في البداية نعتذر لعبادي وسيارته على تشبية طيران اليمنية بها لحيث وعبادي شخص طيب ويعمل بشكل منتظم في رحلة أسبوعية من قريته الى أحد المدن في محافظة لحج ولم يسبق له أن أبتز المسافرين أو رفع أيجار السفر أو تقاضى مبالغ أضافية بهدف تقديم مسافر على اخر أو غير ذلك من أساليب التنكيل بالمسافرين كما تعمل شركة اليمنية المتحكم الوحيد بحال اليمنيين الراغبين في السفر جواً من وألى العاصمة الشرعية للبلاد مدينة عدن. عبادي لا يعرف النت ولا يجيد أستخدام تقنية المعلومات ولا يوجد لديه أي مكاتب سوى في القرية أو المدينة ولا يتعامل بشيء أسمه حجز ودفع أيجار السفر مقدماً، وكل ما يعمله عبادي هو بأنه متى ما قرحت التخزينة في فترة العصر قرع السيارة وحمل الموجودين بالسوق معه وتحرك بأتجاه القرية. ورغم أن سيارة عبادي موديل 1984 متهالكة كاليمنية ويفترض أن تكون خارج الخدمة الا انه يحملها حوالي 30 راكباً بالاضافة الى العفش الكبير لأهل القرية، وعند أكتمال العدد يقول للمتبقيين سنحملكم الأسبوع المقبل لحيث والرحلة معه أسبوعياً كل ثلاثاء (اليوم الرئيسي للتسوق في المدينة). ونظراً لهذا الوضع يكون عدد المسافرين كبير وينتظر أحياناً المسافر لأسابيع حتى يعود الى منطقته. كنا نحن أبناء القرية نتطلع لمستقبل أفضل وأن تزيد عدد وسائل النقل وتدخل في الخدمة سيارات جديدة وتنخفض الاسعار قليلاً وتتوفر وسائل السلامة بشكل ارقى ويتمكن المسافر من حجز تذكرة سفره أونلاين قبل أن يصل الى المدينة ليضمن عودته الى القرية وعدم قضاء أسابيع من أجازته القصيرة في مدينة الحبيلين قبل الوصول الى القرية، ولكن تبخر حلمي مؤخراً بل وأصبحت أشعر بأننا محظوظين في قريتنا بعبادي وسيارته وأن حالنا أفضل بكثير من حال ملايين اليمنيين المسافرين على متن الخطوط الجوية اليمنية، لحيث وهذا الطيران أصبح تحركه من وإلى مدينة عدن لا يحتكم لأي مواعيد زمنية بل وعلى مزاج الطيار وأدراة المكتب ومافيا بيع التذاكر في الوقت بدل الضائع، خاصة وهناك المئات من المرضى والطلاب العالقيين خارج البلاد وداخلها الراغبين في السفر من وألى عدن لقضاء أمورهم. فتأخر رحلات اليمنية لساعات أمر لم يعد مستغرب فقد أصبح المسافر يعي بأن الرحلة ستتأخر لساعات ولهذا لا يمكنه أن يحجز لرحلته القادمة بعد المطار الذي ستهبط فيه اليمنية لأنه يعي بأن سيتأخر وسيخسر فلوسه وتذكرته مما يدفع ثمن ذلك حين وصوله الى المطار المقصود ليدفع ثمن التذكرة مدبلا كحجز سريع. ما يميز طيران اليمنية عن سيارة عبادي هو وجود عشرات المكاتب لها حول العالم ويوجد فيها مئات الموظفين كما أن لها أربع وجهات سفر بعكس سيارة عبادي التي يوجد لها خط واحد بين القرية ومدينة الحبيلين. ولكن هذه المكاتب أصبحت عبء ثقيل على كاهل المسافر لحيث وتذكرة السفر على سبيل المثال لرحلة مومباي – عدن تساوي أربعة أضعاف رحلة السفر بين مومباي ومدينة صلالة العمانية رغم تساوي المسافة الى حدا ما. كما أن موظفي هذه المكاتب تعبث وتبتز المسافرين ومن الطبيعي أن تذهب لمرات اليها للحجز ويبلغوك