عندما تحدثُ في مقالًا نُشر على صحيفة الأمناء لعددها(546) بتاريخ 3 يناير_كانون_الأخر 2016م –وكان بعنوان:"عام2016م، وتأملاته؟!!"– قلنا فيه بأننا ودعنا عام"2015م" المأساوي الذي أُزهقت فيه الدماء، وكان عامًا كارثيًا؛ حتي اسميته بعام الحزن؟!! وقلتُ أيضًا إنه يجب أن نسّتبدل صفحة عام"2015م" السوداء بصفحة عام"2016م" البيضاء بإذن الله... لكننا بعدما غصنا فيه لم اتوقع قط بأن عام"2016م" سيكون بتلك البشاعة والكارثية، وأن الدماء ستُزهق فيه بكثرة، وبطرائق مُتعددة ومختلفة –غير طرائق عام"2015م"، الحرب– كالتفجيرات والاغتيالات والمفخخات والانتحاريون والقصف وغيرها من الطرائق الدنيّئة التي استخدمها هؤلاء –الخارجون عن الدين– في قتل الكثير من الأبرياء والشباب والأطفال والنساء والعجزة... فرحلة عام"2015م" كانت مأساوية، ولكن رحلة عام"2016م" كانت أبشع وأجرح وأعمق؟!! كيف لا، وهو العام الذي سُفكت فيه الدماء حتى وصلت عَنَان السماء، ففي عدن الجنوبية تعدت دماء"2016م" ما سُفكت في الحرب التي شنتها الميليشيات الحوثعفاشية في منتصف مارس_آذار 2015م، "وأشك بأنها حربين بوجهان لعملة واحدة"…
ففي 4 مارس_آذار 2016م، حدثت حادثة بشعة في دار المسنين راح ضحيتها(16) شخصيًا، وفي 28 مارس_آذار، لنفس الشهر قتُل وجرح المئات من المواطنين في سلسلة انفجارات في مستودع للأسلحة بعدن، وفي 23 مايو_أيار، سقط(41) شابًا، وجرحى(70) آخرين في تفجير انتحاري امام منزل عبدالله الصبيحي بخور مكسر، وفي 6 يوليو_تموز، انفجرتا سيارتين مفخختين امام بوابة معسكر الصولبان –فجر عيد الفطر المبارك– ليخلف عددًا من القتلى والجرحى، وفي 22 يوليو_تموز، من نفس الشهر قام مجهولون باستهداف بوابة المطار بقذائف الآر بي جي، وفي 29 أغسطس_آب، قتل أكثر من(60) شابًا، وجرحى(120) أخرين، جراء انفجار سيارة مفخخة في حي السنافر بالشيخ عثمان، وفي 29 أكتوبر_تشرين_الأول، انفجرت سيارة مفخخة استهدفت البنك المركزي بكريتر، وفي (3 و 4)من نوفمبر_تشرين_الأخر، سجلت مدينة عدن أعلى معدل لانطفاء الكهرباء منذ"50" عامًا، حيث وصلت ل(7) ساعات دون كهرباء، مقابل(45) دقيقة تشغيل فقط، لتكون انطفأت الكهرباء كالانفجارات تمامًا –تقتُل الشعب دون سلاح–، وفي 10 ديسمبر_كانون_أول، سقط أكثر من(50) شابًا، وجرحى(65) أخرين في تفجير انتحاري امام بوابة معسكر الصولبان بخور مكسر، وفي 18 ديسمبر_كانون_أول، سقط أكثر من(50) شابًا، وجرحى(50) أخرين في تفجير انتحاري بجوار منزل العنبوري خلف معسكر الصولبان بخور مكسر… ولا ننسى يوم 27 يونيه_حزيران، حينما وقعا تفجيرين في المكلا راح ضحيتهما العشرات من الشباب، وأيضًا ما حدث بكلٌ من(ردفان، وأبين، ويافع)، وغيرها من المحافظات الجنوبية… وهنالك عدت أحدث وجرائم حدثت في العام"2016م" من اغتيالات وتفجيرات، ونحتاج لمجلدات لسردها كاملًا، وما ذكرته ما هو إلا غيّضًُا من فيض؟!!
