هذه الكلمات التي عنونت بها هذا المقالة تنسب لزعيمة المانيا المستشارة" انجيلا مريكل" قالتها في خظم التراجع الخطير في سعر صرف الليرة التركية في مبادلاتها مع الدولار الامريكي واعتقد جازماان هذه الجملة المقتضبة لميركل كانت صادقة؛ ولها وقعها على تهدئة قلق الاسواق الاروبية ومنع انتقال العدوى التركية اليها ؛بعد ان اعقبها تصريحات مماثلة صدرت عن الرئيس الفرنسي ومؤسسات اوروبية حرصت على اظهار اهمية اقتصاد تركيا وبعثت رسائل تطمين للاسواق وعلى وجه الخصوص السوق التركي . لكن اهم التصريحات ذات الاثر المعنوي التي كان لها اثر ايجابي على وقف التدهور المستمر في قيمة الليرة التركية بعد ان وصل التضخم في تركيا مانسبتة 16% جاءت من الجنوب وتحديدا من الصين فقد قال وزير خارجيتها "انناء نثق في قدرةالاقتصاد التركي في الخروج من الازمة" غير ان الدور الحاسم الذي اوقف استمرار تدهور سعر صرف الليرة التركية في مبادلاتها مع العملاة الحرة نتج عن الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي التركي وعن ماقدمتة دولة قطر من دعم لتركيا وان كان محدودا واثرة هامشيا لكنه من المنظور المعنوي كان كبيرا .لكن مجموع هذه الاثار : ادت الى الاقلال نسبيا من وتيرة المضاربة على الدولار ولم تهدي كليا قلق المستثمرين . هؤلا لازالوا في فترة ترقب او بمعنى آخر هدأت التداعيات مؤقتا مع بقاء الازمة الاقتصادية التركية قائمة وان كان حلها ليس من مستحيلا . لكن لماذا ظهرت فجأة الازمة النقدية في تركيا ؟ شكليا الرسوم الجمركية التي فرضتها الولاياتالمتحدة على صادرات الحديد والالمنيوم التركية والتهديد بعقوبات ضد تركيا وكتابات الرئيس ترامب شبه اليومية في تويتر ضد اردوغان وتصريحاتة النارية ورد الفعل التركي من جانب اردوغان والتي اخذت شكل الازمة السياسيةواخذت صور ومظاهر مختلفة في اعقاب رفض تركيا انهاء الاقامة الجبرية عن القس الامريكي . هذا الصراح وهذا التحدي المتبادل بين زعيم دولة عظمى تحتل بلادة الاقتصادالاول في العالم من حيث الحجم وتسيطر على الاسواق والنظام المالي والنقدي العالمي؛ وزعيم دولة ناشئة تعتبر بلادة من بين مجموعة الدول العشرين ذات الاقتصاديات الكبرى في العالم . هذا الصراع وهذا الصراح زاد من هلع المستثمرين ورفع من منسوب القلق لدى الاسواق بمافي ذلك الاوروبية و ربما ادى الى تسريع انفجار فقاعة الاقراض المرتفع في بلاد تعتمد على الاقتراض الخارجي اكثر من اي بلد ناشئ آخر . حيث يشكل نسبة القروض الخارجية التركية 70% من حجم الاقتصاد التركي تقريبا. رغم ان علائم الازمة كانت قد بدات في شكل تراجع تدريجي مستمر في سعر صرف الليرة منذ مطلع عام 2018 ومع نزوح استثمارات معتبرة من تركيا تترافق مع كل ارتفاع في سعر الفائدة الامريكية يتخذة الفدرالي الامريكي دون الاخذ بعين الاعتبار مصالح شركاؤة الاقتصاديين"خاصة عندما يتعلق الامر بالاستثمارات المالية التي دخلت تركيا بحثا عن سعر فائدة اثناء ماكانت اسعار الفائدة الامريكية صفرية او تقترب من الصفر .