القوات الجنوبية تكبد مليشيا الحوثي خسائر فادحة بالضالع    حكومة التغيير والبناء .. رؤية واقعية تستجيب لاحتياجات المواطنين    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية وهبوب رياح شديدة السرعة    طارق ذياب ينضم إلى فريق برنامج "الثمانية" محللاً فنياً    الموعد والقناة الناقلة لقرعة دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية    انتقالي الضالع يدشن المرحلة الثالثة من تمكين المرأة اقتصادياً    تفشي موجة جديدة من الأمراض الوبائية في مناطق سيطرة المليشيا    تعز.. نقطة عسكرية تحتجز نائب مدير موانئ الحديدة وأسرته والمحور يرفض توجيهات المحافظ    استئناف أعمال الترميم والصيانة في قلعة القاهرة التاريخية بتعز    حين يكون القاضي على قدر من الحكمة والاحترام للقانون وتغليب المصلحة العامة    فؤاد الحميري، له من اسمه نصيب    "بعد الهاتريك".. رونالدو يؤكد أنه لا يزال في قمة لياقته البدنية    إصلاح الكهرباء: الاقتصاد لا يبنى في الظلام    عشر سنوات من العش والغرام واليوم فجأة ورقة طلاق    هل هما شخص واحد.. الشبه الكبير بين البغدادي والشيباني    حكايتي مع الرئاسة التلالية الأولى (2-2)    إيطاليا تعطي الضوء الأخضر لمشروع ب5،15 مليار دولار لبناء أطول جسر معلّق في العالم    يوليو 2025 يدخل قائمة الأشهر الأشد حرًا عالميًا    دراسة صادمة: "تشات جي بي تي" يوجه المراهقين إلى سلوكيات خطيرة وانتحارية    لهايات للبالغين تنتشر في الصين لتخفيف التوتر والإقلاع عن التدخين    وزارة الثقافة والسياحة تنعي الشاعر والباحث والناقد كريم الحنكي    "أكسيوس": اجتماع أوكراني أمريكي أوروبي يسبق قمة بوتين ترامب    مركزي عدن المحتلة يغرق السوق بعملة جديدة وسط اقترابه من الإفلاس    إذا أقيل الشاعري فعلى كل جنوبي ان يستعد لحلاقة رأسه    حان الوقت للفصل بين الهويات اليمنية والجنوبية    لا قوات التحالف و وزارة الدفاع تستطيع الدخول إلى وادي حضرموت    بيت هائل.."نحن الدولة ونحن نقود البلد وهم يتبعونا!!"    الترب يعزّي في وفاة الشاعر والأديب كريم الحنكي    إيران.. ونجاح صفقة S-500 ودورها في تغيير موازين القوى (2)    المدينة التي لن تركع (2): مأرب.. من جبهة مقاومة إلى نموذج دولة    تير شتيجن يستعيد شارة القيادة    مهرجان القاهرة السينمائي يطلق «CAIRO'S XR»    وزراء خارجية 5 دول يرفضون خطة إسرائيل احتلال غزة    المدرسة الديمقراطية تكرم الصحفي حسن الوريث    العديني:تحويل مسار الخطاب الإعلامي بعيدًا عن مواجهة الانقلاب يصب في مصلحة المليشيا    رسميا: بوتافوغو البرازيلي يضم الحارس المخضرم نيتو    وديا ... تشيلسي يتخطى ليفركوزن    السهام يكتسح النور بخماسية في بطولة بيسان    مأرب تحتضن العرس الجماعي الأول ل 260 عريساً وعروس من أبناء البيضاء    وفاة ستة مواطنين بينهم نائب رئيس جامعة لحج في حادث مروّع بطور الباحة    مستشفى الثورة… حين يتحوّل صرح العلاج إلى أنقاض    إعلاميون ونشطاء يحيون أربعينية فقيد الوطن "الحميري" ويستعرضون مأثره    الأمم المتحدة تعلن وصول سوء التغذية الحاد بين الأطفال بغزة لأعلى مستوى    القبض على 5 متورطين في أعمال شغب بزنجبار    الذهب يسجل مستويات قياسية مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    إنسانية عوراء    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدن التي لم تنصف!
