لا تزال تدور رحى الحرب الممنوع و المؤجل الانتصار فيها في زنجبار ، ولا زالت أبين تذوق أصناف الويل والعذاب جراء تحويلها إلى ساحة لتنفيذ المخططات الشيطانية من شياطين تبرأ الشيطان من أفعالهم وإننا والله لتقطر مآقينا دموعاً على ما يحدث لإخواننا وأهالينا هناك حيث أن منفذي هذه المخططات أشد شيطنة من الشياطين التي أعدت هذه المخططات ، ومن الجلي أن ما يحدث في أبين عامة وزنجبار خاصة ما هي إلا الخطة (أ) للشيطان المخطط والمدبر وأن هناك خطط (ب – ج – د ... الخ) الهدف منها القضاء على الإنسان الجنوبي والأرض الجنوبية قبل كل شي آخر ، وها هي الأخبار تصلنا عن نية الشياطين المنفذين الهروب إلى الحوطة أو عزان أو عتق بعد التضييق عليهم من قبل رجال القبائل واللواء الأكثر وطنيةً على مستوى الجيش اليمني الحديث اللواء 25 ميكا. وإنها والله للحظة حرجة ومنعطف خطر يمر به الإنسان والأرض الجنوبية تحتم على الكل توحيد الجهود لردع هؤلاء الشياطين والقضاء عليهم ، فورقة القاعدة الآن ليست لابتزاز القوى الإقليمية والدولية بقدر ما هي أداة لتفتيت وتدمير الجنوب بعد يقين ساسة الشيطان أن الجنوب وقضيته قادِمينِ لا محالة ، لذا أرى أن الواجب الوطني يحتم علي تسليط الضوء على بعض التحولات و التجارب المهمة في حرب زنجبار التي أظن أنها شكلت عامل تحول ملاحظ في الحرب الدائرة هناك والتي من الممكن أن يستفيد منها أبناء الجنوب ويعتبرونها دروس لمواجهة الأخطار المستقبلية المحدقة بهم. الدرس الأول: عدم الثقة في القوات المسلحة في الوقت الراهن هناك سببين رئيسين تدفعني وبكل أسف لعدم الثقة في إمكانية ورغبة القوات المسلحة الدفاع عن المواطنين ، فالأمن والشرطة والجيش التي لا تأمر بمعروف ولا تنه عن منكر و لم تتدخل يوماً من الأيام لحماية المواطن الصالح من المواطن المجرم لن تزج بنفسها في حروب استنزاف تكلفهم كثيراً إلا إذا كانت تلك الحروب تؤدي بها للسلطة مباشرة ، فالدخول في مواجهات مباشرة مع القاعدة او ما يسمون أنفسهم بأنصار الشريعة قد لا تخدم أهداف ومصالح المؤسسة العسكرية في الوقت الحالي لأنها تفتح الباب لممولي وداعمي مقاتلي القاعدة وأنصار الشريعة في صنعاء بزيادة وتعزيز الدعم لاستنزاف قوات المنطقة العسكرية الشرقية و الوسطى التي أعلنت دعمها للثورة في حال تدخلها لحماية المواطنين ومحاربة القاعدة وهذا السبب الأول ، أما السبب الثاني فهو أن الدولة اليمنية الحديثة بعد حرب 94م ما هي إلا امتداد لجمهورية العربية اليمنية التي أعادت إنتاج نفسها بعد الوحدة مباشرة وعززت ذلك علانية بعد حرب صيف 94م وبالتالي فإن الأمن والشرطة والجيش هم كذلك من إنتاج العربية اليمنية فلم تزل عقيدة وولاء الجندي اليمني القائمة على القبيلة والمنطقة والمصلحة موجودة ولم تتغير كثيراً وإلا لماذا لا يقوم محمد علي محسن بتحريك ألويته وجنوده لطرد والقضاء على عناصر أنصار الشريعة الموجودون مديرية عزان بمحافظة شبوة قبل أن يقوى عودهم و يعاد تجهيزهم؟! وما نحن متأكدون منه أنه سوف يفعل ويكشر عن أنيابه عندما يصلون لأحد القطاعات النفطية في شبوة أو حضرموت أو عندما تتعرض المنطقة العسكرية الشمالية الغربية لأي اعتداء لأن تلك العقيدة العسكرية التي يؤمنون بها . لذا اعلموا يا أبناء الجنوب أنكم ستقفون لوحدكم في مواجهة المفسدين في الأرض فلا تعولوا ولا تعتمدوا بعد الله إلا على أنفسكم وأنتم أهلٌ للمقاومة والدفاع عن أراضيكم كما أنتم أهلٌ للسلم. الدرس الثاني: عدم تكرار خطأ النزوح عندما نزح أهالي زنجبار منها لم يكن يخطر في بال أحدهم أنه سوف لن يعود إليها كل هذه المدة وإلا لما ترك مدينته مستباحة للدخلاء المأجورين والمغرر بهم ، ولكنهم وقعوا في خطأ ثقتهم في المؤسسة العسكرية التي ما انفكت تخذل المواطن في كل موقف بل وتنهش من لحمه و دمه ، هذا الخطأ تنبه له ولم يقع فيه أبناء لحج عندما حاولت تلك العناصر المأجورة دخول لحج مباشرة بعد سيطرتهم على زنجبار بفترة قصيرة ولكن الأشاوس من أبناء لحج تصدوا لهم وطردوهم شر طرده ، فكانوا على المستوى الشعبي والرسمي وحتى من يمثل النظام في لحج من أبناء لحج وقفوا وقفة رجل واحد لأنهم أدركوا أن الخطر المحدق بهم يهدد بالدرجة الأولى الأرض والإنسان ، فالإنسان الحر والشريف مهما كانت