عبدالكريم سالم السعدي على الرغم إنني آثرت تجنب الخوض فيما يتعلق بالقضية الجنوبية في هذه المرحلة بالذات لقناعتي ان الحديث عنها انما هي خدمه مجانية اهديها للنظام الحاكم إلا إنني وتحت وطأة إصرار الكثير من الاخوة النابع من قلقهم المشروع مما يدور على الساحة هذه الأيام اجد نفسي مضطرا لإفراد مقالتي لهذا الأسبوع للحديث ولمناقشة دواعي وأسباب القلق المتزايدعند شريحة واسعة من الاخوه المنتمين للحراك السلمي الجنوبي .
كنت قد تحدثت في مقالات سابقة عن القضية الجنوبية ودعوت الاخوه أعضاء الحراك الجنوبي الى الانضمام الى حركة الشارع الوليدة التي ترفع شعار (إسقاط النظام) ودعوتي هذه انما جاءت من قناعاتي الشخصية واستشعاري لأهمية وحساسية المرحلة الراهنة والتي تتطلب رص الصفوف وتوحيد المطالب مستندا في ذلك الى عدة أسباب منها : على سبيل المثال قناعتي بأن النظام الحاكم هو من صنع القضية الجنوبية وهو من حشد ووظف الإمكانات وهيئ الأسباب لضرب الجنوب وأبناءه وإقصاءهم من دولة الوحدة التي تم التوقيع عليها في مايو1990م بين قيادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية ، وذلك لمطامع خطط لها هذا النظام وأسباب نجهل الكثير منها حتى اللحظة .
ويعلمها رأس النظام الحاكم الذي اعلن شهادة وفاة الوحدة أليمنية في خطابه الشهير الذي اعلن فيه اجتياح الجنوب في 27/أبريل/1994م من ميدان السبعين في صنعاء ولإدراكي ان زوال هذا النظام الحاقد على أبناء الجنوب سيظهر حقائق وابعاد المؤامرة التي حاكها النظام على الجنوب .
وسيفتح آفاق جديدة ويخلق مناخات جديده ستوفر فرص كثيرة للبحث عن حلول لكل القضايا العالقة التي تأتي قضية الجنوب على رأسها ، ولقناعتي أيضا ان انزواء وتقوقع الحراكيين في زاوية بعيده عن ما يعتمل في الشارع من غليان شعبي ستؤكد ادعاءات النظام الكاذبة التي بنا عليها خطابه منذ حرب يوليو94م حتى اللحظة هذه ، والتي يروج فيها بأن الحراك الشعبي الجنوبي ماهو ألا مجاميع تحركها أصابع خارجية لها مصالح وأطماع سلطوية ضيقه تأمل بالوصول اليها .
من خلال المطالبة بفك الارتباط مع الجمهورية ألعربية أليمنية كما ان الانزواء سيحرم الحراك الشعبي الجنوبي من تحقيق خطوة هامه في مسيرة نضاله السلمي الذي سبق الآخرين اليه بسنوات كثيرة ، ناهيك عن ان هذا الانزواء والابتعاد عن ثورة الشعب سيخلق انقسام في الشارع ينتظره النظام بفارغ الصبر ولن يتردد عن توظيفه واستخدامه لخلق الفرقة ووأد الثورة الشعبية في مهدها وهي فرصة يتمناها النظام في ظل التدهور والانهيار الذي يعيشه حاليا على كافة المستويات.
