كان الطلاب في وقت الاستراحة يمارسون نشاط الجمباز ، وكرة السلة ،والطائرة ، والتنس، والشطرنج وكرة القدم . كان الطلاب كل صباح يتسابقون ليكون في أول الطابور ليتم ممارسة طقوس الطابور الصباحي والانشطة الرياضية بكل فخر يفتتح اليوم الصباحي بآية من الذكر الحكيم ثم يخرج من يردد انشودة ، وطني / وطني أنت ملهمي هزج المغرم الظميّ أنت نجوى خواطري و الغنا الحلو في فمي و معانيك ، شعلة في عروقي و في دمي أنت في صدر مزهري موجة من ترنّم و صدى مسكر إلى عالم الخلد ينتمي و نشيد … معطّر كالربيع … المرنّم و هتاف مسلسل كالرحيق … المختّم
، ثم النشيد الوطني قبل النشيد الوطني كان يخرج ثلاثة من الطلاب يأخذون ثلاثة من الأعلام مرفوعة على حزام البنطلون لثقلها ،، ويديه مشبوكتان بطريقة عسكريه على العصا التي تحمل العلم ويتقدم هؤولا الثلاثة رئيس الطلائع مع التحية. يتوسطها العلم الجميل علم المراسيم لو اخذنا جودة العلم الأن في هذا الزمن فهو يساوي النوع الذي يوضع في القصور الرئاسية، ثم يبدأ النشيد الوطني مع مكبرات الصوت وتسمع الطلاب يحفظون النشيد بكل كلماته ولا زلت احفظ تلك الكلمات في النشيد التي تم استبدالها بعد العام 90م كنا نقول (عشت ايماني وحبي أممية ) فتم تحويله بعد الوحدة ( عشت ايماني وحبي سرمدية ) . وامسيري فوق دربي عربيا . ما اجمل تلك الايام . ينتهي النشيد الوطني ثم يصرخ رئيس الطلائعين لكل الطلاب في الطابور الصباحي وهو يؤدي التحية أيها الطلائعيون : كونوا مستعدون من اجل ألنضال للقضية الوطنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية فيرد الطلاب بصوت قوي (نحن دايما على استعداد ).
كنا نسعى الى وحدة الوطن منذ الطفولة تربينا كل صباح ان نجدد الولاء لله ثم للوطن وان نتعلم معنا الوطن وحب الوطن ..لم نكن نعلم بانه سيتم طعن طفولتنا بخنجر الغدر ومن رقابنا بصرخة الطاغوت وبصرخة الموت لأمريكا .
صحيح بانني لم التحق بالفترة الصباحية قبل الوحدة تبخرت احلامي في نهاية الصف الرابع بوحدة الشمال والجنوب. وينتهي مع هذه الوحدة الخبيثة كل تلك الأنشطة وكل ما ذكر أعلاه .
لكني تعلمت كل ما كان في تلك الفترة صباحا ومساءا .. تعلمنا حب الوطن في الطابور في الفصول الدراسية في الدروس في صور واغلفه الكتاب المدرسي ، من معلمينا من الانشطة الرياضية التي كنا نتعلمها من التلفاز داخل الأسرة في الروضة في الأسواق في الملاعب في المساجد غرسوا في قلوبنا شيء اسمه حب الوطن . نعم علموا اولادكم الحب والعشق الذي لا ينتهي عند الإنسان هو حب الوطن، وهو المكان الذي مهما تغربنا وذهبنا وبعدنا عنها مصيرنا الرجوع إليه. علموا أولادكم ان الوطن هو الراية التي ترفرف عالياً في السماء لتذكرك بأن ترفع رأسك لأنك تنتمي في النهاية لوطنٍ يحميك ويتباهى بك فرداً من أفراده، وجنديا على حدوده، ومعلماً في مدارسه تعلم الأطفال حب الأوطان، وفلاحاً في الحقول، ومزارعاً تزرع الوطن ليغدو وطناً أخضراً مشرقاً بالحياة بسواعدك أنت وبزنودك أنت حتى تأكل من خير وطنك وتتباها بما صنعته يداك . سننتهي وسياتي جيل جديد مسلح بالعلم، و تسري في عروقه الوطنية من راسه الى اخمص قدمية . نعم سينتهي جيل البطانيات والاضرابات لانهم لم يتعلموا معنى حب الوطن .