إنه أنور الركن الفنان المسرحي والصحفي والقيادي في حزب البعث الاشتراكي، ضحيةٌ جديدة من ضحايا حرية الراي، في شهر رمضان المبارك، رحل مودعاً غابة مليشيا الحوثي، رحل قبل أن يرحل رمضان ليترك لنا الألم والأسى على حال اليمن في عامها الرابع الذي نحصد ونرصد فيه الضحايا، عدّاد في تصاعد بلا هوادة. صورة الصحفي الشهيد أنور الركن المخفي قسرا لمدة عشرة أشهر بعد خروجه من المعتقل بثت فينا عزيمة بقدر الوجع الذي اصابنا، تلك الصورة لن تتلاشى من مخيلة الكثيرين التوّاقين للتحرر من الكهنوت الامامي، ستستمر هذه الصورة في توصيل رسالة الشهيد أنور وكل من رحل في قافلة المدافعين عن حرية الرأي، وستكون وصمة عار وشؤم على كل مدّعيي الحياد من المدافعين والمبررين عن جرائم الحوثي المشينة. عُذب أنور وحُرِم من الغذاء وحُقن بمواد سامة، موت بطئ كان يحقن به، ثم اُطلق سراحه حين اوشك على مفارقة الحياة، نحن أمام جريمة مركبة اخفاء قسري صاحبه تعذيب وحقنٌ بمواد سامة، قتلٌ متعمد بحسب القانون الجنائي اليمني، من جهة هي مسؤولة مسؤولية تامة عن النهاية التي آل اليها أنور. مشهد مقارب للنهاية التي آل إليها من قبل الصحفي محمد العبسي حين تم تجريعه السم، وأيضا مقارب لنهاية الصحفية جميلة جميل. بقدر ما هزتني الصورة نفسياً، تمخضت لدي مشاعر الغضب والسخط من المواقف المعيبة للعديد من المنظمات الدولية التي تتعامل مع الحوثي باحتسابه كطرف سياسي، رغم ان مناهجه وطريقة وصوله ليست سوى ضرب من ضروب الهمجية والوصولية المستندة على القهر والاذلال والدمار للإنسان والأرض. فرغم تجاوز اعداد المعتقلين والمخفيين قسرا في سجون الحوثي الذي يزيدون عن الثلاثة عشر ألف، عدد كبير من الصحفيين بينهم، تقع مسؤوليتهم على عاتق المفوضية السامية لحقوق الانسان بالدرجة الأولى، والصليب الأحمر الدولي الذي حمل أمانة استغاثة أمهات المعتقلين الذين كنت أنا ضمن من حملوا مناشداتهم عدة مرات إلى مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف مطالبين سرعة الكشف والافراج عنهم من سجون الحوثة. هذا الصمت المعيب لهذه المؤسسات وتقاعسها عن أداء واجبها تجاه هذه الجرائم بالتعامل الحازم مع هذه المليشيا يُنذر بأن ما هو قادم لا يقل سوء.