تمضي قطر في التعبير عن نفسها عبر التطرف والمبالغة، فتبذل محاولات العاجز المرتبك نحو تدويل مسألتها، متجاوزة منظومتها الخليجية، ومنظومتها العربية، وكل الأعراف السياسية والدبلوماسية، وقبل ذلك، كل القواعد والمبادئ الأخلاقية، وفي واقع الأمر، فإن تحالفات قطر ليست جديدة، حيث يصدقها الواقع، كما تصدقها تصريحات تميم التي زعمت الدوحة أنها «مفبركة»، وأن جهة مجهولة قامت بعملية قرصنة لوكالة الأنباء القطرية الرسمية، ولم يمر وقت طويل، حتى تفتقت العبقرية القطرية عن اتهام أبوظبيوالرياض بالقرصنة. الشاهد أن تحالفات قطر مع إيران وتركيا ليست جديدة، لكن تورط السياسة القطرية في «التفريس والتتريك»، وهي تتعامل في خلافها مع جيرانها وأشقائها، أمر يضع المسألة أمام طريق مسدود، حيث الحل إنما في الرياضوأبوظبي والمنامة، وخصوصاً في الرياض، وخصوصاً لدى المرجعية الخليجية والعربية الأولى، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. بهذا التجاوز المخل، تؤكد الدوحة، على الصعيد السياسي، أن انتماءها إلى حلفائها البعيدين أقوى من انتمائها إلى الجار والشقيق، وأن أولوياتها خاصة بها وحدها، من دون مراعاة مصالح منطقتها ومحيطها، وأبعد من ذلك، وَيَا للمفارقة، من دون أي اعتبار لمصلحة الشعب القطري الشقيق، حيث المصلحة في هذا السياق كل واحد لا يتجزأ، ما يعني أن قطر تسير في الجهة المعاكسة، خارج كل مبدأ، وخارج كل عقل أو منطق. هل الحل يا قطر بالاستقواء بإيران وتركيا ضد شقيقاتك في الخليج والوطن العربي؟ وأية قوة تترتب على هذا الاستقواء ؟ هذا الاستقواء يؤدي فقط إلى المزيد من الهشاشة والضعف، كما يذهب، أبعد، في فضح نظامك الذي تكشفت أخباره وأسراره، وأصبح على كل لسان. المشكلة هنا يا قطر لا هناك، والحل هنا لا هناك، فإلى متى تمارسين أسلوب اللف والدوران ومحاولة كسب الوقت، الذي هو، في الوقت نفسه، إضاعة للوقت؟ إلى متى هذا التخبط والتهور؟ هذا السلوك الذي يفضّل الجماعة على الدولة، والفكرة الضيقة على الفكرة المشتركة الجامعة، والبعيد الذي، له بدوره، حساباته وأطماعه، على القريب الحريص على العلاقة والمصير؟ إلى متى يا قطر؟ تدويل المسألة القطرية هو، في الواقع، تصعيد خطر، ولا يخدم أحداً أو هدفاً، اللهم إلا الأجندات الخارجية، وأجندات الظلام والتطرف والإرهاب، وهي التي كانت وما زالت محل اعتراض المملكة العربية السعودية والدول المتضامنة، التي تشكل معظم الثقل العربي، وأكثر من نصف الأمة العربية. لا لتدويل المسألة القطرية، ذلك لسان حال العرب في كل مكان، ولا لإتاحة موقع قدم في منطقتنا للتركي، أو للإيراني بأطماعه وأفكاره ومخططاته، فالتحالف معه، خصوصاً، هو نوع بشع وقبيح من أنواع الخيانة، خيانة الأمة والوطن والأخوة والمبدأ.