الحديث عن الدين في هذا الزمن المفخخ بالأفكار المتعصبة والتطرف والغلو , يشكل خطرا على الفرد ذاته , والمجتمع أذا ما طرحت أفكار تعيد لدين اعتباره , وتفسيرات علمية , لا تروق للبعض ممن يفسرون ما يطرح بقناعاتهم الذهنية المغلقة والمشوهة , من دعاة التكفير والتحريم والتجريم , فإذا بك في مشكلة ووضع لا يحسد علية , ما نواجهه اليوم من تطرف وغلو وصراعات سلبية مدمرة وأفكار ظلامية هو التفسير للنصوص والأحداث الملبي للقناعات الذاتية والأنانية و كثرة المزايدين و زعما حماة الدين زورا واستخدامه لإغراضهم وخدمة مشاريعهم كانت سياسية أو غيرها . تصف الموسوعة الحرة ,ألدين، كمصطلح يطلق على مجموعة من الأفكار والعقائد التي توضح بحسب معتنقيها الغاية من الحياة الكون وأسراره ، كما يعرّف عادة بأنه الاعتقاد المرتبط بما وراء الطبيعة الإلهيات،و يرتبط بالأخلاق , كما يقال الدين معاملة , وينظم العلاقات الإنسانية.
وهنا يأتي السؤال الذي يجب أن تجيب علية كل مرجعيات الأديان ومنها ديننا الحنيف الإسلام ,هل ما نحن فيه اليوم هو خلاف في منهج الإسلام وتفسيرات القران وسنة الرسول صلى الله علية وسلم ؟
أم أننا تركنا ديننا و أفرغناه من قيمه الإنسانية والأخلاقية لنركز على القشور , ومحطات الصراعات والتناحر ونعود إلى ما قبل 1400 عام لنفتش عن الثار وننبش مساوئ الزمن , ناسفين أن الدين ، قابلا للتجديد بحسب تطور الإنسان وعقله، قابلا للفهم بحسب ما يستجد من وقائع وأحداث، قابلا للتطبيق بحسب معطيات الواقع وظروفه .
الإسلام دين عالمي للناس كافة ,ولا يفرق بينهم على اعتماده بالجنس والنوع والعرق والمال والمكانة , بل التفضيل فيه على أساس التقوى ,لذلك الإسلام رسالة إنسانية وأخلاقية نفسية عالمية تعالج أمور الناس والحياة في كل مكان وزمان ويخاطب العباد والأمة , يخاطب الضمير ويعزز المشاعر الإنسانية .
تعايش الرسول عليه الصلاة والسلام مع غير المسلمين من اليهود والمسيحيين وغيرهم , يحن عليهم ويتعامل معهم كبشر وناس تستحق الحياة , لا يحرض لسفك دمائهم , وتشريدهم وحرمانهم من ابسط سبل العيش الكريم , أن كان قدوتنا , فالحقيقة لم نقتدي به , أصبحنا لا نطيق بعضنا بعض , نكفر المختلف عنا ونحرض لقتلهم , ونجاهد لاستئصالهم من الوجود في خرق واضح وجلي لتعاليم ديننا الإسلامي , ما يحدث اليوم في بلاد الإسلام والمسلمين من بعض الممارسات والأفكار , لا علاقة له بالإسلام وتعاليمه وقيمة وجوهره البراق , كدين المحبة والسلام والتعايش والوئام دين الرحمة , انه تبلي واضح على الإسلام , وهي أفكار يرفضها ويمقتها , أفكار ضالة من صنع الإنسان العامل النفسي السهل تطويعه وتغريره , وتشكيله خاصة في ظل غياب التعليم والتنوير والثقافة البشرية والعلوم الإنسانية , عندما تفرط العقول، طمع الإنسان في التسيد والهيمنة وحب الذات والأنانية , انظر لحالنا وحال الآخرين , فكيف بنا والبشرية تمر بأزمنة متغيّرة متجددة ، تنقل الإنسان وتغيّر حياته رأسا على عقب تنهض به وتعلوا , تجد في بلدان غير إسلامية قيم ومبادئ الإسلام , قوانينهم وعلاقتهم تحاكي جوهر الإسلام , وفي بلد المسلمين غابت هذه القيم والمبادئ الإنسانية وافرغ الإسلام من جوهره الإنساني والقيمي .
