لم يعد أستهداف التحالف العربي المشترك ب قيادة السعودية ل المدنيين في اليمن أمرًا جديدًا أو مستغربًا مع ارتكاب طيران التحالف عشرات المجازر الإنسانية منذ بدء تدخله في الصراع الدائر في مارس/آذار 2015م ، غير أن الجديد هو اعتبار أن استهداف مدنيين وأطفال تحديدًا هو "عمل مشروع" بحسب تعبير المتحدث باسم التحالف العربي يوم أمس الخميس ، الذي اعترف ب المسؤولية عن استهداف حافلة كانت تقل أطفالًا في محافظة صعدة شمالي اليمن ، ما أدى إلى سقوط ما يزيد عن مائة قتيل وجريح أغلبهم من الأطفال . وتعيد هذه الجريمة الأنظار إلى حقيقة تصاعد أعداد المجازر التي يرتكبها التحالف في اليمن مع اقتراب موعد أي مفاوضات ، فقبيل ساعات من إعلان المبعوث الأممي/ مارتن غريفيث ، يوم الخميس الماضي أمام مجلس الأمن ، عن دعوة الأطراف المتحاربة إلى مدينة جنيف جنوبي سويسرا ، في تاريخ 6 سبتمبر/ أيلول المقبل ، ل البحث في إطار عمل ل مفاوضات سلام .
وكانت الحديدة ضحية مجزرة سقط خلالها أكثر من 200 قتيل وجريح مدني ، ووُجّهت أصابع الاتهام فيها ل التحالف بشكل غير مؤكد ، والذي نفى مسؤوليته عنها ، وبعد أسبوعٍ كاملٍ على المجزرة في الحديدة ، كان اليمنيون أمس الخميس ، على موعدٍ مع مجزرة دامية لم تتوقع ، تحوّل فيها عشرات الأطفال إلى أشلاء اختلطت بحقائبهم المدرسية ، لَكن التحالف السعودي خرج ل يُعلن هذه المرة مسؤوليته عن الجريمة ، ويعتبرها عملًا عسكريًا مشروعًا في تبرير أثار ردود فعلٍ ساخطة ، اعتبرته استهتارًا ب دماء الأطفال واليمنيين .
كما إنه المتحدث الرسمي ل التحالف العربي المشترك قال في تصريحًا صحفيًا ، أن "الاستهداف الذي تم في محافظة صعدة يوم الخميس عمل عسكري مشروع لاستهداف العناصر التي خططت ونفذت ل استهداف المدنيين ليلة البارحة "الأربعاء" في مدينة جازان وقتلت وأصابت المدنيين ، وتم تنفيذه بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني" .
ووقعت المجزرة وفقًا ل مصادر طبية وأخرى تابعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) ، قرب سوق مدينة ضحيان في مديرية مجز ب محافظة صعدة ، حيث استهدفت غارة جوية حافلة كانت تقل العشرات من الأطفال إلى أحد المراكز الصيفية الخاصة بتعليم القرآن .
وأفادت وزارة الصحة اليمنية الخاضعة ل الحوثيين ، ب أن عدد الضحايا بلغ 41 قتيلًا و 63 جريحًا ، نُقلوا إلى مستشفى قريب تدعمه اللجنة الدولية ل الصليب الأحمر ، والتي أكدت استقبال عشرات الجثث ل القتلى والجرحى .
ومن جهتها أعلنت اللجنة الدولية ل الصليب الأحمر في اليمن في تغريدة على حسابها على موقع "تويتر" سقوط "عشرات القتلى والجرحى في هجوم على باص ينقل أطفالًا في سوق ضحيان في صعدة" ، مشيرة الى أن "الفرق الطبية في المستشفى المدعومة من قبل اللجنة الدولية في اليمن تعمل على علاجهم ، وذكّرت اللجنة في تغريدتها أيضًا ب أن "القانون الدولي الإنساني يفرض حماية المدنيين أثناء النزاعات وعدم استهدافهم" ، من دون أن تحدّد العدد الدقيق ل القتلى والجرحى .
كما أعربت ممثلة منظمة الأممالمتحدة ل الطفولة "يونيسيف" في اليمن ميريتشل ريلانو في حسابها على "تويتر" عن قلقها الشديد من "التقارير الأولية عن مقتل أطفال" ، وأضافت "الأطفال ليسوا هدفًا"، وقالت إنها "شاهدت صورًا ومقاطع فيديو مرعبة من ل أطفال محافظة صعدة" ، وتابعت "ليس لدي كلمات سوى التساؤل ب كيف كان هذا هدفًا عسكريًا ، ولماذا يتم قتل الأطفال؟ " .
