خلال هذه الساعات تبدأ عملية استفتاء السودان والتي بنظري وبنظر الكثيرين قد تكون الحدث الأهم في تاريخ العالم العربي منذ سنوات، إذ أنني انظر إلى الاستفتاء السوداني بصفته الحدث ألاكثر خطورة على المنطقة من حرب الخليج نفسها . استفتاء السودان هو بارقة النور والأمل للكثير من الأقليات العربية المهضومة ، ونجاحه يعني سقوط فعّلي لما تدعيه الحكومات في منابرها وحملاتها حول الثوابت الوطنية والخطوط حمراء .
العالم العربي ولمدة ثلاثون عاما عانى من مرض خبيث يسمى بالحكومات العربية ، فهذه الحكومات هي من دفع بالشعوب إلى ذلك الخيار الامر ... فلا أحد منها يريد التغيير الكل في هذه الدنيا يريد الاستقرار له ولأبنائه وأحفاده ، الكل يسعى إلى غد مشرق لوطنه ، ولكن عندما تغتصب حقوق الأقليات تحت مسمى الوطن ، فلا أحد يريد ذلك الوطن .
اليوم وبعد تسجيل أربعة ملايين ناخب باستفتاء السودان ، يبدأ التصويت بتاريخ اليوم 9 يناير بمقر المفوضية في جوبا وأعلن أن أيام التصويت للناخبين الذين يحق لهم التصويت خلالها هي سبعة أيام وإن النتائج الأولية ستعلن بجوبا بعد ثلاثة أسابيع من الفرز، على أن تقوم المفوضية في الخرطوم بإعلان النتائج النهائية للاستفتاء ، أي أننا على موعد حتى تاريخ ال 9 من فبراير لكي نشاهد موقفاً يضع العالم العربي على صفيح ساخن .
لماذا اليوم نشاهد بكاء الكثيرين على حال السودان عندما تقرر الانفصال ؟، لماذا اليوم نربت على ظهر الوحدويين السودانيين !!! ألم يستحق المليونا قتيل لجنوب السودان ذرف الدموع ، ألم يستحق جنوب السودان وحاله تدخلاً من العالم العربي بالأمس فضلاً عن إلقاء التهم عن المؤامرات الخارجية والخيانة الوطنية اليوم !
لماذا دوما نبدأ في تشريع الحلول عندما ينتهي الوقت ، لماذا نلقي التهم في وقت لم نستطع الاستماع وحل المشكلات ، لماذا ننتظر تدخل المجتمع الدولي حتى تستفيق المؤسسات والأحزاب الوطنية والجمعيات العربية من سباتها؟
من السهل على الإنسان الحديث عن الوطنية ولكن من الصعب على الإنسان الشعور بالأقليات وما تتجرعه من ذل وتهميش في عالمنا العربي ... فهل سوف تكون عملية استفتاء جنوب السودان بداية جديدة أم أنها تجربه عابره ليس إلا ؟ خاص adenalghad