شاهدت فيديو "برنامج الصدمة" للنسخة اليمنية وكان المشاركين فيه من صنعاء وكان هذا الفيديو يتحدث عن طفلة صغيرة أضاعت أمها في أحد أسواق صنعاء ومكثت واقفة في أحد الشوارع تسأل المارة هل تعرف أين "أمي" ..! لن نخوض في تفاصيل مقطع الفيديو الذي كان مؤثراً لتلك المواقف التي شاهدتها فيه . حقيقةً لم أستغرب من تلك المواقف التي سجلها أولئك الشباب والنساء كون هذا الشي متوقع انه سيحصل مع اي أحد فينا ولكن ربما لكل شخص فينا طريقته للتعامل مع مثل هذه المواقف . مشاهدتي لهذا المقطع أعادت بي الذاكرة لفترة بسيطة من الزمن حين كنت أحدث بعض الأصدقاء من اليمن و مصر وسوريا والسودان عن بعض "المواقف" التي مرّت عليه ورسخت في مخيلتي متباهياً بها بأننا أهل نخوة .. وشجاعة .. وكرم .. وأن أجمل الصفات للإنسان تجدها في "اليمن" . منذ مطلع عام 2014 شاءت الأقدار في "اليمن" لنشوب بداية حرب وزادت حدتها في عام 2015 عصفت بنا حرب طاحنة في (جنوباليمن) آتيةً لنا من مناطق (شمال اليمن) استمرت قرابة الخمسة أشهر كانت كافية لتطحن الأخضر واليابس ولكن لطف الله بنا أن كان هناك تدخل من أخوة في بلدان الجوار . أيقضت هذه الحرب "أحقاد" في نفوس الكثير منّا ورسخت في أذهاننا صورا ان (شمال اليمن) أصبح لنا عدو مبين وان معول الشر يأتينا من هناك .. ولم نعد نتذكر في مخيلتنا تلك الأشياء الجميلة التي كنا نسمعها أو نشاهدها هناك ونتباهى بها. البعض لم يعد يتذكر .. الشهامة والشجاعة والنخوة والعروبة فيهم ..! فعلاً توجد هذه الاشياء هناك وأيضاً لا يلام أحد تناسى هذه الأشياء لهول ما حصل له من خوف وخراب ودمار وأيضاً قتل وتشريد ونزوح قد تكون مثل هذه الأشياء كافية لعصف ذاكرة أحد فيهم . صوّر لنا في عقولنا بأن صنعاء وغيرها من المناطق التي شنت علينا الحروب أنها أصبحت غير قابلة للتعايش معها وذلك بسبب هول مايصوره لنا الإعلام الذي هو عكس الواقع تماماً بأنه لم يعد للتعايش بيننا مكان وهذا غير صحيح .. ففي فترة الحرب التي حدثت في عدن وما بعدها زادت علاقاتي أكثر باشخاص من تلك المناطق التي نظنها مصدرة الموت .. طوال الفترة التي عشتها في حياتي لم أتعرف على أصدقاء من الشمال بمثل الذي تعرفت عليهم بفترة مابعد الحرب فالبعض منهم أصبح من المقربين إلى قلبي ونحن على أتم الإستعداد لنخدم بعض في اي شي بل أننا ننتظر تلك الفرصة التي نلتقي فيها إما في منطقته أو في منطقتي .. فقط كل هذه الأشياء أمآل مؤجلة لفترة ما أن تستقر الأمور في البلد . ولكن هم .. ليسوا جميعهم سيئين ولا جميعهم قتلة ولا أيضاً جميعهم راضيين بما يحصل لليمن شمالاً وجنوباً . لابد من صحوة مجتمعية بأن لا نصوّر في ذاكرتنا بأن صنعاء (شيطان) لا يمكن التعايش معها ولا صعدة مصدرة للموت لايمكن الوثوق بها . ومن هنا أنني أوجه دعوة أن نُحبي وطننا .. يعني أن تحيا أنت ومن معك أولاً . لكم أنتم .. هل رأيتم وطناً يعمر ب"السّب" و "الشّتم" و "اللَّعنات" .. هل سمعتم أن إحدى الدول نهضت على شتيمة عظيمة . هناك مبادئ إنسانية وكلامي هذا ليس تنظير وإنما تذكير بمبادئ جميعنا يحملها .. ف"الرسول" الكريم عليه السلام حدثنا عن الكلمة الطيبة بأنها تبني والعمل المخلص يبني والنية التي تحمل الخير للجميع أيضاً تبني .. حدثوني هل كلمات التذمر تفي بغرض ..هل العمل الفردي يعطي نتيجة أفضل من الجماعة . يا إخوتي إن بلادنا بلاد الخير كله ومن كان غير مؤمن بذلك يسأل أهل الخير والعلم والموعظة ومن كان لا يؤمن بهؤلاء ف يسأل أهل السياسة والعلوم ماذا تقول عن "اليمن" . أصبحنا نتذمر من حفرة في شارع وفي عقولنا ما هو اكبر من ذلك دون أن نبحث عن الحل وتركنا كل شي "للغد" الذي لن يرحمنا طالما ونحن لم نقدم شيء يخدم حاضرنا .