خمسة اشهر هي الفترة التي قضتها توكل كرمان بعيداً عن منصة ساحة التغيير ، تنفيذاً للعقوبة الجائرة ، التي نفذها حزبها الذي تنتمي له ، ولعل الجميع يذكر مجزرة بنك الدم وقصة الزحف والعبارات التي قيلت بوجه توكل وبوجه الكثير من شباب الثورة " الأمن القومي باطل " وغيرها من العبارات التي اطلقها الإخوان المسؤولون عن المنصة في ردهم على سيدة السلام اليوم توكل كرمان.
اعتلت توكل كرمان منصة ساحة التغيير وعادت الشعارات الثورية من جديد ولعل كلمتها التي قالتها على المنصة بعد قضاء مدة طويلة بعيداً عنها " ثورتنا ثورة سلمية ، لا للحرب الأهلية ، سلمية سلميه ، سلمية ميه الميه " في ردها على اول سؤال لها في المقابلة الأولى على قناة سهيل وغيرها من الشعارات التي قالتها كرمان ، وكأن الحنيين لقولها كان يحتشد في أعماقهم وشعورها الجامح بضرورة قولها بذلك الموقف المهيب ، حتى وأن كانت أجابتها خالفت السؤال الذي طرحة عليها المذيع عن شعورها حين تلقت خبر فوزها بجائزة نوبل .
سبحت الله كثيراً حين شاهدت ثلة من قيادات المشترك يقفون لجوار كرمان في منصة ساحة التغيير ، وعلى ايديهم الهدايا المغلفة ، وهي من كانت بنظرهم ، خارجه عن الصف في فترة من الفترات ، وسبحت ايضاً اكثر وانا اسمع نفس الميكرفونات تمدح بقوة شخص توكل ،وهي نفسها التي صرخت بوجها ووقفت لها ولنا يوماً من الأيام مانعة الجميع من طلوعها ، وقلت في نفسي سبحان من جعل اليوم الباطل حق .!!
قناة سهيل بخبرها العاجل وعنوانها الكبير ، تقول " عضو شورى الإصلاح توكل كرمان تفوز بجائزة نوبل للسلام ،متناسين انها اولاً بنت اليمن وبنت شرعب ومع العلم ان التهنئة جاءت متأخرة جداً مقارنة ببعض القنوات العربية بما فيها قناة اليمن الفضائية ، ولم استطيع تبرير ذلك التأخر لقناة سهيل ، سوى لأخذ "الأذن" قبل النشر! يستمر النفاق السياسي وتدفع الثمن الثوة الاخلاقية ، ولا اعتقد ان المشترك قد مر بمرحلة "حمق" سياسي اكبر من هذا الذي يمر به اليوم ، فمن كان يعتقد ان قيادي في اللقاء المشترك يظهر على احدى القنوات ليتبجح بكل ذلك الكلام الذي اعتقد انه سبب في تأخر الثورة لا سبب في انجاحها ، فالساسة الكرام ، اليوم ، يخرجون الكبت الذي منعه علي عبدالله صالح لسنوات خلت ، وكأنهم لم يكونوا يعلموا أن النظام " ظالم ، قاتل ، ناهب ،مستبد " حقاً اذهلتمونا باكتشافكم المتأخر آيها الساسة .!!
لا تزال الاحزاب اليوم ، تعطي صورة للعالم أن ما يحدث في اليمن هي مجرد ازمة بين طرفين ، " المشترك المعارض ، والمؤتمر الحاكم " لم يعد العالم بأعلامه يتحدث عن ما يطمح له الشباب او اهدافه ، واحتل المشترك المشهد السياسي والثوري ايضاً ، عبر شباب الثورة ولعلهم يذكرون ذلك ، كما يذكر ذلك الشباب واخص بذلك الشباب الذي كانوا يعتلون المنصة ، والذي تم اقصاءهم بأوامر عليا في ما بعد .!!