والمشكلة انه مع كل هذا العوامل ومع كل انخفاض في قيمة الليرة كانت تزداد الصعوبات لدى الشركات التركية المسثمرة في مشروعات طويلة الاجل في سداد ديونها الضخمة قصيرة الاجل للخارج وعندما ترتفع تكلفة الدين وعبء الدين مقوما بالعملة المحلية مع هذا المستوى من الانخفاض يكون من الصعب الوفاء بسداد الديون للخارج. لذلك الازمة التركية في الجوهر هي ازمة هيكلية وليس نتاج مؤامرة تجلىء في عجز مرتفع في مؤشرات الاقتصاد الكلي التركي مع استمرار اتباع سياسات مالية ونقدية توسعية معتمدة على الاستدانة من الخارج من مصلحة اوروبا ان ترى تركيا مزدهرة ومستقرة؟ ------------------------- تركيا من المنظور الجيو- سياسي دولة محورية مهمة لاوروبا فهي تشكل حاجزا طبيعيا بين اوروبا وآسيا بمافي ذلك روسيا . موقعها الاستراتيجي يتيح لها التحكم بالكثير من المصالح الغربية. عدا عن ذلك فتركيا عضو في حلف الاطلسي وتتواجد في اراضيها اهم واكبر القواعد العسكرية للناتو .وفوق ذلك تركيا شريك اقتصادي لاوروبا والولاياتالمتحدةالامريكية فنحو 50%من الاسثمارات في الاسهم التركية هي امريكية وتستثمر اوروبا في الاقتصاد التركي نحو"150 مليار دولار" ويبلغ نسب التبادل التجاري بين اوروربا وتركيا مستوى مرتفع فثلث الصادرات التركية تتجة الى جيرانها الاوروبيين ولذلك لن يسمح الغرب بانهيار تركيا اقتصاديا وليس هناك بالنسبة لتركيا بديل عن اوروبا لانه سيكلفها الكثير سياسيا واقتصاديا والامر ايضا ينطبق على تركيا . لذلك الرئيس التركي يدرك تماما هذه الحقيقة ويفهم قيمة بلادة كبوابه لاوروبا تعطية قدر كبير من المرونة والمناورة .اودوغان كلما اراد ان يضغط على اوروبا استدار بوجه نحو موسكو. فموسكووتركيا كل منهما يلعبات لعبة قصيرة الاجل وستظل علاقاتهما متارجحة وغير مستقرة على المدى البعيد . موقع تركيا يساعدة على الضغط والمناورة على اطراف كثيرة وفي المقدمة اوروبا . والخلاصة ------------ تحتاج تركيا وكما اشار الكثير من الباحثين الى اجراء اصلاحات ضرورية وعاجلة مالية ونقدية. لايكفي دعوة اردوغان لمواطنية تحويل مدخراتهم من الدولار الى الليرة اذا لم يتم رفع اسعار الفائدة على العملة المحلية وتخفيضها على الدولار في سياق حزمة من الاصلاحات الاخرى وفي ظروف الازمة تزداد الحاجة الى اتباع سياسة انكماشية واجراء ترتيبات مع المقرضين لجدولة الديون مع البحث مع مصادر للاقتراض لمواجهة سداد الدين وعبء الدين الضخم المستحق مع نهاية هذا العام 2018 والعام القادم وفي هذا لاتستطيع اي دولة بمفردها انقاذ الاقتصاد التركي وفي المحصلة ليس هناك بديل عن صندوق النقد الدولي وتنفيذ شروطة القاسية وليس هناك من خيار غير التفاهم مع الولاياتالمتحدةالامريكية. وفي هذا وكان الغرب بمؤسساتة كان يعرف مسبقا وبنفس طويل من خلال مااتاحة لتركيا من اقراض رخيص من الاسواق الدولية سمح لها بالنمو وبالازدهار الاقتصادي خلال عقد كامل انها في النهاية ستقع في "المصيدة" .وان عودتها الى صندوق النقد الدولي تشكل ضرورة بعد ان تفاخرت تركيا يوما مع آخر قرض تسددة للصندوق انها وضعت حدا للهيمنة .. د.يوسف سعيد احمد