89.88 % نسبة النجاح في الثانوية العامة    في عدن :سعر الدقيق 65 ألف والسكر105    البرلمان الأوروبي يفتح ملف مواجهة الإخوان    ماهي ابعاد سحب المبعوث الأمريكي إلى اليمن؟    تصريح علي ناصر إدانة تاريخية لسلوك سياسي كلف الجنوب وجوده وفتح عليه أبواب الحرب    نصائح عملية للحد من التعرق المفرط في الصيف    صحيفة أمريكية: قوات صنعاء تعهدت بتوسيع عملياتها ضد إسرائيل    تشيلسي ينسف حلم باريس ويتوج بطلًا للمونديال    عدالة معلقة وقضاة بلا حماية: السلطة القضائية في اليمن بين الإهانة والتجويع    إب.. سيول الأمطار تعزل مديرية فرع العدين عن المناطق المجاورة    وزارة التربية تعلن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2026/2025م    الإمارات تحتل أكبر اكتشاف نفطي سيحول اليمنيين إلى أثرياء    تغاريد حرة .. عشنا وشفنا الحقارات كلها..    عرض مسرحي ساخر فجر الأوضاع بوادي دوعن حضرموت    سياسي حضرمي: حضرموت أكبر من عبث المصالح.. مؤتمر حضرموت ينهار    حنان مطاوع تعود إلى المسرح بعد غياب 10 سنوات ب"حتشبسوت.. العرش والحب"    الامم المتحدة: تفشي شلل الأطفال في 19 محافظة يمنية    اليمن يتصدر محور المقاومة    تدمير مستوطنة أثرية جنوب صنعاء وسط صمت رسمي    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (4)    أعطني حرفاً.. أعطك أمة    الحكومة: مليشيا الحوثي تعمق الأزمة الاقتصادية عبر تزوير عملات معدنية    الصراعات على المناصب قاسم مشترك بين سلطات الحرب.. نموذجان من عدن وصنعاء    مجلس إدارة المعهد العالي للقضاء يقر مشروع تعديل لائحة الاختيار والقبول للدُفع المتقدمة    وزارة العدل وحقوق الإنسان تدشّن الرابط الإلكتروني للدعوى والخدمات الالكترونية    الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة تنظر في قضية خلية "إرهابية" تزعمها مصري الجنسية    بدء التعامل بها من أمس الأحد.. البنك المركزي يعلن عن سك عملة معدنية من فئة (50) ريالا    زار الأكاديمية العليا للقرآن الكريم وعلومه.. الدكتور بن حبتور يطلع على سير العمل في قطاع النظافة بأمانة العاصمة    الجيش الإيراني: مستعدون لحرب تستمر 10 سنوات    مرض الفشل الكلوي (12)    السامعي يعزّي آل العريقي والسامعي    أزمة مياه خانقة في تعز.. غضب شعبي وعجز حكومي    عدن.. البنك المركزي يحذر من التعامل مع العملة الحوثية المزورة    أكبر 20 انتصارا لبرشلونة بالقرن ال21 وريال مدريد من ضحاياه    سوريا توقع اتفاقا ب800 مليون دولار لدعم البنية التحتية للموانئ    وزارة الشباب تمنح نادي وحدة ذي السُفال باب شهادة الاعتراف النهائي    رئيس جامعة صنعاء يؤكد أن الاعتماد الدولي لكلية الطب هدف استراتيجي    وزارة التربية تعلن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2026/2025م    سوق الصرف الموازية خلال يومين.. ثبات في صنعاء وتذبذب في عدن    للتخلص من حصوات الكلى... 5 علاجات طبيعية يمكنك اتباعها في المنزل    خلايا جذعية لعلاج أمراض الكبد دون جراحة    الانهيار الكارثي للريال اليمني: أزمة تهدد وجود المواطنين    إيجا تُدخل بولندا قوائم أبطال ويمبلدون    تاريخ مواجهات تشلسي وسان جيرمان قبل مواجهتهما بنهائي كأس العالم للأندية    حقيبة "بيركين" الأصلية تسجل أغلى حقيبة يد تباع في التاريخ، فكم بلغت قيمتها؟    مبعوث أمريكا يهدد لبنان: تسليم سلاح حزب الله أو ضمكم لسوريا    عقوبات تنتظر الهلال حال الانسحاب من السوبر    بعد 98 عاما.. بريطانيا تكسب «زوجي» ويمبلدون    - جريمة مروعة في محافظة إب: طفلة بريئة تتعرض للتعذيب على يد خالتها وزوجة أبيها    خبير انواء جوية يتوقع هطول أمطار غزيرة على المرتفعات وامتدادها إلى اقصى شرق البلاد    مودريتش لريال مدريد: إلى لقاء قريب    خاطرة عن الفضول في ذكراه    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤالان يمنيان
نشر في عدن الغد يوم 04 - 11 - 2018

من الواضح أن هناك رغبة أميركية، وإن من زاوية إنسانية، في إنهاء الحرب الدائرة في اليمن. الدليل على ذلك كلام وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية مايك بومبيو عن ضرورة وقف القتال ودعمهما لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث في جهوده السلمية.

