يبدو لنا أنّ إنقطاعات الكهرباء ومشاكلها متعمدة ومقصودة فعلا ، وهي ليست بمنأى عما يجري من احتراب ، هناك مَنْ يتحارب بالرصاص والطيران والصواريخ والدبابات ، وهنا من يعلن حربه على المواطن بالكهرباء ، ويمارس لعبته المفضلة، طفئ لصِّي ، في تحدي واضح للقيادة الجديدة في المحافظة واختبار رد فعلها بعد إقالة المحافظ السابق بن بريك المشاكس في نظر الحكومة الشرعية ، وصاحب التصريحات الجريئة والقوية ، التي يتهم فيها الحكومة بالاستحواذ على حقوق حضرموت من الثروة وعدم الوفاء بتعهداتها والتزاماتها ، كما أتهم جهات عسكرية متنفذة برعاية الإرهاب في المحافظة ، وهذا على ما يبدو وراء إقالته ، إلى جانب عضويته في المجلس الانتقالي . عودة أزمة الكهرباء في الوادي وإنقطاعاتها المستمرة اليومية ، بعد أن شهدت تحسناً ، تؤكد بأنّ المواجهات مع مالكي المحطة الغازية ، لا زالت قائمة وأن الإجراءات القوية التي اتخذتها السلطات المحلية في شهر رمضان، وأدت إلى استئناف المحطة عملها ، غير كافية ، كما تؤكد أيضا بأن لوبي الفساد في المؤسسة العامة للكهرباء ، و في المؤسسة العامة للنفط ، استأنفا عملهما التخريبي لإحراج المحافظ الجديد وتعذيب المواطن ، لكن ثقتنا كبيرة في هذا المحافظ ، بأن يتصدى وبقوة للمخربين وينتصر للمواطن الغلبان .
الاتجاهات العامة لعمله ، التي أعلنها طموحة وتتسم بالواقعية ، ونتمنى ان تأتي في أولويات عمله ، تحسين أوضاع الخدمات ولا سيما الكهرباء ، وإيجاد حلول دائمة لها ، من خلال بناء محطات كهرباء تملكها المحافظة وتشجيع الرأسمال الحضرمي للإستمثار في هذا المجال ، والتخلص النهائي من المحطة الغازية ومشكلاتها المتكررة ، والتي على مايبدو أنها تعمل وفقا لأجندات سياسية . كما إنّ هناك أموراً على درجة كبيرة من الأهمية ، يجب أن تحظى بعناية وإهتمام خاصين من قبل سيادة المحافظ ، وهي وضع حد لحالة الفلتان الأمني والغياب القوي لسلطة الدولة الأمنية والعسكريةً في الوادي والصحراء ، مما تسبب في حدوث حالات قتل وتقطع ومواجهات قبلية مسلحة ، لثأرات قديمة . الوضع الأمني والعسكري في الوادي والصحراء ، يمثل التحدي الحقيقي لسلطة المحافظ الجديد ، فهل يستطيع أن يٌخْضِع الوادي والساحل لسلطة عسكرية وأمنية واحدة ، ويجعل أبناء الوادي يتولون ادارة هذا الملف ويتحكمون فيه ، كما هو حاصل في الساحل ، بدل الحالة الاستثنائية القائمة ، التي يحملها المواطنون مسؤولية الخلل الأمني ، الذي تشهده مديريات الوادي والصحراء . هناك قضية أخرى ، وهي مايتعلق بمنفذ الوديعة ، والتي لأتقل أهمية عن غيرها ، وهو من المنافذ البرية ، التي تقع في الإطار الجغرافي لمحافظة حضرموت ، لكنه لا يخضع إداريا لسلطة المحافظة ، ولاتذهب عائداته المالية إلى ميزانيتها ، حيث يشكو المسافرون مِنْ وإلى المملكة العربية السعودية ، من تعسفات وابتزاز القوات العسكرية المتحكمة فيه التابعة للشرعية .
هناك ملفات أخرى تنتظر المحافظ البحسني ، وهي من التحديات الكبيرة التي ستواجهه ، وتختبر صلابته وقوته ، الحرب على الإرهاب ، الذي كان له شرف التصدي له مع سلفه المحافظ السابق بن بريك وهزيمته في ساحل حضرموت ، بفضل قوات النخبة الحضرمية التي يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها ، فهي مصدر قوة حضرموت وعزتها، وبالتعاون مع قوات التحالف العربي ، وقد أنعكس ذلك إيجابيا ، فيما تشهده مدينة المكلا ومدن الساحل من استقرار أمني واضح جدا وفرض هيبة الدولة ، وإختفاء مظاهر تلك الدماء التي أريقت بغزارة ، في المعسكرات ونقاط التفتيش ، بفعل الأعمال الانتحارية المشئومة . اما في الوادي فلا زال الإرهاب ، يمثل تهديدا أمنيا كبيرا ، حيث البيئة الحاضنة المتمثلة في تشعبات الوادي وامتداداته الواسعة ووجود سلسلة طويلة من الجبال ، بالإضافة إلى حالة الفراغ الأمني ، الذي تشهده مديريات الوادي والصحراء، وعدم وجود جدية في محاربته من قبل القوات المتواجدة فيه .
كمايأتي ملف النفط والشركات العاملة في حضرموت ، وحرمان حضرموت وأبنائها من التمتع بهذه الثروة كحق من حقوقها ، لخدمة التنمية وحل مشكلاتها ، كالكهرباء والصحة والتعليم وغيرها ، لما تعرضت له من نهب وفساد من قبل القوى المتنفذة في النظام السابق ، ومن التحديات الأخرى التي تواجه المحافظ وسلطته ، والذي عادة مايكون هذا الملف سببا في توتير العلاقة بين السلطات المحلية والحكومات في المركز ، لرغبتها في الهيمنة وتهميش السلطات المحلية ، ومركزة كل شيء يتعلق بهذه الشركات من مكاتب التوظيف إلى الإشراف ، وحرمان المحافظة من الإستفادة من هذه الثورة ، أو معرفة أية معلومات تتعلق بها ، فهي من الاسرار التي كان الخوض فيها محرما ً.
بالتأكيد هناك الكثير من الصعوبات والعراقيل التي ستواجه المحافظ الجديد في عمله ، لكن نحن متأكدون بأنه سيتغلب عليها ، بتلك العزيمة القوية التي هزم بها الإرهاب في المحافظة ، وبما عرف عنه من صبر وشجاعة ونزاهة ، وبالتعاون مع كل الخيرين من أبناء هذه المحافظة ، وفي مقدمتهم أعضاء مؤتمر حضرموت الجامع ، لكن يظل ملف الكهرباء وإيجاد الحلول العاجلة لها في الوادي وغيره من مناطق المحافظة ، هو الأهم وأخطر هذه الملفات ، لارتباطه بالحياة اليومية للمواطن ، حتى لانقول رحل بن بريك ورحلت معه الكهرباء .