قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن القتال في سوريا يعتبر حربا أهلية بمنطق رجل الشارع, وذلك بعد أن تجاوز القتال حدا يقول خبراء إنه قد يساعد على وضع أسس لملاحقات قضائية في المستقبل بسبب ارتكاب جرائم حرب. وتعتبر اللجنة هي الحارس لاتفاقيات جنيف التي تحدد قواعد الحرب, وهي بهذا الوضع تعتبر مرجعية في تحديد متى يتطور العنف إلى صراع مسلح. وكانت الوكالة المستقلة المعنية بالشؤون الإنسانية صنفت العنف في سوريا باعتباره حروبا أهلية محلية بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة في ثلاث نقاط مشتعلة هي حمص وحماة وإدلب. لكن الأعمال القتالية امتدت إلى مناطق أخرى، مما جعل الوكالة التي تتخذ من جنيف مقرا لها تخلص إلى أن القتال يتفق مع الحد الذي تضعه لما يعتبر صراعا داخليا مسلحا، وتبلغ الأطراف المتحاربة بتحليلها وبالتزاماتها بموجب القانون. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي الوكالة الدولية الوحيدة التي أرسلت موظفي إغاثة إلى سوريا الذين قاموا بتوصيل مساعدات غذائية وطبية ومساعدات أخرى عبر الجبهات. وطبقا للجنة، فإن جميع المقاتلين المتورطين في صراع داخلي مسلح ملزمون باحترام القانون الدولي الإنساني. وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر هشام حسن لرويترز إنه يوجد في سوريا صراع مسلح غير دولي, ولم تتضرر جميع المناطق لكنه لا يقتصر أيضا على تلك المناطق الثلاث. وأضاف أن ذلك لا يعني أن جميع المناطق في شتى أرجاء البلاد لا تتضرر من العمليات الحربية. وأكد حسن أن ما يهم هو تطبيق القانون الدولي الإنساني على القتال بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة حيثما يقع في شتى أنحاء البلاد. وقال مدير أكاديمية جنيف للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان أندرو كلافام إن تقييم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي للصراع مهم، وإنه يوافق على هذا التقييم. وذلك يعني أن الهجمات العشوائية التي تؤدي إلى وقوع خسائر أو إصابات أو أضرار مفرطة للمدنيين ستكون جرائم حرب, وقد يلاحق مرتكبوها قضائيا على هذا الأساس. وكان الرئيس السوري بشار الأسد قال في 26 يونيو/حزيران إن بلاده في حالة حرب. وتفرض القواعد حدودا لكيفية ممارسة القتال كي تتسنى حماية المدنيين والمقاتلين السابقين الذين لا يشاركون في العمليات القتالية. وتقتضي تلك القواعد بمراعاة المعاملة الإنسانية لجميع من يسقطون في أيدي قوات العدو, وواجب رعاية الجرحى والمرضى، وتعني أيضا أنه يحق لأطراف الحرب الداخلية مهاجمة الأهداف العسكرية, وعدم مهاجمة المدنيين أو الممتلكات المدنية. ودخل مراقبو الأممالمتحدة قرية التريمسة في وسط سوريا يوم السبت، بعد يومين من إعلان نشطاء أن حوالي 220 شخصا قتلوا هناك إثر قصف نفذته طائرات مروحية حربية ورجال مليشيا، مما أدى إلى غضب دولي. وقالت منظمة العفو الدولية إن بعض مقاتلي المعارضة يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان رغم أنها تبدو محدودة مقارنة بحملة العنف التي تشنها الحكومة. وتستخدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعبير "الصراع المسلح غير الدولي" لأنه يعبر عن الصياغة الواردة في المادة الثالثة في اتفاقيات جنيف التي تطبق على حالات مشابهة للحالة السورية. وقال حسن إن تعبير الحرب الأهلية الذي يستخدمه البعض كمرادف للصراع الداخلي المسلح أو للصراع المسلح غير الدولي ليس له معنى قانوني في حد ذاته. والمعايير الثلاثة التي تحددها اللجنة الدولية للصليب الأحمر للصراع المسلح غير الدولي هي شدة القتال ومدته ومستوى تنظيم قوات المعارضة والقوات الحكومية المتحاربة. وقالت الوكالة في أوائل مايو/أيار إن المعارضة السورية تمثل قوة معارضة "منظمة", وهناك صراعات محلية في حمص وإدلب، ثم إنها أضافت حماة لقائمتها في وقت لاحق. وفي المقابل، سارعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى وصف الصراع في ليبيا العام الماضي بأنه حرب أهلية بمجرد أن أنشأت المعارضة مقر قيادة وهيكلا للقيادة والسيطرة. وقالت إنه يستمر تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحظر القتل دون محاكمة والتعذيب والاعتقالات التعسفية في المناطق التي تقع خارج نطاق العمليات الحربية في سوريا، والتي تواجه أيضا أعمال عنف مرتبطة بمظاهرات المدنيين.