فالمحافظات اليمنية –وخصوصًا الجنوبية– تعرضت لأعمال إجرمية حقيرة، وعديدة في العام"2016م"...
وإذ ما تحدثنا عربيًا فالمأساة أكبر وأبشع، وما حدث في مدينتي "الفلوجة" و"الموصل"العراقيتين كان شيئًا مفزعًا للإنسانية، لتأتي مدينة "حلب"السورية لتعلن أن لا إنسانية في المجتمع إطلاقًا؟!! ولا أنسي أيضًا ما حدث في كلٌ من(ليبيا وتونس والسودان والاردن ومصر) –وخصوصًا أخر حادثتين، والتي كانتا في القاهرة في شهر ديسمبر_كانون_أول، فالأولي كانت يوم الجمعة امام مسجد السلام، والأخرى كانت يوم الأحد امام الكنيسة المسيحية في العباسية"الكاتدارائية"، والتي راح ضحيتها أكثر من(25) شخصًا، وجُرحي أكثر من(73) أخرين...
وأخيرًا، لن أنسي ما حدث في مكةالمكرمة –أطهر مكان علي وجة الأرض– من تفجير انتحاري على مشارف المسجد الحرام، وغيرها من الإعتداءات التي تطال بيت الله الحرام... وما ذكرته من أحداث –عربيّة، وجنوبيّة ويمنيّة– ما هي إلا نقطة في بحر الآلاف من الأحداث البشعة، والمأساوية، ولو كنا تحدثنا علي المستوي العالمي لكان الموضوع خارج السيطرة تمامًا؟!!
وهنا نحن تحدثنا عن البشاعة الإنسانية من ناحية التفجيرات والانتحاريون والقصف والمفخخات، وغيرها من الأعمال الاجرامية، وبقي علينا أن نتحدث عن موت الأطفال والشباب والنساء والعجزة الذين يموتون جوعًا وعطشًا، ولا يجدون ما يسد رمّق جوعهم وعطشهم، من شدة الفقر، والأمراض والأوبة التي استفحلت جراء الحروب في كلّ بقاع الأرض، –والحديدة اليمنية أنموذجًا لانهيار الإنسانية؟!! وتجدر الأشارة كذلك إلى من يقبعون في السجون، فيتعذبون، وتمر عليهم الّلحظات ببطء، والثانية كالدهر وهم مسجونون ظلمًا وزورًا (وأتمنى الافراج عن كلّ الصحافيون والإعلاميون المسجونون في كلّ بقعة على الأرض)…
ولكن.. وبرغم كلّ ما ذكرته آنفًا، وكلّ تلك الأحداث والمأسي والأحزان والدماء إلا إننا نظل نتمسك بتلابيب الأمل والتفاؤل لنغدو لغد مُشرق يرسو فيه السلام والمحبة والآخاء... فها نحن نودع العام"2016م" الذي تمنينا بأنه لو لم يأتي، ولكن قدر الله ما شاء فعل؛ وما زلنا في بودقة التفاؤل والسلام نُُبحِر، ونتمني من الله عز وجل بأن يكون عام"2017م" عامًا نتجاوز فيه كلّ الصعاب وتحديات الماضي، وأن نتطلع لحاضر أفضل بعيدًا عن العنصرية والطائفية والمشاحنات البغيّضة، وأن نمد ايدينا لبعضنا، ونتكاتف لنصلح ما افسدته حماقاتنا الصبيانية في الماضي، وأن نجعل السلام والمحبة والأخوة دستورنا، والتعاون والأمانة والتسامح قانونًا لنا، والعلم والثقافة والتعليم سلاحنا، وأن نجعل قرآننا وسنة نبينا(محمد) "صلوات ربي وسلامه عليه" مرجعيّتنا…
فكلّ عام وأمتنا العربية_الإسلامية بألف خير وسلامة ومحبة… وهي ياأعزائي لنباشر بالدعوة للسلام والمحبة لعام"2017م"، ولنصفي قلوبنا ونطهرها ليعُم الحب فيها...