يسعى غريفيث إلى عقد جولة حوار بين اليمنيين في غضون شهر، أي في نهاية تشرين الثاني – نوفمبر الجاري أو مطلع كانون الأوّل – ديسمبر المقبل. بات مرجحا انعقاد هذه الجولة في ستوكهولم التي رحبّت بمجيء اليمنيين إليها.

نجحت الولايات المتحدة بالتنسيق مع بريطانيا في تجميد الوضع في الحديدة ومحيطها. لعبتا دورا في وقف المعارك التي استهدفت استعادة “الشرعية” ومن يدعمها والميناء الاستراتيجي الذي كان سيعني سقوطه ضربة قويّة للحوثيين “أنصارالله”.

لم تعد استعادة الحديدة مضمونة بعدما فقد الهجوم عليها زخمه وعنصر المفاجأة وذلك قبل أشهر عدّة إثر التدخلات الأميركية والبريطانية التي صبّت في مصلحة الحوثيين. في الواقع، ركّز الحوثيون، ومن خلفهم إيران، على الدفاع عن الحديدة. يعرفون تماما معنى خسارة الميناء ذي الأهمّية الاستراتيجية أمام التحالف العربي الذي استطاع، بفضل “عاصفة الحزم” استيعاب المشروع الإيراني في اليمن ووضع حدّ لطموحاته. حصل ذلك بعد استعادة عدن والمكلا ثمّ ميناء المخا الذي يتحكّم بمضيق باب المندب أي بالملاحة في البحر الأحمر وصولا إلى قناة السويس. إغلاق باب المندب كان سيغلق قناة السويس.

لا يمكن إلاّ دعم أي جهود تستهدف وقف الحرب في اليمن، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار المأساة الإنسانية في أفقر البلدان العربية. تؤكد الأرقام التي وزعتها المنظمات الدولية أن الجوع والمرض يهددان الملايين. كان الخوف في السنوات القليلة الماضية من صوملة اليمن. صار الخوف الآن من حدوث العكس، أي من تحول الصومال إلى يمن آخر!

قبل الخوض في ما إذا في الإمكان وقف الحرب في اليمن نتيجة حوار يدور في ستوكهولم أو غير ستوكهولم، يظل مفيدا العودة قليلا إلى خلف في محاولة لمعرفة ما الذي أدّى إلى وصول اليمن إلى ما وصل إليه.

لم يعد سرّا أن محاولة انقلابية يقف وراءها الإخوان المسلمون جرت في العام 2011 تحت غطاء “الربيع العربي”. يتبيّن اليوم أن رموز تلك الحركة الانقلابية كانوا مدعومين من قوى إقليمية، من بينها تركيا، أرادت التخلّص من علي عبدالله صالح ونظامه الذي دخل في مرحلة معيّنة حالا من الترهّل مرتبطة إلى حدّ كبير بالرجل نفسه وطريقة إدارته لشؤون الدولة، فضلا بالطبع عن مزاجيته الزائدة.

كانت حسابات الإخوان المسلمين، الذين كان لديهم حزب كبير هو “التجمع اليمني للإصلاح”، الاستيلاء تقوم على تولّي السلطة. خططوا لذلك عبر تظاهرات عمّت شوارع صنعاء والمدن اليمنية الأخرى في ظلّ انقسام في الجيش قاده علي محسن صالح الأحمر، نائب الرئيس الحالي، الذي كان على رأس ما يسمّى في اليمن “الفرقة الأولى/ مدرّع”.

كانت حصيلة كلّ الأحداث التي توالت منذ شباط – فبراير 2011 صعود الحوثيين وصولا إلى سيطرتهم الكاملة على صنعاء ابتداء من الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014 أي منذ ما يزيد على أربع سنوات.

كانت هناك محطات كثيرة يمكن التوقف عندها في تلك المرحلة بدءا بمحاولة الإخوان المسلمين التخلص جسديا من علي عبدالله صالح في حزيران – تموز 2011. فُجّر وقتذاك مسجد النهدين الذي كان في حرم دار الرئاسة التي كان الرئيس السابق يمضي فيها معظم وقته. احترق جسد علي عبدالله صالح. لكنّه بقي حيّا.

