لن نبعد أنفسنا اليوم من تحمل المسئولية تجاه الخطأ في تبرير طرح بعض النخب الجنوبية ضد الشمال وأقل ما نقوله إنه تحوّل في نظرنا من كتابات وطرح من أجل حقوقنا المشروعة وانتزاعها من الشمال السياسي إلى التنظير للكراهية ضد الشمال كإنسان وجغرافيا ومع ذلك لا نعفي أنفسنا -اليوم ما دامت النتيجة واحدة وهي التنظير للكراهية- كوننا كنا جزءا ممن مارس الكتابات ضد النظام في الشمال يوم كنا قادة للحراك الجنوبي ومنظريه فكان من أخطائنا يومها عدم التفريق بين الشمال الإنسان والجغرافيا والشمال النظام والسياسة لا لعدم معرفتنا في خطئنا في الطرح بل لإدراكنا يومها أن مثل ذاك الطرح يغذي الشباب في مواصلة التحرك ضد النظام في الشمال والذي كان ساعتها يحاول إخماد شعلة الحراك السلمي في الجنوب ذاك الطرح الخاطئ صار اليوم تنظيرا للكراهية ضد كل أبناء الشمال ذاك الطرح اليوم صار جزءا أو قريبا من طرح أغلب النخب والكُتّاب الجنوبيين فعكس نفسه على كل من يمارس الكتابة اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي فكان من نتائجه السيئة أن عكست تلك الكتابات من قبل كُتّاب مواقع التواصل عدم المعرفة في أصل الخلاف مع الآخر بل أحدثت تلك الكتابات ثورة تائهة ضالة تجاوزت القيم والأخلاق ضد بعضنا البعض كجنوبيين وضد الشمال كإنسان وجغرافيا. وتصحيح ذلك بالقول إنه من حقنا كجنوبيين الدفاع عن أنفسنا وحقوقنا والتي منها التنظير في استقلال الجنوب عن الشمال- وهذا الكلام موجه للنخب الجنوبية - وقد نعتبر تنظيرنا من أجل قضيتنا التي هُضمت من قبل الأطراف السياسية في الشمال بعد قيام الوحدة في العام تسعين - ونعني ما حدث ضد الجنوب السياسي من تآمر جره إلى الحرب أثناء وبعد انتخابات (27/أبريل/1993) وبعد الحرب التي جرت في صيف (94) بين الشمال والجنوب - تنظيرا ضروريا أيا كانت نتائجه بل ونعتبر مثل ذاك التنظير واجبا مقدسا نستطيع من خلاله استعادة حقوقنا السياسية مهما كان سقفها أو كانت لا يعجب النخب في الشمال لكن ما ليس لنا به حق أن يظن البسطاء منا أو حتى النخب المثقفة أن مثل هذا الطرح يكون وطنيا أو يخدم الوطنية والأغبى أو الأبعد من هذا أن تكون تلك النخب اليوم لا تعي أو لا تفرق بين التنظير للكراهية ضد الشمال وبين التنظير لأخذ حقوقنا أو انتزاعها من الشمال. من جانب آخر ترى بعض البسطاء بل أغلب النخب في الشمال تعكس التنظير في الكراهية ضد كل جنوبي يطالب الشمال بحقوقه المشروعة ومنها المطالبة في استقلاله عن الشمال وهو - أي هذا الطرح - في الغالب لا يخرج إلى خارج الدائرة التي يتقيّد المنظر بها حتى يرى الآخر كما يجب أن يراه لا كما يحب أن يراه ونعني أنه لا يحاكم بل لا يتفهم أخطاء قياداته السياسية التي كانت السبب الرئيس في اغتيال المشروع الوطني (إذا جاز تسميته بذلك) الذي جمع الجنوب بالشمال في (22/مايو/1990) فلهذا يظل مثل ذاك التنظير يجلد الضحية ويدفع بها نحو التنظير للكراهية ضد الشمال كإنسان ووطن وهو لا شك خطأ كبير لا يقل عن خطأ المنظر ضد الشمال في الكراهية وسيظل اليمن شمالا وجنوبا داميا منه لأجيال وستظل العقلية المتطرفة التي أوصلت اضمحلال الفكر ضد الآخر - وهو ما يؤلمنا- ترى أن ما قامت أو تقوم به أو ما صنعته عملا وطنيا أو دفاعا عن العمل الوطني وهو خلافه؟!. والمشكلة الكبرى أن مثل هذا التنظير عادة يعيش لأجيال مما يعني أن فكرة التنظير الأولى قد تكون في الغالب تراجعت أو دُفنت عند أصحابها لكنها في الواقع لم تمت وستظل كموروث تقبله دائما العقول المريضة التي تحتاج إلى نفس فكرة التغيير عند من بدؤوا نفس الفكرة سابقا وعلى كل حال فالنتيجة الأساسية لكلفة ذاك الطرح يكون في أقل تقدير عدم حل مشاكلنا كيمنيين داخليا فنحتاج بعدها إلى تدخل الخارج دائما كضرورة عند البعض على الرغم من علمه تماما أن تدخل الخارج عقلا ومنطقا يتنافى مع دعاوى الوطنية التي نظّر لها منظرو الوطنية سابقا وهي في حقيقة الأمر لم تكن إلا تنظيرا للكراهية أخطأ فيها البعض وجهلها البعض الآخر يوم نظّر لها سابقا على أساس الطرح الوطني أو الدفاع عنه. ومنها اليوم مشكلة الكتابة فهي مرتبطة بكتابات النخبة ونعني الطبقة المثقفة التي لم تستطع تحويل عشوائية الطرح والفوضى إلى ثورة في تصحيح المفاهيم ومقاومة للطرح الفاشي الذي يُمارس من قبل الكثرة في توجيه الرأي العام والتي دائما ما تطرح الرأي بسطحية وبساطة كثيرا ما تخدم أو تُجند - وخاصة عندما تطرح آراءها السياسية - من قبل جهات مختلفة عادة ما تنتظر تلك الجهات لمثل تلك الآراء كي تجندها لصالح مشاريعها السياسية الخاصة في الوقت الذي قد تكون مثل تلك الآراء لا تعبر عن آراء من طرحها بالضرورة لبساطة تفكيرها بل ممارستها لمثل تلك الكتابات كان فقط لمجرد إثبات تواجدها في الإعلام أو لحبها ذلك والأسوأ من ذلك أن تكون تلك الآراء ناتجة عن تعصب وتطرف في عقلية من صاغ تلك الآراء والمفاهيم الخاطئة لتوجيه الرأي العام بالمقابل شيءٌ آخر وهو خطأ أو غياب النخبة الذي كان سببا رئيسا في ميلاد مثل تلك الثورات في مواقع التواصل والصحف الالكترونية التي ظلت تطرح رأيها بدلا عن النخبة التي تخلت عن دورها أو كانت مقلدة لخطئها فكانت النتيجة النهائية التنظير للكراهية .