مؤخراً أعلنت معظم حكومات العالم عن موازناتها العامة التقديرية لعام 2017، وحتى البلدان التي ما زالت غارقة في أتون الصراعات والحروب الأهلية أعلنت عن موازناتها التقديرية لعام 2017، وهنا تنبهت حكومة الشرعية وبادرت - على استحياء - بتوجيه الجهات المختصة بإعداد موازنتها لعام 2017 بعد أن أوشك العام المنصرم على الانتهاء... وبعيدا عن حكومة الشرعية وموازنتها التقديرية يستعد الانقلابيون في صنعاء للإعلان عن تمديد العمل بموازنة عام 2014- باعتبار ذلك الإجراء عملا قانونياً في ظل ظروف الحرب القائمة... وبين موازنتي الشرعية و الانقلابيين تبرز معالم الاقتصاد المنهار وتتشكل اللادولة في أبرز وأخوف صورها - في المناطق المحررة وغير المحررة على حدٍ سواء. في عام 2015 اتخذ الانقلابيون قراراً بتمديد العمل بموازنة عام 2014 التي بلغت 13 مليار دولار وبعجز بلغ 3مليارات دولار - وهذا إجراء طبيعي في ظل ظروف الحرب التي تعيشها البلد - واتسع العجز في 2015 ليصل إلى 5 مليارات دولار. وفي 2016 تكرر أيضاُ تمديد العمل بموازنة 2014، وتفيد بعض الإحصائيات أن العجز وصل في 2016إلى ما يزيد عن 8 مليارات دولار... الواقع الذي يجب أن ندركه أن تمديد العمل بموازنة 2014 لم يشمل إلا الباب الخاص بالمرتبات والأجور وبعض النفقات التشغيلية لبعض المرافق الحكومية، وما سواها تم تخصيصها لدعم المجهود الحربي ولشراء ذمم وولاءات مراكز القوى والمتنفذين. ولذلك لم تكن تلك الموازنة في الواقع سوى "موازنة طوارئ" لا غير في ظل اقتصاد الحرب... مؤخراً أعلنت حكومة الشرعية عن البدء بإعداد موازنتها العامة والتي ستشمل المحافظات المحررة وغير المحررة. طبعاٌ موازنتها تلك لا تعدو عن كونها موازنة طوارئ، ربما حتى من الناحية القانونية من الخطأ أن تسميها الحكومة بالموازنة العامة للدولة طالما أنها تفتقد الكثير من أسس ومبادئ الموازنة العامة وسيكتنفها بدون شك الكثير من القصور نتيجة للواقع الذي فرضته الحرب. إذاً واقع الحال يبين أن هناك موازنتين سيتم الاعلان عنهما وهما في الحقيقة لا تتعديان عن كونهما موازنتي طوارئ لا غير، وعلى هذا الأساس يجب أن تعد حكومة الشرعية موازنتها لعام 2017، والعبرة ليست في الإعلان عن تلك الموازنة بل أن العبرة هي في عمل الموازنة التي يمكنها أن تحول دون حدوث انهيار اقتصادي في البلد خصوصا في ظل مؤشرات اقتصادية خطيرة تهدد بذلك. فالموارد الاقتصادية التي تعتمد عليها الدولة بشكل أساسي لرفد ميزانيتها العامة متوقفة في ظل ارتفاع حجم النفقات العامة جراء الحرب القائمة، وهذا يأني في ظل تدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية وارتفاع معدل التضخم الذي بلغ وفقاٌ لبعض التقارير غير الرسمية أكثر من 35%، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية التي تنذر بكوارث اقتصادية كبيرة في حال تم تجاهلها وعدم العمل على تلافيها ولو بالشكل الذي يحول دون انهيارها. وعلى كل حال أياً كان مسمى تلك الموازنة وحجمها يجب أن نتذكر أننا في مرحلة النضال من أجل استعادة وطن ذهب في غياهب الحروب والصراعات ولذلك فإن الموازنة التي ستقرها الحكومة في ظل هذه الظروف هي في الأساس "ميزانية وطن".. ولذلك ينبغي أن تكون تلك الميزانية بالمستوى الذي تتطلبه المرحلة والأهداف التي ننشدها جميعا لهذا الوطن.