بعض البشر من عامة الناس ومثقفيهم؛ يريدون تحميل المسائل ما لا تحتمل من المعضلات، ولذلك هم لا تروق لهم السياسة إلا مقرونة بسهام الرصاص، ولغة البنادق، ودوي المدافع والطائرات، مع أن السياسة بهذا الفهم لا تصلح، ولاسيما أذا اتفقنا أنها تعني فن الممكنات، على الأقل في حال اليمنيين، وفي ظل أوضاع الدولة اليمنية، التي كادت أن تسقط لدى انقلاب الحوثة وحلفائهم، لولا ما حصل لها من الدعم الإقليمي والدولي: سياسيا وعسكريا منذ العام 2015م، (بعد الانقلاب) عندما انطلقت عاصفة الحزم، ثم عاصفة الآمل، وحتى الآن. وفي هذه المعمعة، يكفي قيادة البلد فخرا بزعامة الرجل الوطني، الغيور، المخلص، والمناضل الصلب عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أن اليمن ظل مع ما شهد من الصراعات، والتداعيات، ومع ما حامت حوله من الأطماع موحدا، لا يجرؤ طامع على إشباع نفسه الخبيثة من قريب أو بعيد، ولا يستطيع نخاس، متعفن، خائن، من هنا، او هناك اتخاذ ما يمكن ان يسيء لليمن، ووحدتها، وعزتها، وكرامتها، واستقلالها، مع ما كان أوجرى في دهاليز مظلمة من تآمرات، وصفقات غير مشروعة تم فصحها أولا بأول، للقاصي والداني. وإذا نظرنا اليوم بعبن الإنصاف إلى معطيات الجبهات، وميادين الفداء، فإن أول ماسيطالعنا، وبجلاء هو تلك الانتصارات الضخمة التي اجترحها، ويجترحها شعبنا اليمني، ممثلا بمقاومته المسلحة، وجيشه الوطني، الذين يتقدمون اليوم بثبات للانقضاض على العدو الحوثي، الايراني، المتمجس،لاستعادة العاصمة صنعاء، وبقية المدن اليمنية، وفي مقدمتها الحديدة، وما تبقى من اراضي محافظة تعز. ولعل أهم ما يأخذه البعض على قوات المقاومة، وقوات الجيش الوطني، والتحالف عموما؛ بطء الحركة في هذه الجبهات ذات التضاريس الوعرة جدا، الواقع معظمها في مناطق اليمن الأعلى، لكنهم يتناسون في هذا المقام عددا من العلل الهامة، ومنها: أن معظم السكان يتركزون أصلا في هذه المناطق، وأن المستوى الفكرى هناك يكاد يصل حد التدني، مقترنا بالعصبية القبلبة، المناطقية التى تتحكم أصلا بعواطف القبائل، فضلا عن ممارسة الحوثة لكل وسائل الابتزاز، والإذلال، والإخضاع، ومع كل ذلك؛ استخدام البشر المقيمين بكثافة في هذه المناطق- كما ذكرنا- كدروع بشرية، وإلى حد استخدام المدارس كمخازن للأسلحة، والعتاد، واستخدام طلابها كدروع بشرية في تحركات قواتهم، مما يفقد قوات الشرعية أي إمكانية للتعامل مع هذه الأهداف، وربما اوقعها في منزلقات غير مقصودة، فيتصيدها العدو المتمكن إعلاميا، والمدعوم من بعض الدول في مجلس الأمن، والأممالمتحدة للظهور العالمي بصورة المظلوم، المعتدى عليه. لذلك لا غرابة أن يطول أمد المعارك في ظروف كهذه، ولاسيما أن القوات تتقدم، ذلك أن غير هذا سيعني في مقتضاه تكريس الوجود العسكري الحوثي، وربما الدولة الحوثية الطامحة للاستحواذ، والاستيلاء المتواصل، واستمرار الفتنة التي تغذى، وستظل تغذى عبر الدعم الدبلوماسي، والعناية المستترة، في الاقليم، وعلى مستوى المعمورة، وخصوصا عندما تتعرض قوات العدو لضغوطات الهجمات المستبسلة؛ التي تشنها قوات الشرعية، والتحالف، وكلما تنكر الحوثة لما وافقوا عليه في المشاورات التي تشرف عليها الأممالمتحدة، وهو ما يؤدي كما نرى لإطالة أمد المعاناة الإنسانية، وتواصل هذه للدوامة الدموية، التي تتخذ منها هذه الدول ذريعة للضغط على طرف واحد، هو الشرعية، ولما فيه تكريس الوجود الحوثي، وتغليبه بكل الوسائل والسبل، لتبقي الفتنة قائمة مشتعلة على الدوام، فيسهل عليهم مستقبلا السيطرة على اليمن، وخيراتها، كما تعمل كثيرا في بعض الدول الأفريقية، والتي يستغلون فيها وجود مثل هذه الفتن المشتعلة. وهكذا فقد رأينا قيادتنا، وعلى أعلى مستوياتها؛ تتحرك كمن يمشي على رؤوس الثعابين.. ببطء، وحذر، ولكن أيضا، وفي الوقت نفسه بحكمة.. لاتنقصها البصيرة، ولا يعدمها البصر.