إن القارئ لعنوان مقالتي هذه سوف يظن أن الغرض من هذه المقالة هو بيان وتوضيح ما حصل للجنوب أرضاً وشعباً بعد حرب صيف 1994 . ولكني تعمدت أن أضع هذا العنوان نظراً للعقلية التي أصبح البعض اليوم يفكر بها – فالاتهام اليوم من البعض في الجنوب لاتوجه إلى النظام الفاقد للشرعية بل أصبح كل ماهو شمالي سبب في ما حصل للجنوب بعد الحرب. فالكل يعلم ما حصل للجنوب أرضاً وشعباً من عملية استباحة لكل مقدرات دولة الجنوب سواء أكانت تلك المتعلقة بالجوانب المادية من أراضي ومؤسسات وشركات – أو تلك المتعلقة بالجنوب المعنوية كتدمير الكادر البشري ونشر ثقافة الجهل والغش وتدمير الجوانب الصحية في تلك الدولة التي دخلت في شراكة وطنية مع الشطر الأخر .وهذا الأمر لا ينكره أحد في الجنوب والشمال .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو – هل كل الإخوة في المحافظات الشمالية يتحملون كل ما قام به هذا النظام المخلوع وأزلامه من جرائم في الجنوب- ولماذا البعض اليوم في المحافظات الجنوبية يهاجم كل ماهو شمالي المنبع – الم يمارس العديد من أبناء المحافظات الجنوبية ممارسات همجيه بحق الجنوب وأهله طيلة تلك المدة ولاداعي أن نذكر أي اسم .
للاجابه على هذه الاستفسارات يمكن أن نختصرها في الأتي : أولاً: ما حصل في الجنوب من سرقة وبلطجة طيلة تلك الفترة الماضي تمت من قبل مجموعة متنفذه في دولة حرب 1994 وهي خليط من أبناء الجنوب والشمال .فمثلا ما حصل لطيران اليمدا من عملية دمج قسري لأسطول الشركة المملوك لدولة الجنوب سابقاً وكذلك لكادرها الفني الفريد في الوطن العربي هل لبائع الملابس أو ذلك المفترش على الأرض ذنب في سرقة هذه الشركة كأبسط مثال – وقس على ذلك سرقة الأراضي والمؤسسات والتعاونيات والشركات .
ثانياً:ما قام به البعض من أبناء جلدتنا من أبناء المحافظات الجنوبية من سرقة ونهب للثروات لاتقل عن تلك التي نهبها وينهبها المتنفذين من أبناء المحافظات الشمالية – بل يمكن القول أن ما يقوم به ذلك المتنفذ الشمالي نابع من سياسة الفيد التي غرسها هذا النظام في رأسه وفكره ولكن الذنب هو ذنب ابن بلدنا الذي تربى وأكل وتعلم من تراب وخيرات وطنه ولكنه أنكر كل ذلك وأصبح كالذئب المفترس يأكل وينهش في كل ماهو جميل في ذلك الوطن ويمكن أن نستدل بمقولة الدكتور عيدروس النقيب عندما قال ليس كل جنوبي مظلوم – وليس كل شمالي ظالم .
ثالثاً : وبعد كل تلك المعاناة التي تعرض لها الجنوب شعباً وأرضاً – وفي 7-7-2007 خرجت أولى الثورات من مدينة عدن مدينة الأحرار لتقول للظالم السارق كفاية سرقة وظلم وقهر لأبناء الجنوب وتمثل ذلك بخروج ألأف المسرحين قسراً من أبناء المحافظات الجنوبية من السلك العسكري والمدني وقالوا لابد وان تعود الحقوق وتعود الكرامة لهؤلاء الناس الذين ضحوا لأجل الوحدة بالدولة والعلم والنشيد والثروة والأرض – وانطلقت تلك الكوكبة الرائعة من الصيحات والصرخات – إلا أن النظام استمات على قمعها وضربها وقتل أبناء المحافظات الجنوبية ظناً منه أنه سينجح في وئد هذه الثورة وهي لا زالت مولودة ولكن أحرار الجنوب استمروا ولم يفلح النظام في قمعها .
حينها أدراك النظام خطورة ما يجري في جنوب اليمن فخاف أن تنتقل تلك العدوى في المحافظات الشمالية فستخدم سياسة استعمارية بغيضة وهي فرق تسد ! حينها قام النظام البائد بتصوير الصراع بأنه مناطقي بحث – فبدأ في بث سمومه في خطاباته المتكررة وصور أبناء المحافظات الجنوبية بأنهم مناطقيون يستهدفون كل ما هو شمالي الأصل – وأنهم انفصاليون وقطاع طرق وغيرها من الأوصاف التي كل الجنوبيين بريئون منها كبراءة الذئب من دم يوسف . كما أنه زرع خلاياه وأتباعه ليقوموا بأعمال تقطع والبلطجة ونسبتها إلى الحراك الجنوبي وهو منها براء .
في أخر حديثي أريد أن أوضح أن اليوم يقوم البعض بتصوير الخلاف بأنه شمالي جنوبي وهذا خطير لأنه تأكيد لما كان يروج له نظام صالح وعصابته – فالبعض إما أنه عاطفي لدرجة السذاجة فيوجه العداء إلى كل ماهو شمالي وهذا لا ينبغي لان إخواننا في الشمال ليسوا أحسن حالا منا – فصعده قتل من أبنائها 10000 قتيل – وتعز اليوم مضرجة بالدماء وكذا باقي المحافظات – وأما الصنف الأخر فهو يروج بأن الصراع هو شمالي جنوبي تماشياً مع أدبيات سلطة صالح لان مصلحته تقتضي بقاء النظام وتصوير هذا الصراع بأنه مناطقي – فشتان بين حق الجنوبيين في ثرواتهم وأرضهم وخيراتهم في ظل دولة موحدة مدينة تعطي الحقوق لكل أبنائها – وشتان بين أشخاص ينتسبون للجنوب يروجون لأدبيات النظام البائد.