التصعيد القطري المتمثل بمطالبتها بتدويل الحج يعد مؤشر خطير يعكس مدى البعد الكارثي للأزمة في حال استمرار الأزمة القائمة بين خصوم المملكة العربية السعودية والمعبر عنه رسميا من خلال المواقف القطرية وبين المعسكر الخليجي الذي تقوده السعودية . التآمر على السعودية اليوم يدخل مرحلة اللعب على المكشوف ولم يعد هناك مكان للمواقف العربية والإسلامية التي لا تزال تراوغ وتقف في المنطقة الرمادية .
نتمنى على الأشقاء في قيادة المملكة أن يكونوا عند مستوى حجم التحديات التي باتت تشكل خطرا حقيقيا ليس على السعودية فحسب بل على المشروع السياسي والإسلامي الذي تحمله على عاتقها .
لذا في تقديري الشخصي فأنه يتوجب على القيادة السياسية السعودية أن تدرس جيدا خيارات المواجهة لديها خصوصا فيما يتعلق بخطابها الإعلامي وكذا تحركاتها الدبلوماسية في هذه المرحلة ، وأهم ما يجب عليها إدراكه في هذا الجانب هو الإجابة على السؤال التالي : هل تكمن مصلحتها حاليا لو أنها انطلقت في مواجهتا إعلاميا ودبلوماسيا من منطلق أن معركتها مع أعدائها خصوصا المعلنين كقطر أو الذين لا يزالون متسترون هي معركة دينية أم معركة سياسية ؟
مهم جدا أن تعرف قيادة المملكة العربية السعودية الإجابة على هذا السؤال خصوصا بعد أن نجحت قطر في إستفزاز المملكة وتجرأت بالمطالبة بتدويل الحج وهي ما تعد مناورة سياسية شيطانية أكثر مما هو مطلب ديني لا أقول لقطر ولكن للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تكررت مناوراتها من سابق في هذا الجانب دون أن يكون لها أي صدى يذكر ، وهنا نجد مع الأسف الإعلام السعودي يذهب إلى دعم هذه الفكرة والترويج لها بسذاجة .
بمعنى آخر قد تتطاول قطر مجددا تحت رعاية إيرانية أكثر لتعلن خطوتها التصعيدية القادمة المتمثلة بإعلان قطر رسميا أن هناك من بين الدول الإسلامية من هم أجدر برعاية المقدسات الإسلامية في أرض الحرمين من النظام السعودي الحاكم ، وإذا كان هناك من سيعتقد أن قطر حينها تعني بذلك إيراد الشيعية فهو مخطئ كون الآمال التركية الحالمة بإستعادة أمجاد دولة الخلافة الإسلامية العثمانية السنية ستكون في حالة تأهب تام لإقتناص هذه الفرصة التاريخية تحت حجة الدفاع عن مقدسات السنة والمسلمون عموما .
وهذا ما يجعلنا نعتقد أن التحديات التاريخية الراهنة التي تقف أمامها السعودية يجعلها بحاجة إلى إدراك حاجتها لإقامة تحالفات سياسية عابرة للقارات لا تحالفات دينية إسلامية يسهل حلحلتها كما هو الحال اليوم بعد أن خرجت قطر من تحالف الحزم والأمل لتتحول ضمن صفوف أعداء المملكة .