كان يوماً يسودهِ الصمت ويكتنفه الهدوء واجوائا وسماء تملؤها غيوما سوداء،وكان البرد غارساً، منذ ماقبل الغروب. ثم وقبل موعد صلاة الغروب واذا باصوات مرتفعة بغتة تعلوا، وترتفع الصيحات وأسراب من الطيور شهدناها تذعرا من الصرخات، والناس يهرعون، منهم من لجّم، والاخر من أغمي. عند وصولنا فاذا بالخسارة كبيرةً والفاجعة صادمة كانت مأساة اخرى تضاف الى مآسينا وآلامنا، لقد كان الرجل الصلب والمناضل الفذ، والانسان الصادق، والعقيد البطل( فاضل سعيد صائل الردفاني)قد رحل،وانتقلت روحة الئ بارِئها،ولم يعد هناك شيئا يمكن فعله غير اعتصار صدمة مهولة بداخلنا والوقوف ببلاهة من لايستحضر عقله الزمان والمكان.
حقيقة يعرفها بلا شك كل من عرف ذلك الرجل اننا فعلا برحيله خسرنا وخسر الوطن الجنوبي مجددا، بلا شك كل من عرفه يوما يعرف ان رحيله هو خسارة كبيرة لبطل مغوار من ابطال الجنوب الميامين، وهامة من هاماته السياسية والعسكرية والاجتماعية الذين قلما تجود بهم الايام والازمان.
كان الفقيد الراحل من المناضلين القدامى الذين كانت حياتهم مملوءة بالبطولات والمآثر الفذة ،ومواقفة المشرفة في الكفاح المسلح والنضال الوطني ووقوفة ضد العدوان الشمالي المتخلف ليضع هو الاخر كل بصماته التي لاتمحى في ميادين السلم والسلاح..
شارك الفقيد في معركة حرب صيف 94م عندما اعلن الطرف الشمالي الحرب على الجنوب وكان آنذاك في جبهة العند قائد للواء الصواريخ دفاع جوي، صمد هو وزملاء له في الجبهة وقاتلوا قتال الابطال حتى بدت قوات الاحتلال تحكم سيطرتها على الحدود الجنوبية وسقوط جبهات عدة وكانت جبهة العند الاكثر اشتعالاً من اي جبهة اخرى وتم اجتياح الجنوب من الشرق الا انه استمر يقاتل ورافضا الانسحاب حتى خرج منها جريحاً اثر اصابته بطلق ناري اخترق صدره بالقرب من القلب حتى سكن في ضهره..
وطوال سنوات مابعد صيف 94م المشؤوم ظل الرجل الشجاع يحمل كل ألآم والويلات والقهر الذي يتكبده شعب الجنوب،وجراء سياسة الاحتلال والاستبداد. الى ان بدأت مؤشرات الثورة والغضب الجنوبي ليسارع الرجل للانخراط فيها، ثم اعلن الجنوبيون ثورتهم السلمية علانية وكان الفقيد من طلائع الملتحقين بالثورة فكان له دوراً فاعلاً ونشاط سياسي مشهود ،وتنقل بين مناطق الجنوب وشارك في كثير من الفعاليات والمهرجانات واعتقل علئ اثر ذالك مرات. ولما اراد المحتل اخضاع ردفان وكسر شوكتها في عام 2008م لانه اعتبر النواة للثورة الجنوبية موجهاً كل فوهات المدافع عليها والرتل العسكري الكبير زاحفاً صوب الحبيلين عاصمة ردفان حينها ذهب البطل حاملاً سلاحه على كتفه متجهاً الى المعركة والدفاع عن ردفان فتجه الى جبل لحمرين لقطع المدد عن العدوان فضل يزئر على قمم جبالها حتى اُنزل محمولاً جريحاً اثر اطلاق مدفعية كاتوشاء من قِبل العدو راح ضحيتها العديد من الرجال الاشاوس الذين صاحبوه في المعركة حيث هوا الاخر جرح ثم نُقل الى الخارج (الهند) لتلقي العلاج بسبب شظية سكنت عينه اليمنى على اثرها فقد بصرهِ..
وفي العدوان الاخير علئ الجنوب لم يبقى مكتوف الايدي فقد شمر من سواعده ورفد هوا الاخر بنفسه ذاهباً حيث يعشق وحيث تعود على هدير الكاتوشا واصوات المدافع تاركاً ورائه ثلاثة من البنين واربع من البنات ليختار لنفسه موقع في الجبهة الغربية جبهة نخيله فضل هُناك يقاتل حتى تم طرد كل فلول الاحتلال وإعلان العاصمة عدن ولحج مناطق محررةً.
لاجلسه من مجالسة تخلوا من دراسة الاوضاع السياسية في الجنوب، وكان كل همه الاكبر هو وطنا حراً ومستقلا ،كما اشتهر رحمة الله بالمصارحة والصدق التي قلما تجدها عند قليل من بنو البشر ولايخاف لومة لائم،وكثير من الاخلاق والصفات الحسنه . الحقيقة مهما قلنا وانتقينا من الكلمات ورتبنا حروفها يستحال وصف مسيرة الفقيد ومشوار حياته، ويستحال سرد ماقدمه للوطن والمواطن.
رحل اليوم البطل فاضل ولكن ثق ايها الصنديد لن ترحل تضحياتك هباء، ولن تبارح ذكراك واعمالك ونضالاتك مخيلاتنا ومخيلات كل الوطنيون، وستبقى خالدةً محفورة بصدورنا ومكتوبة بدماء قلوبنا ما حيينا..
خالص العزآء والمواساة الئ اسرة الفقيد البطل الراحل وفي مقدمتهم نجله البطل مثنئ ابو زياد واشقائه جميعاً. ونعزي اهلناء واخوتناء في مسقط راس الفقيد ردفااااان حبيل جبر وادي (الرحبة). وانها لتعزية لانفسنا ووطننا الغالي بهذا المصاب الجلل. تغمد الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه الفردوس الاعلى في الجنة ،وألهم اهله وذويه وكل محبيهِ الصبر والاحتساب وان لله وإنا اليه راجعون.