كانت المبادرة الخليجية نقطة تحول في مسار التغيير في اليمن وتم تقييمها والتعاطي معها من منظارين المنظار الأول رأى فيها تسليم الشأن اليمني الداخلي للقوى الخارجية ولبديلها الذي تم تحديده في الداخل بينما المنظار الآخر يراها إطار يمكن البناء بداخله دون كلفة باهظة. شخص رئيس الجمهورية وطريقة تنصيبه وصلاحياته ومهامه وأولوياته في المبادرة الخليجية كانت شبه محسومة وتم تكييف الساحة اليمنية بكل أطرافها الثورة والنظام والثورة المضادة لتشرعن هذا الدور الرئاسي الذي أنتجته المبادرة ، إذاً الشرعية لم تكن استحقاق كان مصدره الشعب بل كان إطار جاهز لقوى خارجية وداخلية تم إفراغ الشعب في داخله ولهذا كان المرشح وحيد وكنت ممن قاطع الانتخابات. ظهر الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد الواحد والعشرين من فبراير وتم التعاطي معه داخلياً كواقع وخارجياً كخيار وبالنسبة لي حينها بدأت ومازلت أقراء من خلاله كل الأوراق الخارجية والداخلية لأني لمست ذلك مبكراً في ظروف اليمين الدستورية للرئيس وفي مراسيم تسليم السلطة وما رافقها من لغط في محاولة تكريس الانتماء السياسي للرئيس من قبل طرف والمنة في المنصب والشرعية واستمرارها من قبل الطرف الآخر الخارجي وشريكه الداخلي. النقطة التي أريد أن أصل إليها وأدعو للتركيز عليها في المسافة الواقعة بين الشعب والمبادرة والرئيس هي "مسار وهدف تنفيذ هذه المبادرة بهذا الشكل أو ذاك وتقييمه بالسؤال المفروض عقلاً : هل الشعب والمجتمع اليمني بكل مكوناته وأفكاره هو المنطلق والمستقر لتبني هذا الشكل أو ذاك في تنفيذ هذه المبادرة أم أن الفاعل الإقليمي والدولي الذي وضع هذه المبادرة واستحضر مكون من مكونات الشعب كبديل سيقدم ليحل محل النظام هو المنطلق والمستقر" . لا أريد أن أجزم بأن هذا التحليل هو الواقع ولكنه علامة استفهام أبعثها كرسالة لفخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي مضمونها :أن الشعب اليمني بكل مكوناته ومتطلباته وأفكاره هو المشرع والمؤصل والمفصل لكيفية تنفيذ أي تسوية أو مبادرة وأيضاً ما سيترتب عليها من نتائج ، لا يصح أن يحل الخارج وجزء من الداخل محل الشعب ولا يصح أن تكون المبادرة ومن وضعها هي المسار لشعب ورئيسه بل الصحيح هو رئيس قوي يُسيِرُ المجتمع الإقليمي والدولي ومبادراته ونتائجها لخدمة شعبه سياسياً وعسكرياً واجتماعياً بكل مكوناته وأطيافه.