بعد أن مات الاشتراكي؛ بقى ياسين سعيد نعمان يعبث بالجسد الاشتراكي الميت ،كما هو شأن سلطان البركاني اليوم الذي يحاول اليوم أن يعبث بالبقايا المتهالكة للمؤتمر ،فبعد أن تحللت أعضاء هذه الاجساد السياسية وأصبحت رميما وترابا، وبعضها أكلته وتقاسمته وحوش السياسة، يصبح دور هؤلاء الأشخاص ،الذين يكون ظهورهم تعببرا عن الموت السريري والفراغ القيادي ،ليس أكثر من كونه ظاهرة صوتية وإعلامية ،وفي أحسن أحواله ينتج تعقيدات سياسية أضافية للمشهد المعقد أصلا ،يظل هؤلاء الاشخاص غارقين في الحساسية السياسية الزائدة والتناقض والمزاجية الشديدة. في بداية 2011 في مرحلة تأجج الثورة الشبابية بروحها الوطنية التي كانت كسيل جارف، قبل أن يتم تزييفها واستغلالها وتحويلها الى مجرد سخافات ومبالغات مبتذلة ،حين كانت قد تجلت بعض ملامحها الفكرية والسياسية التقدمية، تصاعدت أصوات بريئة وسطحية ،لتقول بأن الأشتراكي هو فارس المرحلة والأقرب الى روحها ..كان هؤلاء يجهلون عدة أمور في السياسة منها بأن الأشتراكي قد تغير جوهريا أو أخفق أمام الاختبارات الصعبة ،فذابت كل شعاراته الوطنية والتقدمية ،وعاد من التطرف التقدمي الى التطرف القبلي والتخلف الفكري ،فقد أتجه مناضلي وأعضاء هذا الحزب نحو القبيلة والسلطة والجماعات الدينية ،فمنهم من أصبح أخواني أكثر من الأخوان أنفسهم ،ومنهم من أصبح حوثي أكثر من الحوثيين أخلاصا وعقيدة ،ومنهم من حالفه الحظ ليتحول الى رأسمالي ويصبح مؤتمريرا . ياسين نعمان هو من المنظر الأكبر والملهم لحميد وعلي ومحسن ،نعمان هو من نظر وقدم أفكاره الترقيعية ..في تحويل الثورة الشبابية الى صراع سياسي ،وحسب بأن الصراع السياسي العقيم بكل مافيه من عدمية وتطرف ومبالغات ومكايدات وأمراض ،بأن هو المقدمات للثورة الشبابية ،في حين بأن الثورة الشبابية كانت مختلفة جذريا عن كل هذا ،في عفويتها الشعبية وروحها الوطنية وقيمها الاخلاقية ومنلطقاتها الفكرية والسياسية المختلفة تماما عن التأزمات والانسدادت السياسيةالسابقة ،عمل نعمان على ترويض هذه الثرورة الصعبة.. حتى أصبحت سهلة في متناول الاخوان وبيت الأحمر ،كان يدرك نعمان بأن المرحلة بنيت على تزويرات تأريخية ومغالطات كبيرة ،وانها قادمة على الانهيار سريعا ولن تصمد أمام أبسط عاصفة ،وحين حس بالمأزق القادم فالمرحلة السياسية التي بناها هو بفلسفته الذي حاول تطويع كل شيء لصالح تحالفه مع الاخوان وبيت الأحمر ،عمل مبكرا على محاولة تبرئة نفسه والقى اللوم على الآخرين ؛فأصدر كتابه "عبور المضيق " ونسي نعمان بأن يداه أوكتا وفاه نفخ . وتفرغ للرد على مهاترات هزيلة مع صحفيين وخطباء جوامع ليجعل منها قضية محورية ،ولازل كثير أصلاحيين يروا بأن نعمان كان مبشرا بدخول الحوثي صنعاء وأنه كان له أرتباطاته بالحوثيين مستشهدين بالمقال المشهور الذي تم نشر بالثوري آنذاك ،وأن نعمان وراء هذا المقال ،الذي يعبر عن تشفي أشتراكي بانهزامات الاصلاح أمام الحوثي. والأكثر وضوحا بأن نعمان حاول تلك الأيام بأن يصور بأن هنالك من أجهض محاولته لحل الخلاف والصراع بين الاصلاح والحوثي ،وبأن صالح وحزبه مسؤلا عن كل هذه التداعيات ،وبأنه تم محاربة جهوده في هذا .وعلى كلا فقد ظلت مناوشته مع الاصلاحيين بقدر ما كان بينهم من تحالف ،وهجم عليه الاصلاحيين بقدر ماقدسوه وبالغوا به وبعبقريته ووطنيته . ذهب نعمان للرياض كغيره من السياسيين مباركا لعاصفة الحزم ،وليحصل على عوائد هذه المباركة ،وهو منصب سفير ببريطانيا ،وحين أنتقده بعض الاصلاحيين أو المقربين منهم بأن موقف بريطانيا كان لايزال قريبا من الحوثي ممايعكس تقصير وفشل من جهة نعمان ،رد بتشنج عالي وقال أنهم ماشبعوش ويريدوا يأخذوا منه السفارة ،وأخيرا موقغه من الحراك ومن قضية سقطرة جعل ناشطين الاخوان يعودوا لمهاجمته ،بينما الاشتراكيين الذين يقفوا مع الحوثي وجهوا له نقدا أكثر قساوة بل وخروجا عن الأدب .. البركاني اليوم هو ياسين نعمان آخر عند نوع معين من شباب الاصلاح المتحمسين للتحالف الجديد بين المؤتمر والاصلاح ،البركاني نفسه الذي يحاول اليوم هندسة هذا التحالف ..هو أول من هندس ودشن التحالف مع الحوثي وحين حس بالمأزق القادم حاول الافلات ..وأخيرا وبعد أشهر من مقتل صالح يكتب البركاني بالصحوة نت مقالا يعبر عن التحالف القادم ،كما كانت بداية نعمان هي كتاباته وتصريحاته بالصحوة . والبعض اليوم لازال يراهن ويعتقد بأن المؤتمر رجال دولة ،ناسيا ومتناسيا ومتجاهل بأن المؤتمر قد جرى عليه ماجرى على الاشتراكي ،وأصبح المؤتمريين إما متأخونين أو متوحثين ،أو يتيهوا بأعمال عبثية وإعادة تكرار التجارب المجربة الافكار التي قد أستهلكت ،بينما اليوم نحتاج الى عقل سياسي يفتح آفاق سياسية جديدة ،متحررا من عقد وأمراض الماضي وتجاربه الفاشلة وتحالفاته المتناقضة . حقيقة العقل السياسي اليمني يعيش أشد مراحله افلاسا وتأزما ،ونحن أمام خيارين : إما ينتهي هذا العقل المتأزم ونشارك بتشييعه المتآخر ،ويفتح المجال لتجربه سياسية جديدة على المستوى القيادي للأحزاب جميعها وعلى مستوى تقديم الافكار والرؤى الجديدة .. وإما إن يشارك الجميع ويتقبل إعادة تكرير العقل السياسي القديم لنفسه من جديد وإعادة السياسة الى نفس الدوامات السابقة بطرق جديدة .