كما انني على قناعة تامة بأن استمرار أبناء الحراك الجنوبي السلمي في المشاركة الفاعلة مع اخوانهم من مختلف الوان الطيف السياسي المتواجدين في الساحات سيشكل دافع قوة مهم لحركة الاعتصام وتسيير التظاهر نتيجة للخبرات التي اكتسبوها من خلال تجربتهم خلال السنوات الماضية في ادارة الاعتصام والتظاهرات السلمية . وفي الوقت نفسه لن يمس او يؤثر على وجودية القضية الجنوبية لسبب بسيط وهو ان حركة الشارع الجامعة لكل المتناقضات في الواقع السياسي اليمني وقبلها ثورة الشعب التونسي ومن خلفه ثورة الشعب المصري، والشعب الليبي حاليا ماهي ألا امتدادا لحركة أبناء الجنوب السلمية المتمثلة بالحراك الجنوبي الشعبي الذي اشعل أبطاله شرارة الثورة في الجنوب في وقت كان لا يجرؤ احد من أبناء شعوب الأمة على رفع رأسه في وجوه طواغيت الأمة.
فكانت تلك الشرارة التي تلقفتها الشعوب واستلهمت دروسها وصنعت منها انتصارات اطاحت بأنظمتها الديكتاتورية وأسست لعهد جديد تملكه الشعوب وحدها . هذه الحقيقة التي يحاول البعض تناسيها او التقليل من شأن اصحابها للأسف الشديد الأمر الذي أدى الى خلق حاله من البلبلة في أوساط الحراكيين ادت الى نوع من القلق دفع الكثيرون منهم الى التساؤل عن مصير القضية الجنوبية في ظل هذا المخاض الثوري .
قلق ساعد في خلق أسبابه ومبرراته تصرفات تنسب لقواعد وقيادات بعض الأحزاب والقوى الوطنية الاخرى المتواجدة في الساحات الصادرة بقصد او بغير قصد من هؤلاء والتي يتجلى بعضها من خلال محاولة البعض الاستحواذ على تسيير حركة الشارع والإشراف على برامجها بما يوحي بانعدام الثقة في الآخرين ومنهم ابناء الحراك الجنوبي وبما يشير الى تعمد السيطرة على صدارة الاعتصام والتظاهرات وتوجيهها لما يخدم مصالح وأهداف تلك القوى والأحزاب ، الامر الذي همش بل والغى دور ووجود ابناء الحراك الجنوبي وغيرهم من المشاركين الفاعلين في الثورة ، مما خلق في نفوس هؤلاء الثوار الإحباط والنفور وهم يرون المشهد السياسي يظهر صورة جديدة من صور الديكتاتورية والسعي للتملك وإلغاء الآخر تضاهي صورة النظام الحاكم الذي دفعوا الغالي والرخيص للخلاص منه ومن سياساته الواحدية المنهل والعصبية الفكر. ذلك النظام الذي اصر على الاستحواذ على كل المقدرات وتوجيه الطاقات الى حيث تكمن مصالحه وإلغاء الآخرين وتهميش أدوارهم الأمر الذي أدى الى اندلاع الثورة الشعبية التي تطالب بإسقاطه والخلاص منه.
ويستغرب المتابع مثل هذه التصرفات من تلك القوى والأحزاب والإصرار عليها بالرغم من التحذير منها ومن تأثيرها السلبي على الشارع وثورته, ففي الوقت الذي اظهر الحراكيون حسن النوايا والإخلاص للثورة ومبادئها بل ودفعوا الشهداء الذين بدمائهم ثبتت تلك الثورة وترسخت اهدافها واستجابوا لنداءات قياداتهم بتجميد الفعاليات الخاصة بالحراك الجنوبي المعد لها بشكل منتظم وممنهج والمستمرة على مدى سنوات سبقت هذه الثورة وذلك التزاما واحتراما لثورة الشباب وأهدافها ولم يسعوا الى فرض انفسهم وشعاراتهم على اجندة التظاهرات حرصا منهم على وحدة الصف ألا انهم رغم كل تلك التضحيات وجدوا انفسهم عرضه لتعالي وصلف الآخرين من رفاق الخندق الواحد والدأب على ابعادهم عن المشاركة في وضع برامج وتوجهات وتحركات التظاهرات مما يجعل المتابعين يقفوا على اعتاب سؤال مهم يفرض نفسه على الساحة هو : هل اخترق النظام بعض مخيمات محافظة عدن ونجح في تحييدها ؟؟ ومع كل النتائج التي وصلنا اليها والتي تسببت فيها توجهات البعض فأننا كجزء من هذا المجتمع وهذه الثورة ناشدنا وما زلنا نناشد من منطلق الحرص على الثورة كافة الوان الطيف السياسي والشعبي المتواجد في الساحات الاجتماع على كلمة سواء والتوحد ونبذ أسباب الفرقة حتى اسقاط النظام الحاكم الذي نأمل ان يستجيب لمطالب الشعب ويرحل وحتما الأحداث حينها ستفرز واقعا جديدا وخيارات وحلول جديده قد تساعدنا على تجاوز تبايناتنا ونتجاوز اعباء مرحلة الحكم على النوايا التي يصر البعض ان يفرضها علينا , أما في هذه المرحلة وهذه الظروف فتوحيد الصفوف والتكاتف وتنقية الأدران عن جسد الثورة والإيمان بالله وعدالة قضيتنا هي وسائلنا لبلوغ أهدافنا !!
