اشتد اللهيب في ليلة من ليالي مايو الحارة ممتزجاً بلهب القذائف التي تساقطت مطراً على سكان مدينة البسطاء دار سعد وقد وصلت الانباء أن الاشقاء الاعداء اصبحوا على مشارف العند وتكاد مدينة دار سعد تكون هدفاً لمدفعيتهم والخوف قد عمّ المنزل المكون من غرفتين ( مخزن ودارة ) وبنات العم صالح بتن ليلة مفزعة اليمة البنت الصغرى توسدت حجر ابيها طيلة الليلة ودمعها قد بلّ مئزر والدها وهي تتمتم وتهمس قائلة : ابي لابد أن نغادر المنزل ، لقد أصبح غير اّمن بالأمس انهالت القذائف على المنزل الواقع في حافة الشارع0 يرد الاب على ابنته المفجوعة بنبرةٍ حزينة وصوت فاتر متكسر ينم عن عجز وقلة حيلة قائلاً : إلى أين صغيرتي نتجه؟ وكانت البنت الوسطى متكئه على ظهر ابيها تسترق الهمس الذي يدور بين أختها وأبوها قائلةً : منزل الخالة مريم في المعلا ، فالمدينة هناك امنة لم تصل اليها قذائف مدافعهم 0 الاب لا يدري بما يجيب بنتيه الخائفتين وتنطلق من صدره زفرات تكشف عن خوفه وعجزه فتشترك في الحوار الابنة الكبرى التي كانت واقفة خلف النافذة الضيقة المطلة على الشارع ترقب الموقف بصمت قائلةً: منزل الخالة مريم مكتظ ، فخالتي فاطمة هناك مع اولادها وبسرعة القذائف الهاوية على المنازل يأتي رد البنت الصغرى قائلةً: وان كان الامر كذلك فالظرف يجبرنا على الذهاب الى منزل خالتي وهم يتفهمون الظرف 0 ينظر الاب الى بناته الثلاث فيرى العبرات في عيون بناته فاذا بشعاع الفجر يوشك أن يبزغ فيسارع الاب بالخروج للبحث عن سيارة تقلهم الى المعلا منزل الخالة وقبل أن يغادر يخاطب بناته قائلاً جهزنّ أنفسكنّ بما هو ضروري حتى اعود بسيارة تقلنا إلى منزل الخالة في المعلا0 خرج الأب يبحث عن سيارة تقلهم إلى بيت الخالة في المعلا ولم يتخطى ركن الحارة إلا وذوي القذائف يهز الشارع والناس تتجمهر وتتعالى الاصوات لقد سقطت القذائف على منزل العم صالح فيعود الاب ليرى ركام بيته قد اختلط بأجساد بناته التي اصبحت أشلاء متناثرة بين حطام المنزل والاب الجريح بصمت مميت يقف ينظر بألم وحزن عميق وعيناه وحدهما تتحدثان بدموع تساقطت مطراً لتمتزج بدماء أجساد بناته المتناثرة واخد الحاضرون مواساة العم صالح ولكن هيهات تخفف المواساة من شدة الالم واستمر في صمته حتى سقط صريعاً كمداً وحسرة وألما فاخد الناس يجعون الاشلاء وجثمان الأب الجريح 0