الشعب هو المصدر الأول للمشروعية؛ منه تأخذ مشروعيتك الثورية النضالية أوالسياسية أوالحربية.. والتفويض الشعبي يختلف من نشاط إلى آخر؛ فالتفويض الثوري للحديث والمطالبة يحتاج لحشد شعبي أقل من الحشد المطلوب لتفويض إعلان حرب لفرض المطالب الشعبية؛ فإذا كان تعداد الشعب حول 8 مليون، فيكفيك في التفويض الأول عدة آلاف، أما في التفويض الثاني فتحتاج حشد يتجاوز المليونين.. ولذلك يلزم الحركة النضالية العمل الدؤوب من أجل تعزيز التفويض الشعبي.. وتعزيز التفويض الشعبي بالمزيد من المؤيدين يعني بلوغ النصاب الحاسم الذي يعطي للقيادة صلاحية ممارسة كل أشكال النضال لتحقيق الأهداف بمافيها إعلان الحرب.. والنصاب الحاسم يمكن تقديره بحشد شعبي يعادل نصف عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات.. وحتى تستطيع قيادة أي ثورة كسب المؤيدين حتى بلوغ هذا النصاب يجب عليها أن تضع حاجة المواطن نصب عينيها.. يجب أن يقتنع الشعب إن كل متطلباته أهداف أمام القيادة تناضل لتحقيقها في أسرع وقت؛ متطلبات الشعب اليومية والأسبوعية والشهرية والاستراتيجية أهداف ثوريَّة في المسيرة النضالية، تسعى لتحقيق كل ماتستطيع تحقيقه.. ومع مرور الوقت وتحقيق مزيد من حاجات المواطن يرتفع التأييد حتى تتحقق الأغلبية الساحقة من الشعب -إن لم يكن بالإجماع- وتمنح قيادة الثورة المشروعية المطلقة في الصراع "من المواجهة السياسية إلى القتال" حتى لو أصابت هذا الشعب المجاعة والأوبئة سيظل خلف هذه القيادة متمسكاً بها.
أيُّها الثائر؛ إذا كانت المجاري حاجة شعبية ماسة، تدفعه للالتفاف حولك، فساعد في حفرها حتى بيديك إن لم تجد معدة حفر، وإذا كانت الكهرباء حاجة ماسة؛ أجمع تبرعات الثوَّار أيُّها القائد الثائر ووفر له ماتستطيع توفيره.. وكذلك هو الأمن والتعليم والصحة والطرقات وغيرها حاجات شعبية، فكن مساعداً في توفير أي شيء منها وليس العكس.. عندما تسمع قيادات يقولون: توفير الخدمات لايعنينا، نريد دولة ولانريد كهرباء، فهذا كلام عاطفي يضر الثورة ولاينفعها، لأن الثورة تخسر الشعب الذي يجب أن يكون معها... إنَّ قول "لايعنينا" شعار إفشال، يضعه العدو على لسانك عندما يخترق ثورتك.
فعندما يكون قاطع الطريق واللص والمختلس والمرتشي والمزور والفاشل شخصيات قيادية في ثورةٍ ما؛ فأعلم أن العدو اخترق الثورة، ومع مرور السنين تفشل، فالشعب سيتخلى عنها تدريجياً؛ لأنَّه سيرى الثورة سيئة بنفس سوء السلطة الحاكمة، سواء كانت استعمار أوسلطة فاسدة، بل سوف يتمسك بالسلطة الحالية على عِلّاتها، لأنها ضمنت له الاستقرار بعكس قيادة الثورة المليئة بالتناقضات والتي تؤسس لحروب زعامات حتمية الوقوع.
أيُّها الثائر؛ لاتوجد ثورة من أجل الثورة، فالثورة ليست هدف بل أداة من أدوات الشعوب تستخدم لتحقيق حرية وحياة كريمة للناس.. عندما يستخدم الثورة بعض قادتها لتكون وسيلة لتحقيق مصالحهم الشخصية تحت عباءة النضال الثوري، ويكونون سبباً في تعاسة المواطن فهم بذلك يسيرون في طريق نهاية الثورة، حتى لو انخدع بهم جزء من الشعب، مع مرور الوقت يعرفون الحقيقة.. أيُّها الثائر؛ لاتعتقد أن الشعب في القرن الواحد والعشرين بنفس عقليته قبل خمسين عاماً؛ لم تعد الشعارات قادرة على خديعة الشعوب بوجود هذا الكم الكبير من وسائل نقل المعلومات والمعرفة.
أيُّها الثائر؛ لاتتجاهل حاجات الشعب فيوفرها خصمك، فتهتز ثقة الشعب بك، وتتولد ثقة جديدة في خصمك.. لاتعطي فرصة لخصمك لخدمة الشعب أكثر منك.. وتذكر الشعب الأسكتلندي الذي خاض صراع هوية وتاريخ ووطن وحرية وكرامة لأكثر من (1000) ألف عام، وفي الإستفتاء -2014- صوت لصالح الوحدة وسقط الاستقلال.. فمن الذي أسقطه..؟.. أسقطته حاجات الناس. عندما تبنتها حكومات (الاحتلال) عرفت واجباتها نحو المواطن، وعندما أرضت هذا المواطن جعلته ينسى كل الجرائم البشعة التي تعرض لها أسلافه.
ختاماً أذكركم بمقال كتبته قبل 7 سنوات عنوانه (الوحدة محمية بغباء الرفاق والاستقلال محمي بعنجهية الاستعمار) لاتخافوا فمهما بلغ غباء قياداتكم وانتهازيتهم فالاستقلال الجنوبي محمي بلصوص صنعاء، وفساد السلطة الشرعية.
كل عام والأمة الإسلامية والبشرية جمعاء في خير، أسأل الله أن يتقبل صيامكم وقيامكم، وأن يغفر ذنوبي وذنوبكم، وأن يجعلنا من عتقاء هذا الشهر الفضيل من النار.