بأنه لا يوجد مقعد حاليا وسيحجززا لك على رحلة بعد شهر ومن ثم تتفاجى بأن زميل لك زارهم ودفع حق بن هادي وسافر في نفس الأسبوع. هكذا هو حال اليمنية ومكاتبها وهذه هي المهمة الوحيدة للعدد الهائل من الموظفين في مكاتبها. لم تكن هذه الممارسات والعبث والتأخير فقط مايميز طيران اليمنية بل وهناك الكثير من وسائل الأحتيال الاخرى التي لم يكن يتوقعها أنسان ذو عقل، فالطيران المتهالك يحملوه عدد من المسافرين يفوق تلك المقاعد الموجودة وعفش تجاري قد يفوق المسموح به في الطيران الذي يحترم أنسانية مسافريه، فعادة ما يقوم مكتب هذه الشركة العابثة في مومباي بحجز لعدد من الركاب يفوق عدد الكراسي المتواجدة وعند وصول المسافرين الى الطائرة يمارسوا سياسة أبتزاز تحت أسم الجرحى والأنساسية فيأتي موظفيهم الى معظم الأطفال دون السابعة من العمر ليقول لولي أمر الطفل: خذ ابنك في حظنك فنحن نريد المقعد لجريح قدم دمه وأجزاء من جسده لأجل الوطن أو لشخص طاعن في السن...، في حين أن الواقع غير ذلك تماماً وأن اليمنية تقاضت سعر تذكرتين للمقعد هذا (من والد الطفل ومن الجريح) وبالسعر الكبير الذي سبق وقلنا يضاهي سعر تذكرة مومباي - صلالة لأربعة اضعاف. ما تفاجأنا به مؤخراً والذي سيضاف الى رصيد اليمنية هو قيامها بحجز مقاعد لثلاثة من زملائنا وتم تجديد الحجز خلال هذا الأسبوع وعند ذهابهم اليوم إلى المطار قبل الرحلة بخمس ساعات طُلب منهم الأنتظار في الصالة لحيث وأنه سيسمح لهم بالدخول لاحقاً بعد المرضى، وبعد فترة من الأنتظار ودخول معظم المسافرين أبلغهم الموظف بأن عدد المسافرين يفوق عدد الكراسي ولهذا يعتذر عن قبولهم للسفر على متن هذه الرحلة متناسياً أن هولاء المسافرين قطعوا الاف الكيلومترات للوصول الى مومباي بناءاً على حجز وتأكيد حجز لهم من مكتب اليمنية في مومباي، وأن أنتظارهم لأسابيع او حتى لأيام في مومباي سيكلفهم الكثير من الخسائر المادية والنفسية لهم ولأسرهم التي تنتظرهم بفارق الصبر في مطار عدن بعد سنوات من الفراق. وهنا السؤال يضع نفسه: لماذا عدد المسافرين يفوق عدد الكراسي؟؟؟ هل لا يوجد اي تنسيق بين مكاتب الحجز ويتم بيع التذاكر دون معرفة الطاقة الأستيعابية للطائرة؟؟ أم هل هناك أطفالاً رفض أولياء أمورهم افساح مقاعدهم لاخرين خاصة وهم دفعوا بها ثمن باهض يصل الى 600 دولار او اكثر للمقعد؟ أم أن هناك من أحرجهم بوسيط من ال البيت أو دفع مبلغاً باهضاً لمكتب اليمنية في مومباي مقابل أن تعطي له مقاعدهم؟؟؟ هذا ما ننتظر توضيحه كزبائن لهذا الخط الجوي الوحيد الذي نسافر وسنسافر معه مجبرين وليس مخيرين لعدم توافر أي بديل له والذي عادةً ما يشكرنا في نهاية كل رحلة على أختيارنا للخطوط الجوية اليمنية... وفي الاخير لا يسعني الا أن أقدم أعتذاري مرة اخرى لعبادي وسيارته على مايقدموه من خدمات جليلة لمنطقتنا وعلى قناعته وعدم تفكيره قط بابتزازنا أو التمييز بيننا بحسب الانتماء القبلي أو الواسطة أو المال خاصة وهو الخط الوحيد وبأمكانه ممارسة ذلك أن سمحت له أخلاقه وأدبياته بذلك.