ومثال على ذلك الخطب الرنانة للشحن بالكراهية والتحريض الفج والصراعات المدمرة , لتشويه وتجريم وتكفير الأخر , تحول بعض المسلمين لجماعات مسلحة تقتل وتستبيح أعراض وكرامة أخوانهم المسلمين , تتشكل مليشيات طائفية لتأخذ بثار مر علية 1400 عام , اليوم الفرد المسلم يدرب على السلاح أكثر مما يكتسب علم ومعرفة ومهارة ليخدم الأمة , اليوم تغذى النفس البشرية بالعنف وصار من السهل على الفرد أن يذبح أخيه المسلم ويصلبه , دون أن يشعر بتأنيب الضمير , اليوم تحولنا لوحوش حتى مع أنفسنا , أسهل شي يقوم به البعض أن يفجر جسده في حضرت جمع من المسلمين أطفال ونساء وشيوخ , اليوم لدينا مرجعيات دينية تقود مليشيات الموت وتحاصر المدن وتقتل , وتعتقل وتصادر الحريات وتنتهك الحرمات بضمير ميت وشعور أنساني مفقود , وفي المقابل تجد من يبرر , ويساند , ويصطف مع مثل هولا مبررات أقبح من الذنب ذاته , تمعن في بلدي اليمن نخب انبطحت وتلطخت بالعنف ودماء الأبرياء , افرغوا من كل معنى أنساني وقيمي وأخلاقي , صار اللهث خلف السلطة والمنصب أمر طبيعي ومريح لهم .
العنف الذي رسخ التطرف بكل ألوانه وأشكاله ومكوناته , حيث أصبح العنف وسيلة للحسم والتخاطب وفرض أمر الواقع , والنتيجة واقعنا اليوم المخزي , واقع تصدره التخلف والطائفة والغلو بقوى عنف متعددة الأوجه والأجندات , واقع فرض لحماية الطغيان والمستبد والهيمنة وتكبيل الأفواه , ومعاقبة الأحرار , ومن أراد أن يخرج عن الطاعة , ما لفرق أن تكون تحت أمرت سيد أو زعيم أو أمير , جندي تحت الطلب لخدمة الطاغية .
ما حدث لعدن شيئا مؤلم , منذ أن غزاها التخلف والظلم والطغيان في حرب 94م الظالمة التي شكلت واقع مشوه , اخرج عدن عن سماتها وثقافتها جزئيا وظلت عدن تقاوم حتى كرروها في 2015 م الغزو الكهنوتي الطائفي المتوحش , وصمدت عدن , رفضت الخنوع والاستسلام وانتصرت , ولا زالت المؤامرة مستمرة , أيديهم تعبث بعدن , بمسميات عدة ومنها الإرهاب النتيجة الطبيعية للعنف والعنف المضاد , إرهابا تديره أصابع الموت والتخلف والاستبداد , تستثمر صراعاتنا الغير منطقية , ندمر أدوات التنمية السياسية والفكرية الأحزاب وهي جزء من واقع البلد تحتاج لتطهير من العبث والاستغلال لغير المصلحة العامة , يخطى من يجر الناس لصراعات حزبية ويهاجم فيها أحزاب بذاتها , بينما مشكلتنا هي القوى التقليدية عصابة الدمار والخراب ومن يصطف معها موجودة في كل الأحزاب تخدم بعض وتساند بعض , ضمن مخطط للبقاء متسيدة تجر الجميع لصراعات تخدمها , علينا أن نحدد بدقة الداء , ونوصف العدو بشخصه و ونحرر أحزبنا من تسلطهم وهيمنتهم استغلالهم , لا حياة سياسية ولا ديمقراطية ولا دولة ضامنة للحريات والعدالة دون أحزب سياسية متنوعة الأطياف والمشارف الفكرية , دون قبول الفكر الأخر والتعايش معا في وطن يجمعنا .
اليوم هزت كياني الجريمة الأخيرة في عدن , اقتحام مسلحين لدار العجزة وقتل عدد منهم بما فيهم الممرضات الهنود , الذي يقدمون خدماتهم الإنسانية لشريحة ضعيفة في المجتمع ومحرومة من الرعاية من ذويها وابنا جلدتها , جريمة غير كل الجرائم التي تشهدها عدن كل يوم تقريبا في بادرة توحي بالمستقبل المظلم الذي ينتظرنا أذا ما تنبهنا لها , جريمة توحي بحجم الكارثة الفكرية التي عبثت بشريحة مجتمعية وعوقتهم فكريا وإنسانيا ودينيا , من هو المنتصر في هذه الجريمة ؟ أنا كمسلم اشعر بالهزيمة والخزي والعار من هولا الذين يقتلون باسم الإسلام والإسلام بري منهم , عندما أتصور المشهد , أجد أننا أمام وحوش بشرية فقدوا الإحساس والإنسانية والضمير والدين , العالم ينافسنا على الخير ونحن نقدم أنفسنا كأشرار , يأتون ألينا ليقدموا خدماتهم ورعايتهم للضعفاء فينا كرسالة إنسانية نبيلة ونحن نجازيهم بسلب حياتهم وحرمانهم من العيش , وهناك فرق .
هل سيظهر في أخر هذا الزمان جماعة تدرك خطورة ما يدور و تنقذ الإسلام والرسالة المحمدية من هولا المجرمين والطائفيين , الذين يميزون أنفسهم ويتسيدون على القوم ومن الإرهاب اللعين الذي يهدد حيتنا واستقرارنا وأمننا , هل يصحوا المسلمين من غفوتهم ويصححوا مسار حياتهم , يقفون مواقف شجاعة ضد كل من يعبث بديننا الإسلامي ويستخدمه بصورة خاطئة ومضلله لأجنداته وأهدافه الضيقة والأنانية .