نظر اللي يتفحص ملامحي وقال بتهكم ولله واشتهرت يا وليد قدك تكلم الرؤساء؟ تفاجأت من الرجل وانا لا اعرفه ولكنني حاولت ان افهمه اكثر واعرفه عن قرب فأجبته عن ماذا تتحدث ومن هم الرؤساء؟! رد فقال: "علي ناصر محمد" مش انته الكاتب حيدرة محمد? تبسمت له وقلت: نعم انا هو الذي امامك ولم أكد انهي حديثي حتى قبض بيديه على كتفاي بحفاوة وهو يكيل عبارات الاعجاب بما اكتبه قائلا: انا اتابع ما تكتبه يا استاذ وافرح كثير لما شوفك في الجريدة.. قاطعته محاولا ان اخفي علامات الارتباك والخجل التي بدت علي كعادتي عند سماع المديح والاطراء وهي عادتي مع من يعرفني عن كثب وقلت: اشكرك اخي هذا كلام يسعدني ويحفزني كثيرا.. وبينما نحن نمشي في محطه "الهاشمي" وقد عرفني بشخصه قال: انا اتابعك يا استاذ في الموقع اكثر واتابعك في الجريدة وكنت متوقع انهم ينشروا مقالك ومقال الرئيس علي ناصر في الجريدة ليه ما نشروه??قلت: بصراحه لا اعرف! وبدت علامات التعجب على الرجل وقد قهقهه ههه ههه ضاحكا كيف لا تعرف? قلت: انا ارسل ما اكتبه بالبريد الالكتروني للأخوة في "عدن الغد" وهم يطلعون على المحتوى ويقررون ما يرونه مناسبا للنشر?! قاطعني وقال: ليش انته ما تعرف فتحي بن لزرق? قلت: لا، لا اعرفه ولم اتشرف بمعرفته حتى الان!! قاطعني بحده اكثر ماسكا بيدي يحلفني وقال: اسالك بالله تتكلم من صدق ولا تخذني على قدر عقلي!! قلت: له هذا الصدق وهذه الحقيقة ثم اذا كنت اعرف الاستاذ فتحي وانا اكتب في صحيفته ما الداعي في إخفاء ذلك وما الداعي كي اكذب عليك يا اخي!! قال: لالا انا اسف ما قصدت كذا بس ولله كنت احسبك تعرفه..
وبعدها ساد الصمت قليلا ونحن نمشي فهممت ان ادعوه لشرب الشاي معي في مطعم الشرق المقابل للمحطة ولكنه كعادته منذ ابتدئ الحديث بيننا قاطعني وهو يشير بيده الى اتجاه المحطة الشرقي وقال: هنا قتل اخي يا استاذ قبل اشهر!! قاطعته بنبره حزينة وقد آلمني منظره وهو يخبرني عن مقتل اخيه قلت: كيف ولماذا قتل اخاك?! قال: قبل عده شهور ذهب اخي لشراء القات كعادته وحدث اشتباك مسلح في السوق بين مجاميع من المسلحين وكانت الفاجعة ان قتل اخي بعيار ناري اخترق رقبته وارداه قتيلا على الفور وهو لاحول له ولاقوه والمصيبة الاكبر انه كان يعيل اسره من خمسه اولاد اصبحوا ايتام ومعهم امهم المترملة وانا من اعيلهم الان?! قاطعته محاولا مواساته وقد شارفت عيناه على ذرف الدموع وقلت: لابأس عليك وعظم الله اجرك في مصابك ولله لا يضيع اجر الصابرين تعال يا اخي ادعوك لشرب الشاي معي قاطعني لا يا استاذي ولله شفني اتأخرت على البيت ولازم اجيب لهم اغراض وعندي مشاغل عادني.. قلت: يا رجل لن تتأخر فقط اشرب الشاي وذهب قال: لا ولله حياك يا استاذي فرصه سعيدة اتعرفت بك قلت: انا الاسعد يا اخي..
ومضى الرجل وانا واقفا في مكاني ارقبه يتوارى في الزحام والضوضاء اللذان كفلا مواراته عن عيناي وكلماته المؤثرة وهو يحدثني عن مقتل اخيه ترن في راسي المثقل بعشرات القصص الحزينة وضحاياها الابرياء منذ ظننت زيفا ان هذه المدينة ستهنئ بالأمن والاستقرار والازدهار الا ان ما يحدث ويحدث العكس تماما والموت سيد المشهد القاتم سوادا وقد نكتب وقد تكمم افواهنا وقد نقتل طالما وحكمه السيد "الهاشمي" ساريه المفعول حين قال "القرش يلعب بحمران العيون"..!