الشيء الذي أود تنبيه الأخوة في الحراك الجنوبي السلمي الذين يزعجهم بعض مايدور في الساحة مما يلمسوه في دعوات البعض لتهميش دورهم ومحاولة الغاء ومصادرة جهودهم هو حقيقة ان القضية الجنوبية بمناصريها وثوارها خلقت لتبقى ولن تستطيع إنهاءها تلك الدعوات التي تستهتر بالدماء الزكية التي سفكت على يد قوات قمع النظام الحاكم خلال سنوات نضال ابناء الجنوب تحت راية الحراك الجنوبي السلمي , كما ان القضية الجنوبية لاتقوم في اثبات وجودها على الطبول والمزامير والرقص في الشوارع فهي قضية شعب وقضايا الشعوب لا تنتهي ولاتموت ألا بفناء تلك الشعوب , والاعتراف بأن القضية الجنوبية من اهم القضايا على الساحة محليا وإقليميا لا يحتاج الى رفع علم من الاعلام سوى كان ذلك العلم علم جمهورية اليمن الديمقراطية او علم الجبهة القومية الذي يسير تحت رايته اليوم نظام علي عبدالله صالح المنتهية صلاحيته فعلم قضيتنا تشكله الوان المرارة والاضطهاد والظلم والقتل والاعتقال والتنكيل التي سقاها لنا النظام الحاكم وفاسديه وبلاطجته وهي مرفوعة وشامخة في قلوبنا ووجداننا وعلى اضرحة شهدائنا الذين وضعوا الأمانة في اعناقنا لمواصلة السير حتى استكمال تحقيق الأهداف او الموت دونها وما يمر به الحراك السلمي الجنوبي اليوم ماهو ألا تعديل في التكتيكات التي ستؤدي الى الأهداف الاستراتيجية ان شاء الله !!
رسالتنا الأخيرة لابناءنا الثوار بتوخي الحذر فالنظام لم يسلم بعد والمتربصين بالثورة من داخلها اكثر بكثير ممن هم خارجها فليحذر اولا من يحاولون الاستحواذ على الشارع وتسجيل(براءة) الثورة بأسمائهم بطرق الدس والوقيعة والانتقاص من وطنية الآخرين , وليحذر ثانيا ابناء الحراك الجنوبي السلمي وبقية اخوانهم الثوار من المندسين بين صفوفهم والنافخين في (كير) التباينات وليعلم الجميع ان النظام الحاكم بات ينتظر ان تغفلوا فيميل عليكم ميلة واحده فاتقوا الله في دماء الشهداء التي سفكت واتقوا الله في الشباب الذين سقطوا وهم في عمر الزهور على مذبح الحرية موقنين انكم ستكملون المشوار بعدهم مشوار إسقاط النظام وليس مشوار البعض الذي تقوده مصالحهم الى الارتماء في حضن النظام والتفاوض معه !!!!