في حديث مع بعض الشباب في ساحة التغيير في المنصورة سألني شاب أين أنتم يا صحفيين ويا مثقفين؟ فقلت له: نحن موجودون ولكن هذه الثورة هي ثورتكم ولا نريد أن نتطفل عليها فنحن قد قمنا بثورتنا منذ زمن وقبل سنوات ولكن مع الأسف الشديد لم نستطع أن نوفر لأنفسنا ولكم ولأبنائنا ما كنا نتمناه في ثورتنا ضد الإمامة والاستعمار البريطاني فقد انشغلنا في تفاهات وفي التقاتل في ما بيننا من أجل السلطة والحكم تحت نظريات سخيفة وكذلك ايديولوجيات لا تنطبق على الواقع المعاش في بلادنا. ومرت السنوات حتى قيام الوحدة اليمنية وهو أكبر انجاز تحقق في أيامنا فقد جاءت الوحدة صدفة لا نعرف كيف؟
فقد نشأت فجأة عند صراعاتنا على السلطة، فتحققت بذلك وحدة بدون تخطيط وبدون برنامج وضاع الشعب في الوسط, بل نقلنا صراعاتنا وخلافاتنا إليها وضاع الكل وسقطنا في دوامة مازلنا في داخلها وجئتم أنتم لكي تنقذونا من هذه الدوامة بارك الله فيكم، فرد علي أحد الشباب نحن لا نريد منكم أن تشاركونا في ثورتنا ولا نريد منكم أن تفرضوا أنفسكم علينا وتجيروا الثورة لصالحكم، ولكن أنتم آباؤنا ونريد منكم تقديم النصيحة والمشورة لأن خبراتكم كثيرة ونريد أن نستفيد منها فقلت له: حاضر وهذا حقكم علينا وأقل شيء يمكن أن نقدمه لكم ولثورتكم ولأجل ذلك الوعد هذا أنا أوفي به وأقدم للشباب الثائر ما أقدر عليه وأقول لهم إنكم غير ملزمين بالأخذ بها كلها أو جزء منها فأنتم أصحاب الحق وأنتم اصحاب هذه الثورة المباركة ولا أحد آخر سواكم وخاصة من كان من جيلنا وأقول لكم قولوا للجميع ارحلوا سلطة ومعارضة وأحزابا عفى عليها الزمن, فقد نشأوا جميعا تحت شرعية ثورتي 26 سبتمبر و14أكتوبر وهذه الشرعية قد تلاشت وانتهت مع مرور الزمن ولم تعد قائمة وأصبح مكانها كتب ومناهج التاريخ في المدارس الابتدائية تدرس للطلبة عسى أن يستفيدوا منها ولذلك فقد أصبحوا بلا شرعية تمكنهم من الاستمرار فقد تبخرت عبر الزمن لأن الاهداف التي رفعت قد انتهى زمانها وأصبحت تلك الأهداف جزءا من التاريخ وأصبحوا هم أيضا جزءا من التاريخ.. وأنا لا أريد أن أدخل هنا في نقاش عقيم عن ما تحقق من تلك الأهداف ومالم لم يتحقق لأن ذلك متروك للتاريخ ومن سيكتب هذا التاريخ مستقبلا, وأكبر دليل على ذلك أنهم يعيشون في غير عصرهم, إنهم يتهمون بعضهم بعضا حتى الآن بالملكيين والانفصاليين وخيانة أهداف الثورة.
واسمحوا لي يا أبنائي الثائرين أن أحذركم من أشياء وأنتم أحرار في الأخذ بها وأول شيء الأحزاب وخاصة أحزاب اللقاء المشترك فهم سياسيون لا ثوار وخلال سنوات طويلة استمرأوا السياسة والصفقات السياسية وفوق كل ذلك في قيادتهم من شاهد ثورة 48 على الإمام يحيى بن حميد الدين فكيف يمكن لهؤلاء أن يفهموا روح القرن الواحد والعشرين. وثانيا من أعلنوا انضمامهم إليكم من قادة عسكريين كانوا قبل شهور هم دعامة النظام والقوة الضاربة له فهم يفعلون ذلك من أجل مصلحتهم والحفاظ على الأموال والأراضي التي نهبوها.
وثالثا كل من كان وزيرا أو سفيرا أو مسؤول كبير فقد طبقوا جميعا نصيحة الأستاذ عبدالقادر باجمال رئيس الوزراء السابق التي تقول "من لم يغتني في عهد علي عبدالله صالح لن يغتني أبدا"، فهم ينضمون الآن للثورة ولكم أملا في أن يرجعوا وزراء أو سفراء أو على الأقل الحفاظ على ما نهبوه من أموال وأراضي الشعب. ورابعا وأخيرا الذين يعقدون المؤتمرات في الخارج ويخططون أحيانا للفيدرالية وأحيانا للكونفدرالية وأخرى لفك الارتباط هؤلاء الذين يعيشون في أوروبا وغيرها حياة ترف يحسدهم عليها كثيرون من الأوروبيين ونحن نعيش هنا في فقر وكثيرا بلا كهرباء ولا ماء.. حفظ الله عدن آمين يا رب العالمين.