تعودت أن لا أخاطب الناس من بوابة المحافظات ودائما ما أخاطبهم من بوابة الوطن ، لأني أدرك يقيناً أن الوطن واحد ولا يمكن أن يستقيم بمحافظة عن أخرى ، لكني أجد اليوم حالة تناحر في السوشل ميديا وكلها مناطقية بين الضالع من جهة وأصوات جنوبية متعددة من جهة أخرى. لم يعد خافياً أن هناك أصوات من كل ألوان الطيف الجنوبي شبت عن الطوق وتنتقد أعمال مدير أمن عدن اللواء شلال علي شائع وإخفاقاته بالأمن وتزعم أن 90% من جهازه الأمني ينتمون إلى رقعة جغرافية واحدة وأن هناك أشخاص سيئي السمعة في مكتبه يمارسون كل أنواع البلطجة ، لكن في المقابل نجد أصوات مضادة جميعها من الضالع تعتبر شلال رمزاً جنوبياً وبطلاً لا يشق عليه غبار ، وأن الطعن به أو بأمن عدن حقد وخيانة كبرى للوطن ، كما تعتبر أن هذه الأصوات التي تطالب بالتغيير والإصلاح مأجورة تحركها أطراف أخرى لا تريد للجنوب أن يتعافى ويستقيم على قدميه. لا أخفيكم سراً عندما رأيت حالة التناحر في مواقع التواصل الإجتماعي من بوابة المحافظات ، فوجدت هذا ينتقد أعمال هذا ، وهذا يبرر أعمال ذاك بحكم أنه ينحدر إلى منطقته. حينها حاولت أن أقيس ردات الفعل وأكتب تغريدة على الفيس بوك أبديت فيها اعتزامي كتابة مقال ينتقد التقصير الأمني في عدن ، وهل فعلاً جل أبناء الضالع يدافعون عن شخصية شلال بحكم ارتباطهم الجغرافي والمناطقي به. كانت التغريدة موجهة لأبناء الضالع كما تحدوني بها أشخاص وعاهدوني أنك لن تجد صوت ضالعي يؤيد فكرتك ، وكي أكون صريح لم أجد صوت ضالعي يقول: نعم ،،"إنتقد أي أخطاء سواء لشلال أو لأي كان ، لأن الجنوب ليس شلال ، ولم يكن الجنوب الذي نسعى إليه أشخاص بل وطن يتسع للجميع والغلط وأعمال الفوضى لا ترضينا جميعا". بل كانت النتائج عكس ما توقعتها ، ونفس ما توقعها أصدقائي الذين تحدوني وقالوا لن تجد صوت في الضالع ينتقد شلال وبطانته التي أوصلت عدن إلى أسوأ تاريخها. أدرك يقينا أن الكثير من أبناء الضالع فيهم الخير ، وأن نفوسهم عامرة بحب الجنوب ويتوقون إلى وطن تنعم الناس فيه بأمن بعيداً عن الأجواء المشحونة ، بل أنهم غير راضون على الوضع الذي تعيشه عدن ، ولكنهم إلى هذه اللحظة غير مهيئين أن يعترفوا بكل هذه التراكمات منذ ما يقارب 4 سنوات والسبب هو وجود شلال على هرم أمن عدن ولو كان شخص غير شلال لانفجرت فيهم براكين الغضب ولقالوا كلمتهم منذ وقت مبكر. كما أنه من العيب أن نسمع هناك أصوات تربط بين مدير أمن عدن ورئيس الوزراء أو وزير الداخلية ، لأن هناك فرق بين من أتى من صنعاء كلص وفاسد والكل يعلم أنه ضد الجنوب ومحسوب على حكومة الفساد ، وبين من كان ثائر مناضل يتبنى مشروع جنوبي ويزعم أنه يخلص الناس من إفرازات الظلم والإستبداد وتفشي الفساد ويعيد للناس الأمن والحقوق ، ثم نجده لا يقدم للوطن بصيص أمل وما يقدمه هو ضرب النسيج الإجتماعي وتوظيف الناس من منطلق مناطقي وجهوي دون مراعاة الآخرين واحترام المواطنة المتساوية. والأكثر بشاعة عندما تتعالى أصوات ونسمع من يقول أيضاً: "لماذا لا تنتقدون فلان ، لماذا لا تشاهدون فساد فلان" وهنا يعطي إشارة للميسري ومعين عبدالملك ، وهذا المنطق يعطي مؤشر بلون فاقع أن تتركوني أعبث بالوطن أسوة بفلان ، وهذا عذر أقبح من ذنب ومنطق لا يجوز ولا ينبغي السكوت عليه. يا سادة لم نقدم الشهيد تلو الشهيد كي تعيش عدن في حكم الغاب وتصبح سماءها مظللة بسحب الخوف. فنتمنى من كل العقلاء أن يقلبوا مصلحة الوطن فوق الأشخاص والأحزاب وأن تكون نظرتهم أكبر وأعمق وأن لا تضل عقليتهم حبيسة أسوار القرية. الخلاصة: نناشد اللواء المناضل شلال علي شائع بأن ينظف إدارته من الأشخاص الفاسدين والبلاطجة والهمج ، وأن يحافظ على رصيده الجنوبي ، وأن لا يخسر تاريخه وسمعته بصم آذانه أمام كل ناصحيه ومحبيه ، وأن لا ينغش بمن يطبل له لأن العاقل والمحب هو الناصح الذي لا يبيع الوهم وليس الجاهل الذي لا يحمل في أحشائه سوى الهواء الفارغ ، والمثل يقول: "عدو عاقل خير من صديق جاهل" وهناك فرق بين مطبل ومطبل ، هناك من يطبل ويمجد الأشخاص من منطلق مناطقي وهذا جهل ومرض مزمن ، وهناك من يطبل للآخرين من أجل أن يفسد وينهب ويجمع ما تيسر من المال وهذا قمة الإنتهازية. أخيراً: عدن ظلمت كثير ، عدن عانت سنين وعقود من القهر والحرمان ، عدن هي المدينة الوحيدة التي تدفع ثمن فاتورة الصراعات فلا يجوز أن تبقى بستان بدون حارس يتصارع فيه جميع أنواع القردة كي تبعثر ثماره وتدوس وروده الجميلة. عدن تستحق منا أن نرفق بها ، وأن نصونها كدرة جميلة ، وأن نعيد لها الدفء كي تبقى مدينة الأنس والجمال والسلام والتعايش ، وأن لا نترك للبلاطجة والمنتفعين وطأة قدم فيها ، كما يجب أن تنتهي مظاهر السلاح ، و إبعاد أسواق القات عنها ، وأن لا نسمح لشيخ دين أو شيخ قبيلة يتحكم بمدنيتها ومستقبلها السياسي ، فعدن كانت ويجب أن تبقى وتستمر مدينة التنوع والانفتاح وحرية المعتقد وتعدد المعابد!!