ينتظر الناس موازنة استثنائية تعكس روح المسؤولية بإستيعاب الظروف العامة التي تعيشها البلد وتستعيد ثقة الناس التي فقدت خلال الثلاثة أعوام المنصرمة تقريباً. حيث كان الحصاد فشلاً متوالياً في الكثير من الملفات ، ولعل اهمها وفي صدارتها الملف الاقتصادي وفي شقه المرتبط بحياة الناس المعيشية التي عصف بها التضخم الذي بلغ مستويات قياسية عبرت عنه الارتفاعات المخيفة في أسعار المواد الغذائية الاساسية محل طلب الناس وحاجتهم ناهيك عما رافقه من ارتفاع أسعار خدمات النقل والتطبيب والأدوية...الخ وجاء التغيير برئيس حكومة بدا أنه محمولا على التوافق وذلك ما عبرت عنه أكثر من انفراجه اولية خاصة في حل أزمة تموينات الكهرباء بالوقود وتفعيل عملية الاستيراد للمواد الغذائية والأدوية أيضا من الوديعة السعودية والدعم بالمنحة المالية السعودية 200 مليون $. ومع كل الأمل المعقود بتحسن أوضاع الناس تبرز العديد من التحديات التي لن تقلل من مخاطرها سوى (إرادة الإصلاح المنتظرة ومن الأعلى) وبموازنة تفعل الحكومة من خلالها كل أدواتها الخاملة التي استكانت العمل من بعد وبعيدا عن الواقع وكل مشكلاته ويمكن إيجاز أهم هذه التحديات وفقا وأولوياتها على النحو التالي : أولاً..تقييم مستوى الموارد الأساسية من النفط والغاز باعتبارهما المصدرين الأكثر اسهاما في رفد الموازنة من موارد النقد الأجنبي ومايتطلبه ذلك من جهد وتمويل لعملية تأهيل حقول النفط والغاز للمستوى الذي كانت عليه قبل الحرب. ثانياً:تقييم مستوى الموارد الضريبية والجمركية من مختلف مصادرها حيث تشير الأرقام إلى الانحرافات السلبية الكبيرة في تحصيل الموارد الضريبية حيث بلغت الضرائب المحصلة من المحافظات المحررة التسع مبلغ وقدره(ثلاثة وتسعون مليار ريال يمني ) للعام المنصرم 2017 وربما تشكل ضرائب كسب العمل ما نسبته 70%منها وهي التي تحصل دون جهد خصما على المرتبات والأجور لموظفي الحكومة. ثالثاً:تقليص أوجه الإنفاق الحكومي والإبقاء فقط على الحتمي والضروري ويمكن الإشارة هنا لاغلاق العديد من السفارات التي لاترتبط ببلادنا بأي علاقات اقتصادية وغيرها ذات أهمية من جهة وتجاوز مسألة (الاستحقاقات السياسية) التي يبرر بها سيل التعيينات في وظائف الدولة العليا ووقفها من جهة أخرى. رابعاً:تفعيل عمل الأجهزة الرقابية على سير الأداء بشكل فعال من خلال الرفع عن مستويات التنفيذ لكافة أجهزة الحكومة وإشراك المجتمع المدني وفق صيغ متوافق عليها تأكيدا لتفعيل مبدأ الشفافية. خامساً:تفعيل عمل سلطة المحليات في المحافظات واعتماد معايير تقييم أدائها وفق النتائج المحققة ضمن برنامج وخطة عمل كل محافظة وخاصة في جوانب تحصيل الموارد المحلية. سادساً: العمل مع الجهات المانحة باستئناف تنفيذ المشاريع في غير مجال والممولة خارجياً. سابعاً: إلزام كل المحافظات المحرر بتوريد مواردها إلى البنك المركزي وبالذات محافظة مأرب ومحافظة المهرة لتأكيد سيطرة الحكومة على كل مواردها من كل المحافظات ووقف التصرفات بالمخالفة لتوريد الموارد إلى الحسابات الجارية والتي هي سارية حتى اللحظة. ثامناً: لن تكون هناك أي عملية تنمية على أي مستوى دون توفر أمن يساعد الأجهزة على العمل في ظروف امنه ومستقره وتبقى مسألة توحيد الأجهزة الأمنية وما يرتبط بها من قضايا خلاف سياسيه أحد أهم المحددات الواجب العمل عليها ضمن أي صيغ تؤمن التنسيق بين مختلف الأجهزة بما يحد من حالة الانفلات الأمني ومثله ضبط السلاح المنفلت. هذه التحديات وغيرها مجتمعة أن لم يستوعبها بيان عمل الحكومة في إطار برنامج عمل إجرائي وتنفيذي توصف وتزامن فيه المهمات والجهات المناط بها عملية التنفيذ يقينا لن نكون سوى أمام تجربة وتكرار لما مضى وذلك ما لا تتمناه الناس التي فرقتها الحرب وضاعفت من معاناتهم على مختلف الأصعدة.