وفي اعتراف نادر ، خرج المتحدث باسم التحالف العربي المشترك ب قيادة السعودية ، العقيد/ تركي المالكي ، ل الإقرار ب الوقوف وراء المجزرة ، وقال إن "الاستهداف الذي تم اليوم في محافظة صعدة عمل عسكري مشروع لاستهداف العناصر التي خططت ونفذت استهداف المدنيين ليلة البارحة في مدينة جازان وقتلت وأصابت المدنيين" ، في إشارة إلى صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون مساء الأربعاء باتجاه المدينة الصناعية السعودية ، غير أن المجزرة لا تشير إلى أي نوعٍ من مطلقي الصواريخ ، في الوقتٍ الذي أكدت فيه مصادر مستقلة وهيء الصليب الأحمر ، أن الضحايا من الأطفال .
وفي تصريح ل "يونيسيف" نُشر فيه قائًلا "كيف كان هذا هدفًا عسكريًا ؟ ، ولماذا يتم قتل الأطفال ؟
ولم يكتفِ المتحدث باسم التحالف بالدفاع عن القصف الذي استهدف المدنيين ، بل أضاف أنه "تم تنفيذه بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده" ، وألمح في السياق إلى اتهامات ل الحوثيين ب العمل على تجنيد الأطفال ، في محاولة ل تبرير القصف ، باعتبارهم مجندين في صفوف الحوثيين ، لكن الصور ومقاطع الفيديو من موقع المجزرة ومن المستشفيات التي نقل إليها الجرحى ، تكشف عن أن أعمار العديد منهم لا تزيد عن عشر سنوات ، بل ويحمل بعضهم الحقائب المدرسية ل منظمة "يونيسيف" ، وهو ما يقلل من التبريرات التي تحاول الإيحاء بأنهم من المجندين لدى الحوثيين .
كما ساق المتحدث باسم التحالف تبريرًا صريحًا ب اعتبارهم هدفًا عسكريًا مشروعًا ، الأمر الذي تصاعدت معه وتيرة ردود الفعل اليمنية الساخطة ، وقد اعتبر المتحدث باسم الحوثيين/ محمد عبدالسلام ، أنه "قمة السخف والسقوط" أن يبرر المتحدث باسم التحالف بأنه "استهدف من أسماهم (مطلقي صاروخ أمس) في تسطيح واستهتار واضح ب أرواح الأطفال المدنيين المستهدفون الذين لا لهم حولًا ولاقوة ، فيما أنهم كانوا يستقلون حافلة في وسط مدينة ضحيان ، وبين المتسوقين والمشاة في الطريق العام " .
الجدير بالذكر أن التحالف سبق له أن برر قصف العديد من المناطق المزدحمة ب المدنيين بما فيها أسواق شعبية ومراكز طبية ، ب اعتبارها أهدافًا مشروعة ، من خلال التبرير ب وجود أهداف حوثية في المواقع المستهدفة ، بما في ذلك على سبيل المثال ، تبرير قصف سوق مستبأ في محافظة حجة في مارس/آذار 2016م ، ب القول إن القصف تم "بناءً على معلومات إستخباراتية مؤكدة تشير إلى تجمّع عدد كبير ل مليشيا الحوثي المسلحة (مجندين)" ، في حين كان القصف ل سوق شعبي بذروة الازدحام وبوقت الظهيرة ، وأكدت تقارير حقوقية أن أغلب الضحايا كانت مدنيين .
ومن جهة أخرى ، جاءت مجزرة صعدة بعد أسبوعٍ كامل من مجزرة مزدوجة في سوق سمك الحديدة ومستشفاها ، والتي سقط خلالهما ما يزيد عن 200 بين قتيل وجريح ، غير أن الاتهامات بارتكابها توزعت بين قوات التحالف ومليشيا الحوثي ، الذي على عكس مجزرة صعدة التي خرج التحالف ليس لإنكارها أو اعتبارها خطأً كما يحدث في العديد من المرات ، بل باعتبار أن قتل وجرح ما يزيد عن 100 شخص أغلبهم من الأطفال ، هو هدف عسكري مشروع ، حاول ربطه ب القصف الصاروخي ل الحوثيين على بلاده ، يوم الأربعاء .
وتدخل المجزرة الجديدة في إطار عشرات المجازر التي ارتكبها التحالف في اليمن ، ووصلت ذروتها باستهداف مجلس عزاء في "الصالة الكبرى" ب العاصمة صنعاء في أكتوبر/ تشرين الأول 2016م ، كما استهدف التحالف حفل زفاف في محافظة حجة شمالي اليمن في إبريل/ نيسان الماضي 2018م ، ل يتحول إلى مأتم وعزاء جماعي .