عندما ذهبت صحيفة الاتحاد الإماراتية تؤسس في تشخيصها عبر افتتاحيتها في تاريخ 29 أكتوبر 2017م أن : ( الانفصال معضلة وليس حلا ) كان حديثها خاطف وسطحي وموجه ، وصلت إلى بلورة فكرة هجومها على الانفصال بسبب فشل الدول التي انفصلت ومن ناحية أخرى يبرز الانفصال في الأساس بناء على رغبات شخصية لدى البعض في السلطة وهؤلاء بحسبها يعزفون على وتر التهميش والتمييز والظلم الاجتماعي لفصل الجزء من الأصل فتندفع الجماهير إلى صناديق الاقتراع ، بهذا التصور تعكس حقيقة معاناتها هي نفسها وفزعها من تشضي الكتلة الخليجية التي باتت تتصدع وتضعف لحمتها ويلوح في الأفق فض عرى غزلها ، زيادة إنها تسعى إلى إرساء ممانعات تؤسس صناعة هزات داخلية تضعف أيضا من تطلعات الشعوب نحو تقرير مصيرها . الشعب الكردستاني غبي والكاتالوني أيضا غبي و مطالبة كل تلك الملايين من البشر تقرير مصيرها غباء لأنها تتحرك بلا ( استراتيجيات ولا أجندات ) و شعب الجنوب العربي أيضا غبي لأنه تحرك خلف شخصيات عزفت على معاناته حبا ورغبة في شهوة السلطة بينما الحل في الأصل ما ذهبت إليه صحيفة الاتحاد الإماراتية ويكمن ( داخل كيان الدولة لا خارجه ) ، الصحيفة في الأصل تعبر عن مسلك قيادتها في هذا الأمر صراحة ولكنها تقع من حيث تعلم أو لا تعلم في مطب رفض كيانها الاتحادي مزيدا من سيادة قطر والتي ذهبت بعيدا وفي الاتجاه المؤلم لها وأخواتها ، كثير من الشعوب كفرت بالوحدة سواء أكانت في إطار الاتحاد الفدرالي أو في إطار اتحاد الدول التي كانت في الأصل سابقا مستلقه ، الذين ينادون بحق تقرير مصيرهم اليوم لهم مبرراتهم وسمو غايتهم وواقعيتهم ومشروعيتهم إنما المصيبة تكمن عندما توزن طموحات الشعوب في استقلالها وحريتها بمقدار المصالح والمنافع الذي سيجلبه هذا الأمر لدول بعيدة ووقعت في هذا الأمر الإمارات . عندما شنت الحرب على عراق صدام سماء بغداد أخفتها الطائرات ، الغبار والنار المتصاعد إلى السماء من الأرض كان كالجبال وكل هذا بفعل الصواريخ والقنابل التي أخفت ملامح كل العراق فلم يعد للعراق اليوم من ارض ولا سماء ، انسحبت القوة المنقذة للعالم من أسلحة دمار العراق الشاملة وتركته فريسة لبعضه البعض عبر دستور تقاسمته الهوية والطائفة والمنطقة والمعتقد والثروة والقومية والسكان والديانة فلم تعد كل هذه المسميات تحمي نفسها من الآخر ولم تنعم بالاستقرار مع نفسها ومع الآخر . الذهاب بالجنوب بعيدا عن اليمن واقعا عبر هذه الحرب فيه من الصعوبة الشيء الكثير ، لا الإمارات بإمكانها خطم الجنوب إلى قبلتها ولا الرياض قادرة على لجم صنعاء وإخضاعها ، القوة التي أسسها التحالف العربي وتحديدا الإمارات على ارض الجنوب وتعمل على تسييره أداريا وعسكريا مخلخله مخترقة متضاربة المصالح و الأهداف مختلفة ومتناحرة ، إطالة الحرب أصبحت لا تعني مزيدا من استقرار المناطق المحررة ومزيدا في إضعاف متمردي صنعاء على مناطق سيطرتهم ، لقد أصبحت كلا المناطق في معاناتها سواء . صحيح أن الجنوبيين أسسوا لأنفسهم عبر انخراطهم وتحالفهم بقوة مع التحالف العربي نصر لم يكن في الحسبان وفعل سياسي يتبلور وان كان رويدا إنما كل انجازاتهم التي عمدت بتضحياتهم ودماءهم الغزيرة رهينة في أدراج التحالف العربي وهو القادر على فتحها متى ما أراد أو انزلها تحت قدميه متى ما أراد ذلك . مناطق الجنوب كلها تعيش أنانية مزعجه للغاية ، وكل منها يؤسس لحدود أراضيه وثروته وسكانه بينما العدو موحد وليس بعيد عنهم ، العالم يرى في الجنوبيين أنهم غثاء ، لو أن صنعاء ستعطي مناطق في الجنوب نصيبها من الثروة والسيادة الأمثل لما خرجت هذه المناطق ترحب بالانتقالي واقعا جديدا تلتف حوله ومشروط ذلك بحق سيادتها الكاملة ألناجزه على أرضها أي بصيغ لا يعلمها الشعب و إن كانت فعلا تؤسس إلى الاستقرار أم إلى تأسيس ما ذهبت إليه صحيفة الاتحاد الإماراتية : " أن الانفصال يولد الانفصال وكأنها لعبة لانهاية لها " ، هذا القادم يجب أن يدرسه الانتقالي جيدا من اللحظة في رؤيته الاتحادية للجنوب . فعل الشرعية الذي تجلى منه كل هذا الفساد والفشل وعظيم الأزمات بل المؤامرات أمره غير هين على مسار الحرب ويرسم صورة سيئة للتحالف العربي ويعزز في الأصل عبثية هذه الحرب ونتائجها وترفع اثر ذلك معدل الأصوات التي تنادي بضرورة إيقافها ، ألصوره المخيفة التي رسمت في مخيلة العالم عن الجنوب رغم كل الأبواب المفتوحة له تعزز من مشروعية دعم مقاومة صنعاء عبر مؤسساتها الموازية للشرعية ويعد هذا الأمر اعتراف ضمني بهذه القوة وقد بداءت تفتح مثل هكذا أبواب للدعم عبر مؤسسات في الأممالمتحدة وسقوط التحالف العربي في قائمة العار . تعقيدات الجنوب وانقساماته وتمترس أبناءه في وجه بعضه البعض أسستها عقيدة الإمارات وعقدتها من الانفصال إلى جانب مكر الشرعية التي لا تقل في مكرها عن صالح والحوثيين شعب الجنوب يوجه اليوم بعيدا عن استحقاقاته السياسية ويمنع من إرساء مداميكها القوية إلا من شكلية باهته وينقل عنوة إلى مسالك معيشية غاية في البؤس والشقاء ، في كل الأحوال جناحي الشرعية مشلول في الجنوب محال نصره في اليمن وتستمر حكاية الحرب أللا نهاية لها فيأكل اليمن والجنوب بعضهما البعض وسيرحل حتما من جاء بحجة المنقذ ولكن بعد أن أسس حول نفسه مشاريع استثمارية سياحية ضخمه بشراكة دول كبرى ستحميه وستمنع عن حدوده الأذى وسيترك خلفه الويلات والألم والحزن وتكون المصيبة على الجنوب اكبر لان عدو الإمارات الانفصال .