أجندته الشخصية والحزبية والسياسية إلا أنه وفي مرحلة من مراحل الصراع لا يمكن أن يفرط في أرضه وأهله ، فيا أبناء الجنوب نحن أمام تجربتين في هذا السياق ، تجربة تخلي السلطات والأهالي في زنجبار وتجربة وقوف السلطات والأهالي صفاً واحداً في لحج ، وانتم اختاروا لأنفسكم ، فالحذر الحذر أن يؤتى الجنوب أرضاً وإنساناً من قبلكم ، يا أبناء الجنوب إننا في الجنوب قبائل تتوارث الكرامة والشهامة جيلاً بعد جيل ، فأنتم من تضحون بالعشرات من القتلى في الحروب القبلية على شجرة سدر او كومة طين لا لشيء ولكن لأن الكرامة هي المعنية ، فأرضكم كرامتكم لا تسلموها لغيركم ولا تنزحوا منها وقد بشرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن من مات دون أرضه وعرضه فهو شهيد. الدرس الثالث: الاعتماد على النفس إن ما يميز عواصم المحافظات الجنوبية وبالذات الشرقية منها (شبوة ، حضرموت ، المهرة) هو وجود اللجان الشعبية الأمنية على الأرض وهذه اللجان لم تكن موجودة في زنجبار وإلا لتردد الداخلون إليها ألف مرة ، تلك اللجان المكونة من الشباب الجسور هي نواة المقاومة والحماية ، وقد أنشئت لهذا الغرض ودورها يتعزز أكثر بوجود خطر القاعدة وأنصار الشريعة ، فكونوا على ثقة أنه ما دامت هذه اللجان موجودة على الأرض لحماية الناس فأنتم بأمان لأن من يحميكم هم أبنائكم ، فحافظوا على هذه اللجان وادعموها ونسقوا بين عناصرها ومع مدراء أمن المحافظات و الضباط من القلة الذين تهمهم حياة المواطن وأرض الوطن ، وانظروا كيف رجح قبائل أبين كفة الصراع عندما اعتمدوا على أنفسهم و دخلوا في الحرب ضد أنصار الشريعة والقاعدة وكيف أحرزوا الانتصار بعد الانتصار بل كانوا قاب قوسين أو أدنى من دخول زنجبار لولا خيانة وحدات مهدي مقولة لهم ، فتلك العناصر من القاعدة ومن أنصار الشريعة يستطيعون أن يواجهوا الوحدات النظامية من الجيش ولهم خبرات سابقة في هذا النوع من المواجهات ولكنهم أضعف ما يكون عندما تأتي المقاومة من الأهالي. والله نسأل أن يجنب اليمن عامة والجنوب خاصة الحروب والمصائب وأن يمكر الله بمن يمكرون بالوطن والمواطن.
نداء للقادة الكبار: قال لي صديق من إحدى الدول العربية يعمل مراسل لإحدى وكالات الأنباء العالمية ومن المتابعين للملف والقضية الجنوبية أنه مستغرب جداً من مواقف قادة الجنوب التاريخيين ، ولماذا لحد الآن لم يستطيع فريقي بروكسل والقاهرة التوصل لرؤية موحدة رغم أن القارئ لبيانات ومواقف الفريقين يفهم بسهولة أنهم اتفقوا على الأسس ، وعلى العكس تماماً يرى صديقي الصحفي أن الفريقين يكملون بعضهم ويشكلون توليفة سياسية ناجحة إذا صح التعبير وأن ما دعا إليه فريقي بروكسل والقاهرة من السهل ترتيبه ضمن أولويات العمل السياسي للسياسيين الجنوبيين ، هذه وجهة نظر صديقي الصحفي المتابع للقضية الجنوبية ، أما نحن في الجنوب فلا نجد أن هناك أمراً أشد مرارةً وحسرةً وألماً في نفوسنا بعد ضياع وطننا إلا مواقف من ضيع علينا وطننا في هذا الوقت الحرج ، ما أطيب هذا الشعب الجنوبي الذي تناسى كل آلامه التي سببها له قادته وهتف بأسمائهم وبدا مستعداً أن يفتح صفحة جديدة معهم ويعطيهم فرصة أخيرة لإصلاح أخطائهم السابقة ، ها هم قادتنا التاريخيين يا أخي الجنوبي وأختي الجنوبية يؤجلون يوماً بعد يوم أن يتفقوا ، أنهم بتأجيلهم هذا لا يعرفون أنهم يؤجلون أحلامنا وطموحاتنا ، يا قادة .. ألا يكفي قاسماً مشتركاً بينكم حياة المواطن الجنوبي المهددة ؟! يا قادة .. ألا يكفي سبباً لتوحد الرؤية بينكم كرامة المواطن الجنوبي المفقودة؟! ، ارحموا هذا الشعب الشهم والكريم الذي يحقق لكم على أرض الواقع وهو أعزل منجزات ومكاسب لم تحققوها وأنتم على ظهور الدبابات والمدرعات ، ها نحن الآن شباب الجنوب الذين لم يعيشوا لحظة واحدة في زمن الدولة المستقلة نمد إليكم أيدي التسامح والتعاضد أيدي المحبة والتعاون ونطالبكم أن تقفزوا فوق كل حواجز الاختلاف والتفرق وأن تخرجوا لنا برؤية وطنية موحدة ترقى لطموح شعبنا الجنوبي الكريم ، لا تفوتوا هذه الفرصة عليكم فهي قارب نجاة لكم قبل أن تعني شيئاً للشعب الجنوبي والقضية الجنوبية ، فنحن ماضون في استعادة أرضنا وكرامتنا بمعيتكم أو بغيرها ، كونوا بالجنوب وإلا اعلموا أن الجنوب سيكون بغيركم .. والسلام.