هناك من دون شك محطة أخرى مهمة تتمثل في قبول الرئيس السابق المبادرة الخليجية وتسليمه السلطة إلى نائبه عبدربّه منصور هادي في شباط – فبراير 2012. تحوّل عبدربّه إلى رئيس انتقالي ما لبث أن صار رئيسا يطمح إلى البقاء في منصبه مدى الحياة.
الحوثيون لن يقبلوا، في ظل موازين القوى القائمة، تقديم أي تنازل من أي نوع من أجل الوصول إلى صيغة جديدة لليمن ترتكز على دولة لامركزية إلى أبعد حدود، إلاّ في إطار يخدم مصالحهم
يكفي عرض سريع للأحداث للتأكد من أنّ إيران عرفت كيف تستفيد من التواطؤ غير المباشر بين الحوثيين والإخوان المسلمين. صبّ هذا التواطؤ في نهاية المطاف في مصلحة الجمود السائد في الوقت الراهن. استغلّ الحوثيون هذا الجمود، الذي يظلّ أفضل تعبير عنه الوضع في تعز، من أجل تنفيذ حكم بالإعدام في حق علي عبدالله صالح قبل أحد عشر شهرا.

كان لا بدّ من هذا العرض الموجز للأحداث من أجل بلوغ المرحلة الراهنة التي تفرض طرح سؤالين لا ثالث لهما. الأوّل من سيشارك في اجتماع ستوكهولم في حال انعقاده؟ هل يمكن لأي حوار يمني – يمني تحقيق نتائج على الأرض في ظلّ موازين القوى القائمة وبقاء الحوثيين في الحديدة؟

قبل كلّ شيء، يمكن القول من الآن إن أي حوار يمني يقتصر على “أنصارالله” من جهة و“الشرعية” ممثلة بعبدربّه منصور هادي من جهة أخرى لا أفق له. سيكون حوارا عقيما بين طرف يسعى إلى تكريس إمارة حوثية على جزء من الأرض اليمنية وبين “شرعية” لا وجود حقيقيا لها على الأرض إلاّ بفضل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. حتّى لو جاءت الحكومة كلّها، بما في ذلك رئيسيها معين عبدالملك، إلى عدن ومارس الوزراء صلاحياتهم من عاصمة الجنوب اليمني، لن يعني ذلك شيئا.

لا بدّ من إعادة تشكيل “الشرعية”. هل لدى المبعوث الأممي الوقت الكافي لعملية من هذا النوع تعيد الاعتبار إلى قوى لها وزنها في الشمال اليمني، من بينها قوى قبلية وما بقي من “المؤتمر الشعبي العام” وأخرى في الجنوب تطالب بالاستقلال؟

الأخطر من ذلك كلّه أن الحوثيين لن يقبلوا، في ظل موازين القوى القائمة، تقديم أي تنازل من أي نوع من أجل الوصول إلى صيغة جديدة لليمن ترتكز على دولة لامركزية إلى أبعد حدود، إلاّ في إطار يخدم مصالحهم.

يشمل التنازل بالطبع تفكيك الإمارة الحوثية حيث لا مكان لأيّ تنوّع أو ارتباط بما هو حضاري في العالم. بكلام أوضح هل تريد الولايات المتحدة، في ظلّ الوضع الراهن السماح لإيران بأن تكون لها قاعدتها في جزء من أرض اليمن… أم أن الرهان الأميركي على أن إيران لن تعود قادرة على التصرّف كما يحلو لها في اليمن وغير اليمن بعد فرض العقوبات الجديدة عليها ابتداء من الرابع من تشرين الثاني – نوفمبر الجاري؟

ثمّة حاجة إلى بعض الصبر لمعرفة هل يمتلك مارتن غريفيث، الذي ينفّذ سياسة أميركية وبريطانية، رؤية لصيغة مستقبلية لليمن، أم سيغرق كما حصل مع سلفيه جمال بنعمر وإسماعيل ولد الشيخ أحمد في المستنقع اليمني؟

الأكيد أن من الضروري وضع حدّ للمأساة الإنسانية في اليمن. لكنّ الأكيد أيضا أن القدرة على ذلك مرتبطة بعوامل كثيرة في مقدّمها وضع حدّ للمشروع التوسعي الإيراني الذي تمدّد في اتجاه اليمن والذي دعمه الأميركيون والبريطانيون من حيث يدرون أو لا يدرون عندما جعلوا الوضع في الحديدة يراوح مكانه منذ أشهر عدّة.

خيرالله خيرالله
إعلامي لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.