أكثر من 600 شخص يتزاحمون أمام بوابة مصلحة الأحوال المدنية بعدن، الكل يبحث عن بطاقة أو جواز، وعندما تستنطق من يحاولون اختراق الحشود، يعلو الصراخ بشكواهم من ضياع فلوسهم ومظاهر الفساد الذي تزدحم به المصلحة. فساد يزيّنه شعار «أدفع أكثر تحصل على أسرع بطاقة». هنا الكل يتوافد من لحجوعدن إلى فرع واحد بكريتر، وفيه ترى العجب والعجاب في أساليب التفنن في الابتزاز والرشوة. معاناة شعبية بات إخراج بطاقة شخصية في عدنولحج من المستحيلات، يقول ناضل الصبيحي، ل«العربي»، ويضيف أنه «منذ أسبوع وأنا أتردد على مصلحة الأحوال المدنية بعدن، قادماً من لحج أذهب عند الساعة السابعة صباحاً، وأصل إلى كريتر الساعة التاسعة والنصف، وما أن أرى طابور الذين يريدون استخراج بطائق شخصية، حتى يصاب رأسي بالصداع». ويلفت إلى أنه «في الطابور، أبدأ خوض رحلة عذاب جديدة كلفتني أسبوعياً، جرّاء التنقل بين لحجوعدن، أكثر من 40 ألف ريال، بالإضافة إلى تجرّع عذاب الزحمة، في ظل فساد يعشعش في مصلحة الأحوال المدنية». أم محمد، تحدثت وهي تبكي قائلة «ابنتي لها سنة وأكثر، ولم أجد بطاقتها، تعذبنا كثيراً من أجل استخراج بطاقة شخصية لها، وكما ترى أعود فارغة اليدين رغم أن هناك من تصور واستخرجت بطاقته من بعد انتي». وتضيف «أتحمّل عنا التنقل من الشيخ إلى كريتر، ومع ذلك يقولون لي: لم نجد البطاقة... أين أذهب؟». وتشكو أم محمد من «انعدام الاحترام والرحمة» بين من تلجأ إليهم في المصلحة.
محمد عبدة ناجي، يقول ل«العربي» إنه منذ «سنة وثلاثة أشهر وأنا أتجول من لحج إلى عدن، وما تزال بطاقتي في خبر كان»، يؤكدا أن «هناك من يتعاملون بالجملة مقاولات على حساب المواطنين البسطاء... تريد بطاقتك في خمس أيام فقط ادفع رشوة ما بين 20 إلى 40 ألف ريال يمني». يلفت إلى أن «الفساد يجتاح المؤسسات الحكومية، وعليك أن تكون قوياً في الزحام كي تصل إلى المسؤول الذي يستخرج بطاقتك، ويبحث عنها»، يقول بغضب إن «الأمر بلغ مرحلة لا تُطاق، سيجعلونك تدفع ثمن الحبر الذي يكتبون به على الورقة حق الجواز... ويا ليت تجد لك بطاقة». ... وتبرير رسمي نقل «العربي» معاناة الناس وشكواهم، إلى مدير الأحوال المدنية في محافظة لحج، فيصل شريف، الذي برّر ازدحام مصلحة الأحوال المدنية بعدن بأعداد من أبناء لحج الذين يريدون استخراج بطائق شخصية لهم، بالقول إن «الزحمة والإقبال الشديد لطلب البطائق ناجم عن كون المعاملات الرسمية أصبحت جادة بطلب البطاقة الشخصية لاستكمالها». وأوضح أن «كل وثائق السجل المدني يتم استلامها من مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني بصنعاء»، مشيراً إلى أن «متابعة استلامها يأخذ الكثير من الوقت». وفي هذا الإطار، يقول مصدر في مصحة الأحوال الشخصية في عدن، إن «العذاب والمعاناة التي تكبّدها المواطنون، سببها عدم وجود بطائق في المدينة لأن كلها من صنعاء ويتم استيرادها من هناك»، مقترحاً «فتح أفرع لمصلحة الأحوال في المديريات بعدنولحج، للتخفيف من زحمة وعذاب الناس». بدوره، يقول حمود القحطاني، الواجهة الاجتماعية في عدن، ل«العربي»، إن «الحل في تجنّب هذا الازدحام والتأخر في استخراج البطائق، هو فتح فروع مصلحة الأحوال المدنية في كل مديرية بعدن، وكذلك في لحج، وتوفير البطائق والحبر، بدلاً من استقدامها من صنعاء، حتى تكون المعاملات سهلة ودون أي معاناة للمواطن، الذي بات يتحمل عناء السفر إلى لحج ثم إلى عدن».