الأسمر النحيل المقاتل المقدام ببزته العسكرية مقاوماً وببزته المدنية محافظاً في ظرف صعب ومخيف اعتذر فيه عرابدة الكلام ودنجوانات الرغي الثرثار وقد أقفلوا تلفوناتهم وأداروا ظهورهم لعدن النازفة في واقع من الإحباط والفشل أبى "جعفر محمد"سعد فقط دون سواه أن يحمل روحه على أكفه ويتحمل المسؤولية التي هرب منها كهّان السياسة وأساطين المناصب! جعفر الذي نجا بأعجوبة في موقعة خيانة العند الشهيرة إثر إصابته بعد أن نفذت ذخيرته وهو يقاتل حتى آخر لحظة رافضا الاستسلام لطلائع أمواج الغزاة القادمة من عصور الدولة المتوكلية !
جعفر القائد الذي لبّى نداء الوطن في زمن عز فيه الرجال أمثاله بعد أن تعرّت وجوه طوابير الخيانة في سابقة كسرت مصطلح الطابور الخامس وقد أُسدل ستار الحقيقة عن طوابير من العملاء والمرتزقة اللصوص الذين مَهّدوا للغزاة سقوط عدن!
جعفر لم ينكسر وأدرك أن الحرب هي ذاتها الحرب التي وأدت فيها عدن قبل عشرين عام ولم يهادن أو يتماهى مع شعره معاوية الشرعية قالها بملء الفم الحرب شمالية جنوبي !
جعفر مهندس خطة التحرير وعملية السهم الذهبي المقاتل النبيل الذي لم ينفك يصدر توجيهاته للقادة العسكريين على الأرض بإلتزام التواصل الدائم بغرفة عمليات قيادة السهم الذهبي والرئيس هادي يكلفه بالإشراف المباشر على التواصل مع قيادة التحالف العربي عرفاناً ومعرفةٍ بمن يكون جعفر!
جعفر المحافظ الشهيد حياً منذ تسلمه قيادة المحافظة وهو يدرك أن الموت يتحينه غدراً وخسة في أي وقت! جعفر الذي أحيا العزائم وأوجد الإرادة وأغض مضاجع الظلام التي لا تريد لعدن أن تنهض لتستعيد الحياة من جديد! جعفر الذي أذهل الجميع يصول ويجول ولا يضيع وقتاً وهو يجاهد في معركة بقاء أبى إلا أن يفني حياته من أجلها وحدها معشوقته عدن!
جعفر في المحافظة يرأس اجتماعاً جعفر يباغت إدارة الدولة بزيارات مفاجئة جعفر ينهي حالة احتكار مناقصات مشتقات النفط جعفر يوجه بمضاعفة الجهد في مؤسسة الكهرباء لمضاعفة تحسن أداء الخدمة المستقرة نسبياً جعفر يذلل كل الصعاب أمام الهلال الأحمر الإماراتي لبدء إعادة إعمار المستشفيات والمدارس وتقديم المساعدات الغذائية والصحية العاجلة جعفر لا تهدأ له قناة مجاهد لا يخشى الموت!
جعفر يستقبل كل من طرق باب مكتبه هذا إن وجد وقت ليهنأ بوقت من الراحة إلا أن الحرص على الاستماع لهموم الناس من أولى أوليات الرجل الذي كان جهده ووقته رهن خدمة الناس!
جعفر أزعج أعداء الحرية لعدن كثيراً كالطود يقف أمام أجندتهم ومخططاتهم ضد كل ما يمت بصلةٍ في تفويت الفرصة في ضرب عدن التي استطاع جعفر أن يقود دفة حركتها في زمن قياسي لم تتحمله عقلياتهم المدمرة العبثية التي تفقه فلسفة معاول الهدم من أجل الارتزاق البخس! جعفر صباح السادس من ديسمبر 2015م يخرج من عرين مكتب المحافظة متوجهاً لمدينة التواهي وفي وسط الطريق تتلفظه حمم مفخخة غادرة لتصيب سيارته إصابة مباشرة أدت إلى تقلبها لتجثوا به وهي تحترق لنصف ساعة قبل أن تنفجر به ومرافقوه الأبطال في مشهد مأساوي إجرامي لتغتال عدن في رمز مدنيتها الشهيد جعفر!
جعفر رحلت عنا قبل عام وكم كان يوم استشهادك حزيناً أيها الشهيد المقاوم المحارب وإنّا على دربك يا جعفر سائرون نتذكرك ذكرى استثنائية في حياتك الاستثنائية وجهادك الكبير حين قدت سفينة عدن ولم تخشى كل أعداء الحي لعدن لنردد في صمت مهيب لم تعرف عدن عاشقاً وشهيداً كجعفر محمد سعد!!