نشر في عدن الغد يوم 21 - 09 - 2017

تلقيت يوم امس دعوة من قبل العزيز على القلب دائما وابدا "بلال غلام حسين" لتناول وجبة الغذاء في منزله بمناسبة عقد قرأن "ابنته الكريمة".
توجهت ظهر اليوم الخميس الى منزل "بلال" بحي الرزميت بكريتر .
وما ان دلفنا حتى استقبلنا "بلال" بترحيب كبير وجميل وبسيط الى ابعد حدود البساطة العدنية.
كنا اول الحاضرين وبعد القليل من الوقت حضر الكثير من المعازيم ، وكان اجمل مافي هذه العزومة ان كل الحاضرين من ابناء "عدن".
وحينما نقول ابناء "عدن" فإننا نقصد ابنائها البسطاء الغارقين "في "الاصالة" العدني "النظيف الشفاف" الخالي من كل الشوائب ، ذلك العدني الذي يذكرك بكل الاشياء الطيبة والصادقة والبسيطة ولايعرف سوى "عدن" له وطنا وحضورا ووجدانا .
تجولت بعيني بين الحاضرين فوجدتهم خليط من كل شيء فهذا العدني من اصول هندية وهذا العدني من اصول افريقية وهذا العدني من اصول شمالية وهذا العدني من اصول "جنوبية" وهكذا .
كل هذه الفسيفساء البسيطة الجميلة اختلطت ذات يوم قبل قرون من اليوم فأنتجت لنا "عدن" التي نحبها ونعشقها ونودها ونفاخر بها .
اخذنا العزيز "غلام" في حديث جميل عن "عدن" التي كانت ذات يوم صاحبة "مجد" لايضاهيه مجد .
عن "عدن" التي كانت قبلة العالم اجمع وذكراها التي نحن ونتمنى استعادتها .
في ديوان صغير اجتمع القوم ، تأملت كل الوجوه ، كانت متعبة مهمومة لكنها ترسم على شفاها ابتسامة لن يقهرها شيء هي ابتسامة "العدني" البسيط الذي ينهض مبتسما مع كل تعثر .
ببطئ شديد تأملت كل هذه الوجوه وكانت خليط من المهندسين والدكاترة في مجالات مختلفة والوجاهات والعقول النيرة لكن المؤسف له ان أيا من هذه الوجوه ليس له شيء في سلطة اليوم وحضورها ليس بينهم قائد معسكر ليس بينهم محافظ ولا وكيل ومدير ولاوزير .
تأملت الوجوه فلم اجد فيها ناهبا واحدا ، قائدا لميلشيا واحدة ، زناطا واحدا، ظالما ، صاحب صيت سيء.
والعدني بسيط ، متسامح ، يقابلك اليوم لكنه لايتذكر من الامس الا "اجمله".
اقترب الجميع من بعضهم لم يكن بينهم مسلح واحد ، لم يطلق الرصاص احد ، لم يشوش فكرة لنا أيا منهم ، كان احتفالهم البسيط من "عدن" ولأجل "عدن" وبنكهة "عدن" .
تناول الجميع وجبة الغذاء وذهبوا يتحدثون بروح "عدن الجميلة" حديث خال من التعصب والمناطقية والكراهية والجنون .
حديث الادب والفكر والسياسة وحال الواقع .
ثمة وجع في "عدن" لابد ان يحكى وقصة الم يجب ان تقال ومظلمة يجب ان تنصف وهذا العذاب وهذه المظلمة هي "ابناء عدن" وحقوق ابناء "عدن" .
