طالت مأساة أبناء أبين وتجاوزت المعقول إلى اللامعقول!! واستدام الحال على ما هو عليه ..!! وتجاهلت السلطات المركزية هذا الحال !! ولم نعد نسمع عن جيش الثورة ولا جيش العائلة وتسابقهما لتحرير أبين. ولم تعد حكومة توم وجيري ( المؤتمر الشعبي وعدوة اللدود اللقاء المشترك ) ولا المجتمع الدولي يكترثون بحال أبين بقدر ما يكترثون بحصانة الرئيس وأبناءه وأتباعهم!! . والغريب أن نسمع عن من يهدد بترك منصبه إذا لم تقر الحصانة للرئيس!! أو إذا لم تتوقف ثورة المؤسسات..!! أو إذا لم يتم التحقيق في اعتداءات تتم هنا أو هناك - وأقول التحقيق فقط !! لأن معاقبة الجناة لا يهم، أو أن قانون الحصانة أو العدالة الانتقالية فيهما الحل - في حين لم نرى منهم شيئاً من هذا القبيل تجاه أبين وما يحدث لها. والغريب ايضا أنهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها لما هو دون ما حل بأبين.. كما حدث في قرية دماج وتعز وأرحب ونهم التي اُعْلِن عنها بأنها مناطق منكوبة..!!
كل هذا، وأشياء أخرى جعلت أبناء أبين يطرحون على أنفسهم الكثير من الأسئلة ويتداولون فيما بينهم الكثير من الروايات والتفسيرات لما حدث ويحدث لمحافظتهم.. أسئلة على شاكلة.. لماذا حدث ما حدث في ( أمعجلة ) ولماذا حدث ما حدث في ( مصنع 7 أكتوبر ) ولماذا الآن يُهَجر أبناء أبين من منازلهم.. ولماذا لا يهتم بقضيتهم الغانمون للسلطة ( موالاه ومعارضة ) ولماذا لا يتناول قضيتهم الإعلام المرئي المحلي والخارجي ( اليمن، سبأ، الإيمان، العتيق، عدن، سهيل، السعيدة، الجزيرة، العربية، البي بي سي.. الخ ) هل في نظرهم أن أبين تقع في كوكب آخر خارج مجرة التبانة وبالتالي لا يعنيهم أمرها..!؟ أسئلة كثيرة يصعب حصرها.. بعضها يقال وبعضها محبوساً في أذهان أبناءها الميسرين والمعسرين على حد سواء.
من ما يتداوله أبناء أبين كإجابات لبعض تلك الأسئلة.. شائعة وجود حقل جوفي عامر بالنفط تربض عليه منازل أهل أبين, وان ما حدث هو جزء من سيناريو يراد به إجلاء أهلها عنها، حتى يتسنى لحمران العيون كشف المستور والسيطرة عليه. وشائعة الوطن البديل.. تلك الشائعة التي لا زال يرددها قليل من النازحين تفسيراً لما حدث لأبين وهذا التجاهل الدولي المريب .. وملخصها أن أبين يتم تحضيرها لكي تكون وطناً خالصاً بديلاً للقاعدة.. تقام فيه إمارة يؤمها كل المنتسبين ومن يريد أن ينتسب للقاعدة مستقبلاً وتكون وطناً وإمارة ( دولة ) تلم شملهم من شتى أصقاع العالم .. أسوة باليهود الذين اختيرت فلسطين وطناً لهم.. ويقال أن النظام الذي قامت ثورة الشباب لإسقاطه قد وافق على هذا المصير لأبين كواحد من أثمان بقاءه أو خروجه آمنا ونجاته من أي ملاحقة جنائية دولية.. ثم غضت النظر عنه حكومة الوفاق لأسباب لا يعلمها مطلقو هذه الشائعة.
ويستشهد مطلقوها على صحتها بما شاهدوه في المسيرات الراجلة إلى أبين عند وصولهم إلى تخوم مدينة الكود من تقارب شديد بين مسلحي أنصار الشريعة وجنود ألوية الجيش، حتى خيل لأحد الظرفاء من المشاركين في تلك المسيرات أنهم في المساء يتسامرون باللعب ( بورق البطة ) مع بعضهم البعض.
وهذا ايضاً ما جعل مشاركون آخرون يتساءلون عن مدى صحة الأخبار التي يقرؤونها يومياً عن شراسة المعارك بين المسلحين وألوية الجيش التي تحاصرهم والتي يتكبد فيها المسلحون – كما تقول تلك الأخبار - خسائر فادحة في أرواحهم وفي عتادهم.. فلا هم خلصوا ولا عتادهم خلص !! - لعلها خسائر في لعبة بلايستيشن – كما علق ظريف آخر.
أخيراً، أزعم جازماً أن كل الروايات التي قيلت حتى الآن بما فيها الوطن البديل وحقل النفط لتفسير ما حدث، بعيدة كل البعد عن التصديق، وما أرجحه تفسيراً لطول معاناة أبناء أبين تفسيراً واحداً هو سكوتهم الطويل على ما جرى ويجري لهم قبل وبعد 27 مايو 2011 م. ولعل التحركات الأخيرة لهم والمتمثلة في المسيرات الراجلة إلى أبين والندوات التي تعقد – أي كان منظموها - تأتي بما انتظروه طويلاً وإن كنت أراها غير كافية لبلوغهم هدف العودة الآمنة لمنازلهم. وليعلم الذين ظلموا أبين وأهلها أي منقلب سينقلبون، وإن غداً لناظره قريب.