منذ الأزل لم يتعلم البشر كيف يتعايشون بسلام تام. في كل زمن تحدث المعارك ويحدث القتل. منذ عهد قابيل وحتى اللحظة سلسلة من المعارك الشرسة تتطور أدواتها بتطور العصور، وهكذا كلما تقدم الوقت كلما كان سقوط عددا أكبر من الضحايا في وقت قياسي أمر ممكن جدًا. ليس المتقاتلين وحدهم المتضررين من المعارك، بل الأكثر ضررا وعرضة للقتل والنهب والسلب والاعتقال والاغتصاب هم المدنيين الأبرياء والعُزّل. لذا أصبح ضروريا أن يكون هنالك معايير إنسانية تحكم همجية الحرب. وهذه المعايير في مصلحة الجميع لأنها تضمن الحماية للأبرياء والأطفال والنساء والجرحى من أي طرف كانوا. لا تمييز بين شخص وآخر بأي شيء. تسري المعايير الإنسانية على الجميع مهما كانت دياناتهم واعتقاداتهم وانتماءاتهم. كيف بدأت هذه المعايير تظهر وتعمم؟ في العام 1864م اعتمدت اتفاقية جنيف الأولى، وعام 1949م اعتمدت اتفاقيات جنيف الأربع في صيغها الأربع الحالية وتم بعد ذلك اعتماد بروتوكولين إضافيين لهذه الاتفاقيات في العام 1977م. في العام 2006م وفي محاولة لمجاراة التطورات أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دراسة حددت فيها 161 قاعدة تنطبق في غالبيتها على كل النزاعات (بما في ذلك الجماعات المسلحة غير الحكومية). كل هذه الجهود كانت بشكل رئيسي تسعى لضبط تهور الفرق المتحاربة أثناء فترة الحرب وتذكرهم بالأخلاقيات التي يجب أن يلتزموا بها. وتساهم بفرض حماية للمدنيين العزّل والأطفال والنساء. لقد تحدث الأستاذ منصور أحمد رئيس البعثة في اليمن لمنظمة نداء جنيف اليوم أمام الصحفيين عن أهداف المنظمة التي تسعى إليها وهي إشراك الجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية من أجل تعزيز التزامها بالمعايير الإنسانية الدولية. وأثناء النقاش تحدث عن تجارب ناجحة في دول أخرى غير اليمن استهدفتهم المنظمة بطرق إبداعية لتجعل أغلبهم يخضعون للقوانين عن طريق الحوار معهم ورفع مستوى وعيهم حول القانون الدولي الإنساني وتوقيع صكوك التزام خاصة بالمنظمة تضمن احترامهم لهذه المعايير. إنها مهمة صعبة، قال رئيس البعثة ساردا الصعوبات التي تواجههم من عدم تقبل القوات المسلحة غير الحكومية للأمر في البداية وما يتطلبه الأمر لإقناعهم. لكن محاولات ضمان حماية المدنيين الأبرياء من كل أضرار الحروب والانتهاكات مهمة إنسانية قبل كل شيء. تركز منظمة جنيف على أربعة محاور في عملها وهي: المعايير الإنسانية، العنف الجنسي، الأطفال، والألغام. ومن منطلق الاعتقاد بأن الأغلبية الساحقة ممن ينخرطون في القوات المسلحة غير الحكومية غير مدركين لوجود قوانين النزاعات المسلحة تحث المنظمة الصحفيين والإعلاميين والمثقفين على المساهمة في نشر ثقافة هذه المعايير حتى تصل إليهم؛ فمن شأن ذلك أن يساهم في تقليل الأضرار عن المدنيين. وقد ساهم الأستاذ محمد قاسم نعمان رئيس المركز في عرض أسس القانون الدولي الإنساني ومعاييره وأهدافه كي يتسنى للسادة الإعلاميين المساهمة أيضا في توسيع نشر مبادئ القانون الدولي الإنساني لتصل للجميع. وتحت شعار "مقاتل لا قاتل" تم تحديد هذه القواعد الإنسانية الخمسة عشر للمقاتلين للالتزام بها. القواعد الخمسة عشر للنزاعات المسلحة: 1- لا تهاجم المدنيين أو الممتلكات المدنية أو المباني العامة المدنية. 2- لا تشن أي هجوم إذا كان من المتوقع أن تؤدي إلى أضرار جانبية للمدنيين تفوق الميزة العسكرية المرجوة. 3- اتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين قبل وأثناء الهجمات. 4- لا تستخدم الأسلحة المحظورة ولا تنخرط في أساليب غير قانونية للحرب. 5- قم بجمع ورعاية الجرحى والقتلى سواءً كانوا من الأصدقاء أو الأعداء. 6- احترم حقوق السجناء وجميع الأشخاص الآخرين تحت سيطرتك وعاملهم معاملة إنسانية. لا ترتكب عمليات إعدام بإجراءات موجزة. 7- لا تأخذ رهائن ولا تستخدم دروعا بشرية. 8- لا تهجّر المدنيين، ما لم يكن ذلك ضروريا لسلامتهم أو لأسباب عسكرية ملحة. 9- احترم الممتلكات المدنية. لا ترتكب أعمال نهب أو سرقة. 10- احترم المرأة. لا ترتكب أو تسمح بالاغتصاب أو الاعتداء الجنسي ضد أي شخص. 11- قم بحماية الأطفال. لا تجندهم في قواتك المسلحة ولا تستخدمهم في الأعمال العدائية. 12- احترم العاملين في المجال الطبي والمستشفيات وسيارات الإسعاف. لا تسيء استخدام الرموز الواقية مثل الصليب الاحمر أو الهلال الأحمر. 13- اسمح بالإغاثة الإنسانية المحايدة للمدنيين المحتاجين. 14- ضع هذه القواعد موضع التنفيذ. احترمها حتى لو كان العدو لا يفعل ذلك. امتنع عن الأعمال الانتقامية التي تشكل انتهاكا لقانون النزاعات المسلحة. 15- امنع وقوع انتهاكات لهذه القواعد. في حالة حدوث انتهاكات قدم تقريرا بذلك إلى قائدك. يجب التحقيق في الانتهاكات وتوقيع العقوبات على ذلك وفقا للمعايير الدولية.