تتابع الجماهير العربية بقلق بالغ الجهود التي تبذل حاليا لانعاش النظام العربي المحتضر وكلها اما ان تكلل هذه المحاولات بالنجاح الذي يتوقف بالطبع على لتشخيص السليم لنوع عله النظام .. فالنظام بوضعه الراهن يعتبر نظاما اقليميا يمثل مجرد تجمع لدول الجوار بهدف التشاور حول امكانية التعاون وحل المشاكل القائمة بينهما كقضيه (قطر) واليمن المجاورة لتلك البلدان لحيث وان أمن الخليج هو من امن اليمن واذا كانت الدول المشاركة في النظام تتمتع بميراث لغوي وديني وعرقي مشترك .. الا ان النظام لم يهتم باستخدام الهوية الثقافية التاريخية كآليه سياسية ويحاول المزاوجة بين الثقافة والسياسة في استغلال القومية العربية بوصفها ايدلوجية سياسية طبقا للمفهوم الذاتي للقومية .. وبناء عليه واصلت كل من الحكومات العربية بوصفها ظاهره سياسية عصرية صياغة استراتيجيتها السياسية كما يحلو لها دون مراعاة لمدى تمشي هذه السياسة مع المصالح القومية العليا أي مصلحة الامة العربية التي لم يحرص النظام على جعلها الميدان الاساسي للعمل السياسي واعتبرها مجرد ظاهرة تاريخية.. عجزت الانظمة العربية من خلال انعقاد جلسات القمم العربية العديدة عن اقناع حكام بلدانها المشاركة بضرورة تجاوز النطاق القطري المحدود من خلال رؤية اعلى واعم وأشمل وابعد اثرا تأخذ في الحساب مصلحة الجميع الذين يلتزمون ايدلوجية قومية تضمن الاتفاق على سياسة موحدة وبناء الاقتصاد العربي على اساس قوي متين.. ظلت القومية العربية بالنسبة للنظام العربي تمثل مجرد نظرية تربط الفرد بالأمة العربية التي شاءت الاقدار ان يولد فيها دون ان توفر لها الشعور الحقيقي بالهوية او تدفع الاخرين للاعتراف بها وقبولها واحترامها لم تضمن هذه القومية للإنسان العربي الأمن ولا الامان ولا المستقبل الباهر مما حدا بالبعض للتطاول عليها وتحميلها وزر تخلفه علما بان المسؤولية تقع على عاتق النظام الذي تجاهل استخدام القومية كايدلوجية سياسية تجديدية وديناميكية متطورة دوما عبر الزمان وكآليه قادرة على ايقاظ الامة من سباتها ومعاونتها على النهوض من كبوتها واستعادة امجادها وافضى عدم انتباه النظام لطبيعة المتغيرة للقومية الى التخلف عن احداث التغيرات اللازمة للحفاظ على مقومات بقاء الامة طبقا للتغيرات المنتظرة في علاقتها مع النظام الدولي المرحلي والوحدات الإقليمية الاخرى كإيران وتركيا واسرائيل ومن في حكمهم .. ان النجاح فر رد الحياة لنظام مرهون بتغيير طبيعته أي تحويله الى نظام قومي حقيقي تتولى رئاسته الدول العربية بالتناوب وتقوم هذه الرئاسة من خلال الأمانة العامة بمتابعه تطبيق الدول للسياسة القومية في المجاملات السياسية والاقتصادية والعسكرية . ان المشكلة الحقيقة التي ستوجهها محاولات اقامة مثل هذا النظام لا تكمن في علاقات الدول العربية بعضها ببعض ولا في تضارب مصالحها وانما في علاقة كل منها مع النظام الدولي الحالي الذي تسيطر عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية وترى ان من مصلحتها ومصلحة اسرائيل الا جهاز على النظام الاقليمي العربي العليل – المريض من خلال الاسراع في تطبيق فكرة الشرق الاوسط الكبير .. مما لا جدال فيه ان امريكا عزمت عن التصدي بكل ما تملك من قوة وادوات الضغط السياسية والاقتصادية والعسكرية لمحاولة اعادة الحياه للنظام العربي المريض لان قيام نظام قوي عربي فعال سوف يكون بمثابه حجر عثره في طريق فرض الهيمنة الصهيونية أمريكية على المنطقة واقامة الإمبراطورية الأمريكية خلف ستار العولمة التي نادوا بها في السابق تلك العولمة التي لا ترمي لتحجيم دور الدول القطرية في ادارة شؤونها الداخلية فحسب وانما استئصال فكرة القومية من عقول الشعوب وحرمانها من الاليه الوحيدة المتاحة اماماها لبناء الحركات الاجتماعية التب تتبنى مطالب الطبقات الكادحة وتتصدى لمحاولات استغلالها واقامه الحركات المناهضة لهيمنة(النظام الصفوي الايراني ) وعبثه في المنطقة العربية من خلال ادواتها في المنطقة وهيمنة الاستعمار التي تتبنى مطالب الشعوب المقهورة والمغلوبة على امرها.. ان تحقيق حلم الاستعمار الجديد يستلزم بالضرورة العودة بأوضاع العالم لما كانت عليه ابان عصور الإمبراطورية الرومانية التي قسمت سكان العالم حينئذ قسمين (نحن) أي ابناء الإمبراطورية وارباب المدينة (وهم ) أي كل الاخرين البرابرة كما لا ننسى الإمبراطورية العثمانية التي قسمت العالم العربي الى عدة دول حسب لدول الاستعمار الجديد بقيادة امريكا كما فعلت دول الاتحاد الاوروبي وكما تفعل الان العديد من دول امريكا اللاتينية .. والسؤال الملح الذي يبحث عن اجابه هو: هل تملك كل الدول العربية التي مزقت الحروب بعض من البلدان ودمرت اقتصادها واخربت حياة سكانها القدرة وعلى الرغبة في تحدي خطط ومشاريع الاستعمار لجديد في المنطقة العربية .. او (ما قدر الله با يكون!!)..