منذ خمسة عشر يوماً تقريباً كان آخر عهدي بأحد مقالاتي, ومنذ ذلك الحين وقلمي جف (حبره) ولم أكتب مقالاً واحداً أكان سياسياً أو ثقافياً أو مجتمعياً بغض النظر عن تلك المنشورات التي أكتبها بين الحين والحين .. من عادتي أن أكتب بشكلاً أسبوعياً عن كل مجريات وأحداث البلد مع مراعاتي لواقع السياسة القذر وإبتعادي كلياً عن عالمها المليء بالمناكفات والمكايدات والمماحكات القذرة التي أهلكت الحرث والنسل وأحرقت الأخضر واليابس وزرعت الفتنة والفرقة والعنصرية المقيتة .. لا أدري ما سبب (جفاف) حبر قلمي عن الكتابة وتوقفي كلياً عن إمتشاقه وإجباره على الكتابة كما يفعل البعض (ليل) نهار ودن أي مناسبة تُذكر غير أن هناك من يكتب (ليأخذ) مقابل ما يكتب, وهناك من يكتب لينشر الفتنة ويؤجج الصراع ويذكي نار الحرب, وهناك من يكتب لأن الأسياد جلعوا منه (إمعة) ليكتب مايملونه عليه .. كلما طالعت وتصفحت المواقع أٌقرأ (كمَ) هائل من الكتابات لأشخاص (يتكررون) ويصنعون من الكتابة والحرف وسيلة ليرتقوا حتى وإن كان على حساب المبادئ والقيم والأخلاق والدين, وحتى إن أتت على خراب (البلد) المتشرذم والمتشظي, فلا يهمهم ذلك البته, بل جل همهم أن يكتبوا .. أحياناً قد تجف (الأقلام) ويختفي أصحابها لفترة من الزمن ثم يعودن بكتابات (دسمة) تُشبع نهم القارئ وتفيده كثيراً ويصل من خلالها لما يريده ويرجوه وهؤلاء أعتبرهم كُتّاب السهل الممتنع الذين يجيدون مراقصة القلم ومجاراة الواقع بعيداً عن التكرار والحشو والدفع المسبق .. وأحياناً أخرى قد يتكرر الكاتب ولكنه يتفرد بما يكتب فيبهرك يوماً بعد يوم بما يكتب وبما يخط وبما يفكر فتجد لذة وإستمتاع وأنت تقرأ ما تحمله (مادته) من دسومة وجمال ورقي في الطرح والواقعية أو الجانب الأدبي والنثري وحتى المجتمعي, وهؤلاء فعلاً نرفع لهم (البقعة) إحتراماً وإجلالاً لانهم يعرفون كيف يجذبون القارئ لهم .. بالنسبة لي حينما يجف قلمي ويتوقف عن الكتابة فهذا (عجز) تام عن ترجمة مايدور والكتابة عن بالطريقة التي يفهمها (البسطاء) , لان محاكاة البسطاء في الكتابة تحتاج إلى (حنكة) وخبرة وأسلوب راقي وجذاب وجميل لنقل الواقع وطرحه بين يدي من يقرأ ما نكتب, ولهذا فجفاف القلم حينها هو أفضل من أن (يهذي) بما لايدري .. مودتي للجميع ..