ما ان تفتح برامج التواصل الاجتماعي هذه الايام الا وترى حملات المناشدة لعلاج الفنان فلان والكادر علان والذي افنى عمره في العمل الابداعي لخدمة الوطن والمواطن ،ومع تقديري لهذه الحملات والمناشدات الانسانية الا انها توجه غالبا للوزارة المغلوبة على امرها و وزراء الغفلة القابعين في الرياض او القاهرة ولا تجد تلك المناشدات اي صدى او تجاوب من قبل الوزارة التي هي في الاساس معموله لدفع المرتبات وتعلية الدرجات الوظيفية، فوزارة موجودة منذ نشوء الجمهورية لم تقم برعاية وتشجيع المبدعين مالذي سوف تقدمه ؟ وزارة لم تبني المنشأت التي يقوم عليها عملها كيف ستعمل ؟ وزارة لم تحقق قدرا من الراحة والآمان لمنتسبيها كيف تقدم الرعاية لمنتسبيها؟ ومع اقرب هزة في البلد ( وما اكثرها في بلادنا) لا تجد لا وزارة ولا حكومة لانها في الاساس غير موجودة. في العام 2000 م قدم الى اليمن سفير الاممالمتحدة للنوايا الحسنة في الشرق الاوسط الفنان عادل امام واحتفت الجمهورية من اكبر كبير الى اصغر صغير بهذا الحدث ،كيف لا والفنان الكبير ذو مكانه وشعبية جعلته يتربع على عرش الكوميديا العربية ،يومها استضاف التلفزيون اليمني الفنان الكبير وكان من بين اسئلة اللقاء سؤال وجهه مقدم البرنامج حول لقاء جمع الفنان الكبير بعدد من الفنانيين اليمنيين وكان لهم طلب ان يتوسط الفنان عادل امام للفنانيين اليمنيين عند رئيسهم حتى يشرع في بناء صالة مسرحية يمارسون فيها عملهم ،تعجب الفنان عادل امام من هذا الطلب لكن تعجبه لم يدوم طويلا ومباشرة قرر الاعتذار عن تقديم الطلب للرئيس اليمني قائلا للفنانيين اليمنيين بلهجته الكوميديا : "واشمعنى انا اللي اخترتوني،هو كان رئيسي والا رئيسكم" وقدم عادل امام في البرنامج نصيحة للفنانيين اليمنيين من واقع ما عايشة في عالم الفن حتى وصل الى ما وصل اليه من نجومية وشهرة مستعرضا تاريخ طويل وحافل بدأه منذ بداية الستينات وهو يذهب ماشيا من بيته في مصر القديمة الى وسط البلد لتقديم بعض المشاهد في بعض المسرحيات في بداية مشواره موفرا اجرة الاتوبيس التي كان لايملكها حتى وصل الى ما وصل اليه اليوم مؤكدا ان النجاح لا يأتي بل يتحقق بالعمل والاجتهاد . كانت نصيحة عادل امام غالية وثمينة ولو عمل بها الفنانين اليمنيين لما عانوا ولما وصل بهم الحال الى ما وصلوا اليه من ضيق في الرزق وقلة الحيلة و العمل، ويقع العبء الاكبر على الدولة التي لم تشجع العمل الابداعي والفني الأمر الذي اضاع ثراثنا الثقافي والفني لدرجة اننا نشاهد اعمال غنائية يمنية باصوات عربية دون تحديد دقيق لصاحبها بل وتعمد في كثيرا من الاحيان وتضليل في نسب العمل الفني لصاحبها الحقيقي، كل هذا ما كان ليحدث لو وجد العمل السليم فوزارة الثقافة معنية بنشر الثقافة وبناء المنشأت الثقافية كالمسارح و دور العرض السينمائي وتشجيع المبدعين بنشر اعمالهم الابداعية ومواجهة الفكر المضلل الذي يعبث في عقول الشباب ويغرس مفاهيم الكراهية في المجتمع . اليوم ونحن نرى من حولنا كيف تحولت دول ذات ارث ثقافي محدود الى قبلة يقصدها كل المشاهير ويحولوها الى اكبر مركز ترفيهي في العالم وكيف تبنى الثقافات المنفتحة على الاخر في بيئة ظلت الى وقت قريب منغلقة ومنعزلة عن الحضارة الانسانية ،تراجعت مدن عرفت الحضارة والتقدم في المنطقة سابقة من حولها لتنهض مدن اخرى من بين الرمال لتعلن عن نفسها مستغلة حالة الموت الثقافي عند من سبقوها.