و"ابناء عدن" واهلها مظلمة عمرها عقود طويلة من الزمن ، ذات يوم حينما ارتفعت اصوات الثورية وتواصل الاقصاء بحق هؤلاء حتى اليوم ..
ثمة مظلمة في "عدن" يجب ان تنصف وهي مظلمة الالاف من كوادر "عدن" الذين باتوا غير قادرين حتى على الحصول على ابسط فرصة حضور حقيقية في مدينتهم، ارض اجدادهم .
رفع "احمد محمود السلامي" وكان احد الحاضرين يديه متحدثا عن حلمه العتيق في تلفزيون "عدن" الذي لم يحققه حتى اليوم .
يحلم "السلامي" ان يقيم متحف مفتوح يحكي تاريخ تلفزيون "عدن".
يقترب "السلامي" من عمره الستين ولايزال يعيش في منزل والده بأحد اقدم احياء الشيخ عثمان .
سألته :" اين تقيم يا استاذ احمد؟
قال :" في حي الهاشمي بالشيخ عثمان بمنزل "والدي".!!
صمت قليلا وقال بلهجة متحسرة:" تصدق يافتحي انني حتى اليوم دونما منزل ..
قلت له معقول يا استاذ احمد وانت ابن "عدن" ولاتجد منزل؟؟
قال :" والله اننا لم نجد شيء من هذه المدينة التي هي مدينتنا ..
يعيش "السلامي" واسرته بمنزل "والده " على امل انصاف يأتي يوما ما ، لكنه على مايبدو لن يأتي ..
"دفع" السلامي وامثاله الالاف من ابناء "عدن" دماء قلوبهم لأجل هذه المدينة لكن "السلامي" حينما يحل الظلام ربما يجد صعوبة في مد رجليه في المدينة التي كان يجب عليها ان تحتضنه باتساع؟
للعدنيون قصة حضور مغيبة ، يجب ان تقال ووجع باتساع السماء يجب ان ينصف وان يسمع له ..
تحدثت مع بعض الحاضرين عن كوادر "عدن" المغيبة وعن دورها المستبعد والكل يجمع دائما وابدا كيف انها لم تتاح لهم الفرصة لكي يقدمون شيئا .. ويطرحون سؤالا مفاده هل حانت اللحظة ان تنصف "عدن" وابنائها؟
على مقربة من "السلامي" جلس "بلال غلام" ليحدثنا عن سنوات عمله الطويلة في بريطانيا وكيف قدر "الانجليز" عقله وحضوره وفكره ونشاطه واداءه وكافئوه بكل شيء.
ولكن وان كان ثمة تقدير لغلام فلا تقدير له في مدينته ولا التفات له ، في منزله بكريتر يقضي "غلام" ساعاته منكبا في تأليف تاريخ المدينة .
لم يعد من شيء لأبناء "عدن" يمكن له ان يحكى وان يقال الا تاريخ "اجدادهم "الزاهي الباهي والمشرف اما واقع الحال فأدمع الاعين لاتكفي ان تصفه وتعبر عنه .
قلت "لبلال غلام" :" لو ان في هذه البلاد انصافا ماكنت جالسا في بيتك هذا ولافسح المجال لك باعتبارك احد ابرز كوادر المدينة .
ابتسم "بلال" ابتسامة حزينة ، ضاعت معها الكلمات وعلى الجدار تناثرت مخطوطات عدنية قديمة تحكي تاريخ تليد ومجد عتيق.
نهض "بلال غلام حسين" وامسك مكنسة وبدأ مسح ارضية مجلس حضوره ، وكأنه يحاول ان يمسح كل هذا الوجع الذي ارتسم على واجهة هذه المدينة منذ عقود.
غادرت "عدن" صوب المنصورة وعلى الطريق ارتسمت الكثير من الاسئلة عن "عدن" التي لم تنصف حتى اليوم .
عن "العدني" المغيب دائما وابدا ..
وعلى طول الطريق لا اجابة ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.