هناك مقولة مشهورة بل حقيقة ، إن الحاكم العربي دائما لايترك كرسي السطلة بسهولة وسلاسة ويترك أثرا طيبا يخلده عند شعبه ، فهو يغادر السلطة إمَّا إلى السجن أو إلى القبر ، ليس كغيره من حكام العالم ، عندما يُهْزَمُ في إنتخابات أو غيرها ، فإنه يترك قصر الرئاسة ويعود يمارس حياته بشكل طبيعي كغيره من عامة الشعب . أما حاكمنا العربي الله لايسامحه ، الويل ثم الويل لمن يأتي بعده ، وللشعب الذي أسقط حكمه وثار عليه ، فهو يستخدم الملايين والمليارات التي سرقها من قوت شعبه وعرقه للإنتقام من هذا البلد وهذا الشعب الذي ثار عليه ، ليشعلها حرباً ضروساً ، ويحيك المؤامرات ليدمر كل شيء جميل في بلده ، ويخلق الإنقسامات وشراء الولاءات لضعاف النفوس الذين لاتهمهم مصالح شعوبهم بقدر ما يهمهم عمران جيوبهم بالمال الحرام ، فلننظر ماذا يجري من حولنا من قتل ودمار وحروب وتشريد ومجاعة ، بسبب الحروب التي أشعلها هؤلاء الحكام السابقون ، والحكام الذين لازالوا على كراسي الحكم ، ولْنَرَ ماذا يجري في اليمن ، في سوريا ، في العراق وفي ليبيا ، بسبب أنانية هؤلاء الحكام وخبثهم وإصرارهم على الإحتفاظ بالسلطة مهما كلفهم ذلك ، حتى لو تحولت هذه الشعوب إلى جثث لا روح فيها ، وإلى جيوش من المُهَجَّرِيْنَ الباحثين عن لقمة العيش والأمان في بلدان العالم . قرار الرئيس بالإعتراف بالحراك كممثل للقضية الجنوبية ، لم يأت عن قناعة من أجل إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية ، يرضى به الجنوبيون ، وإنما لكيد سياسي ، يهدف إلى خلق إنقسامات وصراع جنوبي جنوبي ، وهو يعلم جيدا ، أن الحراك منذ إنطلاقته منذ عام 2007 م، لم ينتظر اعترافا من أحد ، بل أستطاع أن يكتسب هذا الإعتراف من خلال الزخم الجماهيري الذي مثله ، ومن خلال عشرات الشهداء والجرحى الذين روت دماؤهم ساحات الحرية على طول الجنوب وعرضه ، في إحتجاجات سلمية رائعة مثلت إلهاما لثورات شعبية قلعت عروش الطغاة ، كما يهدف هذا القرار إلى خلق حراك سلطوي يدار بالريمونت كنترول ، نسخة للسلطة الشرعية الفاسدة ، في مقابل المجلس الإنتقالي الذي أكتسب حضورا شعبيا واسعا ، أنضوت في إطاره معظم المكونات الحراكية في الجنوب ، ولم تبق خارجه إلا بضعة مكونات والتي يجب أن تُجْرَى حوارات معها جدية ، حتى لا يُعْطَى أعداء القضية الجنوبية فرصة لاستخدامها للإضرار بالجنوب وقضيته العادلة ، علماً بأنَّه ليست هناك شكوك في إخلاص هذه المكونات والقائمين عليها للجنوب وقضيته العادلة . نقول لهؤلاء الرؤساء ، ومن يسير في ركبهم ، اتركوا الشعوب وشأنها ، ارفعوا وصايتكم عنها ، اتركوها تقرر مصيرها بنفسها ، ألم يكفكم ماجلبتموه من دمار وآلام لشعوبكم خلال فترة حكمكم الطويلة ، ونقول لرئيسنا التوافقي الذي يقال بأنه يتعامل مع الجنوب بحكمة ، اترك الجنوب وشأنه ، يختار من يمثله ويقرر مصيره بنفسه دون وصاية من أحد ، ألم يكفكم مالحق بالجنوب من حرب صيف 1994 م، حين كنتم على رأس قوات الرئيس السابق التي غزت الجنوب ولحق به مالحق من نهب ودمار وغيره ، ومن حرب 2015 ، حين لجأتم إلى عدن هاربين من صنعاء ، ولحق بكم الغزاة الإنقلابيون ، تحالف الحوافيش ، وما أحدثوه من دمار وتخريب في عدن وغيرها من مدن الجنوب ، ولم يسلم من حقدهم وشرهم حتى المدنيون العزل والأطفال . انظروا حال عدن اليوم والمناطق التي نقول عنها أنها محررة ، وهي ليست محررة ، والحالة البائسة التي يعيشها المواطنون فيها ، لتردي الخدمات وإنقطاع التيار الكهربائي ، وإنتشار الأمراض ، وتأخير دفع المرتبات لشهور عدة ، بسبب الإهمال المتعمد والحرب الغير معلنة التي تشنها حكومتكم الشرعية على عدن وأبناء الجنوب ، و فساد هذه الحكومة وتبذيرها ملايين الريالات ، في الوقت الذي يتضور جوعاً آلاف الأطفال ، وآلاف الأسر من شعبكم شمالا وجنوباً، التي لاتجد قوت يومها ، بالإضافة إلى طوابير المتسولين في الأسواق والطرقات وأمام بيوت العبادة . اتركوا الجنوب وشأنه وتفرغوا لحربكم لإسقاط الإنقلاب وإستعادة سلطتكم الشرعية التي اختطفها الإنقلابيون ، ولاتتركوا لبطانة السوء التي من حولكم فرصة لتخرجكم عن حكمتكم التي وصفتم بها نحو أهلكم وقومكم في الجنوب .