إهداء لأخي العزيز الأستاذ صالح علي الدويل باراس... الوحش يكمن في بنية التفكير الطائفي والمناطقي، كبنية تقوم على العنصرية، والوحشية تطبع سلوكهما كتحصيل حاصل لوجود الوحش هناك في تلافيف المخ.. الوحش في عقل الطائفي والمناطقي يربض ويتغذى من الضخ اليومي للأوهام، والصياغات العقائدية لفكرة ما تتركز حول الذات بجعل هذه الذات هي المحور لكل ما حولها. نعم جعل الذات هي المحور (الطائفية السلالية محور اليمن ويجب أن تكون النواة التي يدور اليمن حولها) و (المناطقية هي محور الجنوب الذي يجب علية أن يدور حولها ك إلكترون مسخ). الوحش الرابض في بنية التفكير هذه عندما يُستثار ينهض من تلافيف المخيال الإجتماعي للطائفيين والمناطقيين ويتحرك كديناصور أعمى يدمر كل شي يعترضه في وحشية لا مثيل لها... الوحش في بنية العقل والتفكير والوحشية في السلوك هذا ما يطبع الكيانات الطائفية والمناطقية
. الوحش والوحشية مظهرين من مظاهر الإيدلوجيا، والإيدلوجيا زاد الجماعات العنصرية، فلا يمكن أن يجتمع أفرادها إلا برسالة (سامية) تخص هذه الجماعة لوحدها. هذه الرسالة السامية التي تمثل الحقيقة النهائية لهذه الجماعة، هي الدينامو المحرك للوعي لهذه الجماعة هي الوحش ذاته. الإيدلوجيا تتقمص السياسة لحشد (الأغيار) الذين لا ينتمون للجماعة بشعارات تحشد هؤلاء خلف الجماعة نعم خلف فقط بلبوس في ظاهرها وطنية لكن جوهرها مختلف . كتب لي صديق لماذا نحن في شبوه لا نتفق مثل كذا أو كذا، فقلت له: نحن شعب لا تجمعنا عصبية، لذلك تجد كل فرد يملك حرية قراره فليس هناك جماعة يدور في محورها تؤثر عليه في تفكيره وسلوكه، إلا ما يملية عليه ضميره.
رد صاحبي ولكن المناطقية موجوده.. فقلت له: تختلف المناطقية عندما تكون سلوك فردي لزيد أو عمر من الناس عن أن تكون سلوك جماعي مطبوع بهوس عنصري لجماعة معينة. نحن في الجنوب دفعنا ثمن غالي جداً نتيجة للتحيزات المناطقية واليوم تعود المناطقية لتطل بقرونها الوحشية مجدداً، لتأخذنا من (سنحان إلى سناح) و (من يد قرقر إلى يد قرقور) وهنا قمة المأساة المضحكة جداً. لا حل لهذه المشكلة مطلقاً إلا بتبني المشروع الوطني الإتحادي للدولة اليمنية لكي تعود المناطقية كما الطائفية إلى بيئتيهما المحليتين وحينها ستتفكك بنية الطائفية والمناطقية في المجال الوطني العام. الشوق المتأجج الكاسح لإستعادة الدولة في الجنوب من قبل المناطقيين ليس شوقاً وطنياً البته، بل شوق لإعادة الذات المناطقية للواجهة كمعادل للذات الطائفية المقابلة التي تسعى هي الأخرى للسيطرة على ما تعتقده مجالها الحيوي. هنا مكمن الخطر لإن إنتصار الطائفيون شمالاً والمناطقيون جنوباً يعني عودتنا للزريبة القديمة والصراع القديم بكل ما تعنية الكلمة من معنى.
مشكلتنا الكبرى أن المشروع الوطني اليمني الإتحادي الذي تقوده الشرعية جمع في صفوفة المرتزقة والإنتهازيين والمعاقين سياسياً ووطنياً وأصبح المشروع بتمثيلية باهتة إلى حد ما، وهنا يكمن الخطر، فهذا المشروع بحاجة إلى رجال ونساء بمستوى أهميته وتاريخيته. الرئيس هادي ونائبه الفريق علي محسن الأحمر والأخ الدكتور أحمد بن دغر رئيس الوزراء يتحملون مسؤليات جسام في هذه المرحلة أتمنى أن يمضوا بالمشروع الوطني لغايته الكبرى بقيام الدولة الإتحادية ذات الستة أقاليم كما أقر مؤتمر الحوار الوطني وهنا سنقول أنتصر اليمن.