فوائد شهر رمضان الفضيل عظيمة ومتعددة، جميعها تعود بالنفع على حياة الصائم والمجتمعات الإسلامية، دينياً، صحياً، وتربوياً وإنسانياً، فهي رسالة لأبلغ صورة وأوضحها عن حقيقة الإسلام، إذ تعكس عظمته، ويتجلى وضوحها وتأثيرها، في تفاعل المجتمعات الغربية وحكام دولها مع فرحة المسلمين بحلول الشهر الكريم، من خلال إقامتهم موائد الإفطار الرمضانية، وتقديم التهاني والتبريكات للمسلمين، والدول الإسلامية، وهذا يزيدنا فخراً، واعتزازاً بعقيدتنا، وقيمنا وعاداتنا الإسلامية الحضارية، ونراها محل إعجاب وارتياح في عيون بقية المجتمعات. وتكُمن الحكمة الإلهية في فرض الله سبحانه وتعالى الصوم على عباده المسلمين لاستخلاص منه فوائد متعددة، تعبدية، صحية، وحضارية، وإنسانية، تعود بالفائدة على الفرد والمجتمع، ونجد أننا عند استقباله أمام فرصة ثمينة لتهذيب النفس وتعزيز ارتباطنا بديننا الإسلامي، والتزامنا بتعاليمه في سلوكنا اليومي، وترسيخها في نفوس الأطفال وسلوكهم وتعويديهم على العبادات والشيم وأفضل الخصال لتطبيقها فعلاً قبل أن تكون قولاً، أي أنه مدرسة تربوية دينية سلوكية لإصلاح سلوك وأخلاق مجتمعاتنا، والحفاظ على قيّم ديننا الإسلامي الحنيف، وإقامة المسابقات الدينية لحفظة القرآن الكريم، والأنشطة الدينية المتنوعة المرتبطة بعقيدتنا، لتنشئة جيلاً واعيًا، متسلحاً بالقيم التربوية والدينية والمعرفية. تؤكد دراسات وابحاث كثيرة أن الصيام يعود بالفائدة الكبيرة على صحة الصائم، القادر على الصيام بتخلص جهازه الهضمي من السموم طوال 30 يوم، كما يساعد في منع الإصابة ببعض الأمراض الصحية والاختلالات في الجسم، مثل ارتفاع الكوليسترول في الدم، وأمراض القلب والسمنة، وأوصانا الرسول الكريم صل الله عليه وسلم بالصيام بقوله: «صوموا تصحوا»، ففوائد الصيام كثيرة نفسية، وسلوكية، واقتصادية، بالإضافة إلى الاجتماعية والإنسانية التي تجعله رسالة إيمانية حضارية وإنسانية عظيمة لنا ولغيرنا لتنمية الشعور الداخلي لتحريك الضمير البشري، وإنعاش الدوافع الإيمانية، والأعمال الانسانية، وصلة التراحم، والالتفات للفقراء ومساعدتهم، وزيارة وتفقد المرضى وتقديم لهم العون، ويعزز القناعة بتساوي الفقير والغني مما يوّلد الشعور بالراحة النفسية بينهما. وتتلطف فيه الأجواء وتهدى النفوس، وتزدهر العلاقات الاجتماعية وتستقيم بين الأُسر وأفراد المجتمع، وتخف الخلافات، وتحل النزاعات، ويكثر الناس الدعاء والتوبه، ويظهروا فيه الجود والكرم، وتمتد موائدهم الرمضانية في الحارات والشوارع، يجتمع حولها أهل الحارة، كذلك تضاعف المنظمات والمؤسسات والمراكز الإنسانية والإغاثية الدولية والإقليمية والمحلية نشاطها، وتشجع سبل التكافل الاجتماعي، والمعيشي ،وتقيم الامسيات الرمضانية، وموائد الإفطار وتنَّشط البرامج السنوية مثل «إفطار الصائم» ونشاهد الشباب والأطفال يفطرون الصائم على الطرقات. فوائد شهر رمضان كثيرة وأعظمها أنها رسالة إيمانية وحضارية وإنسانية نجسد فيها إيماننا بعقيدتنا، وطاعتنا والتزامنا لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والتقرب إلى الله عز وجل لإظهار الصورة الغائبة عن حقيقة الإسلام، دين التسامح، والتعايش والإنسانية، التي تعرضت وتتعرض للخدش من قبل أعدائه المتطرفين، لتشويه صورته ورسم أخرى مزيفة، تسيئ له وللمسلمين في المجتمعات الأخرى. ما أعظم أن نحافظ على التزامنا بتعاليم ديننا الإسلامي وفضائل وفوائد هذا الشهر الكريم، وكل ما نظهره فيه من تقوى وسلوك تربوي، وأن نجسده في تعاملنا اليومي ونستمر فيه طوال أيام السنة - ليس الصوم – إنما الحرص على الاستمرار في تقوانا والالتزام بتعاليم عقيدتنا السمحاء في تعاملنا الإنساني والأخلاقي، والحضاري فيما بيننا ومع الغير بنفس الوتيرة، وألا ينتهي بمجرد إعلان ديار الإفتاء عن اكتمال أيام شهر رمضان، وأول أيام عيد الفطر المبارك.