نحن نعترف أننا كلنا لسن كمثل توكل كرمان ، بصبرها على الحماقات التي كانت تصدر من بعض العناصر تجاها وتجاه الكثير من الشباب ، الأن وقد جاء الجميع إلى ساحة ليبارك الانتصار لتوكل ، ويقدمون اعتذارهم لها ، ولمنعها من المنصة لفترة كبيرة ، كانت الصفعة قاضية من الأخيرة بإعلانها أن الجائزة ستحول إلى خزينة الدولة ، ولعل نفس الكأس الذي اشربوها منه يوماً ما ، جاء اليوم الذي يذوقون منه .
التغيير يجب ان يكون جذري ولا أعتقد ان واحد من شباب الثورة سيرضى أن يثور ضد النظام ليمارس عليه أفعال هي نفسها التي خرج بثورته ضدها ، فالصبر قد نفذ من تلك الممارسات ، والوقت الذي كانوا يتحججون به ، وانه يجب اسقاط النظام اولاً من ثم ننتقد بعدها ! لم يعد ينفع الآن فلسنا مستعيد لزرع نظام اخر يشبه نظام صالح وفي الساحات ايضاً ، بل سيعمل الجميع على اجتثاث النظام من جذوره وبكل ممارسات الإقصائية ..!!
اشعر بالقهر مثلي مثل الكثير من شباب الثورة الذي كسروا حاجز الخوف مبكراً في الوقت الذي كان لا يزال البعض من الساسة يقضون وقتهم برفاهه مع الحاكم ، اشعر بالقهر حقاً حين اتذكر احدى الجرحى وبعض اعضاء اللجنة الأمنية ينعتوه بالمندس ، واخر يصفوه بالأمن القومي! وكيف كانوا يتألمون من الكلام الذي كان يقال عنهم ، في الوقت الذي قدموا فيه أغلى ما يملكون ، ولعل الكلام وجه للكثير من طلائع الثورة حين كانوا يعترضون على بعض السياسات الحمقاء الذي كان يقدم عليها أعضاء المشترك . أيقن ان اهداف المشترك سقطت مع سقوط هذا الحاكم ومع أول انطلاقة لشباب الثورة في ل 15 من يناير ،وذلك لكونهم لم يستطيعون تقديم شي لهذا الوطن بعيداً عن التنظير والاجتماعات والتشكيلات ، التي نقلوها بشكل كبير إلى ساحات التغيير ولكنهم حقاً أثبتوا فشلهم الذريع ، فشباب الثورة خلال هذه الفترة تعلم الكثير وبات يتمتع بدهاء سياسي وتجربة فريده ، لا يمتلكها اعضاء المشترك الذي يفاخرون بتجربتهم الطويلة ، فقط .!!
على الأخوة الساسة في المؤتمر والمشترك أن يعوا أن الثورة جاءت لتحقيق اهداف اكبر من أيدولوجيات واهداف احزابهم ، وان عليهم ان ينسوا ، ان الأمر سينتهي بمساواة بين الأطراف ، لكون الوضع اذا تم لن يحقق آمال الشهداء وأهداف الثورة ، وأن الاعتصامات ستستمر حتى تنتصر لكل الآهات ، وتنتصر لتعز وللجنوب ايضاً. ان كان المشترك يؤمن انه من سيتولى قيادة البلد فعلية أن يتعامل بطريقة اخرى عكس تلك التي عرفناه لأكثر من 8 اشهر ، فكل الأساليب والممارسات التي عاملوا بها شباب الثورة في الساحة ستكون كافية لإشعال ثورة أخرى هي اقوى من هذه التي جاءت لتغيير كل شي بما فيها كراسات التعليم التي تلقى المشترك دروسه منها ،لتبديلها بكراسات أخرى لا تعرف الذل والهوان ، كراسات تؤمن بالحرية وتكفر بالغلال والتبعية..!!