تمر علينا الذكرى الثامنة عشر لاستشهاد القائد الكبير علي قائد المعكر ، الرجل الذي آثر حياة التشريد والنضال على المناصب وحياة الترف . من منا لم يسمع بهذا القائد المغوار الذي لازم حركات التحرر الوطنية منذُ مابعد حرب 1994 واختط التأريخ بيده كقائد مؤسس جمع بين الشجاعة المفرطة والدهاء الكبير وعمل بكل تفان وإخلاص في سبيل نصرة قضية شعبه ووطنه . من قائد لواء الى مشرد في الجبال فضل المعكر أن يعيش حياته على قمم الجبال الراسية يقبض بيده على زناد الثورة ويذود عن حياض القضية مع قلة قليلة من المخلصين الذين فجروا نار الغضب على المحتل اليمني في وقت كان يتحاشى الغالبية حتى مجرد الحديث عن الواقع المرير الذي يتكبده الشعب الجنوبي . لقد عاش علي قائد المعكر حياته ثائراً متمرداٌ على الظلم يكافح قوات الاحتلال في مواقعها ، يهجم دونما تردد برباطة جأش وإرادة فولاذية . فعلى عكس الكثير من المناضلين المحشورين بمصائرهم الشخصية، تجد الرجل غير منشغل بذاته قط، ولا تكاد تلمس أي تجلي من تجليات "الأنا" في مواقفه. بشهادة رفاقه لم يخض الرجل معركة مع جهة الا وانتصر بها ، يميل للهدوء، ينزع للتأمل ولا يجد ذاته في أي ضجيج أو صخب محتدم بل يركز على أهدافه ويسعى لتحقيقها مهما كان الثمن. ترعرع الشهيد المعكر في بيئة ثورية لا تقبل المهادنة والاستسلام ، فكان مؤسسي حركة حتم - تلك الحركة التي أذاقت المحتل ويلات العذاب - فعملت قوات الاحتلال على مطاردته وسعت بكل ما أوتيت من عنجهية النيل من صلابة وعقيدة المعكر ورفاقه ، لكنها كانت تخطئ الهدف كل مرة فلم ينساق المعكر للإغراءات التي حاولت بها إثناء علي قائد من مواصلة مسيرة الكفاح فأعرضت له المناصب والإغراءات لكنه ظل يرفضها ولم يعرها أي اهتمام ، كما لم يستسلم للتهديدات حيث وضعت قوات الاحتلال اسمه على لائحة المطلبوين للقبض عليهم أحياء أو ميتين فجندت جنودها ومرتزقتها للإيقاع به ونصبت له الكمائن على أمل إسكات هذا المارد لكن عناية الله كانت ترافقه فلقد نجى من كمائن خطط لها بعناية وكان يبدو الرجل محروسًا جيدًا بفيضه الداخلي. ومن رسوخه المثير تستكشف مستوى النضوج الذي بلغه ليبدو بهذا الثبات الكبير ، فلا شيء قادرًا على زعزعة ثباته الداخلي، على الأقل فيما يخطط له ويعمل عليه ، وفي خطّه الهادئ الذي يتسم به . إلى أن تمكنت قوات الاحتلال من إردائه شهيداً في ليلة السابع عشر من رمضان بعد رصد وملاحقة استمرت شهوراً وأعوام ليلقى المصير الذي لايناله سوى الأبطال الكرماء والعظماء مثله . لقد رحل القائد المعكر بعد حياة حافلة بالعطاء بعدما جسد المعنى الحقيقي للثائر الحر حيث ظل ممتشقاً بندقيته حتى حين تعرضت حركة حتم لإرهاصات جمدت على إثرها الحركة ظل المعكر منافحاً ومكافحاً لا نهاية للنضال بالنسبة له إلا برحيل آخر جندي محتل . إننا وفي الذكرى الثامنة عشر لاستشهاد بطل الجنوب الكبير علي قائد المعكر ، ونحن نستحضر بهذه الجمل البسيطة تأريخ رجل استثناء وبطل سيخلد التأريخ سيرته بأحرف من نور فإننا حتماً لانوفيه بالوصف ما يستحق فلقد عاش الرجل حياته كلها نضال فردي وجماعي يقارع الظلم ، ويناصر المظلومين فالرجل عُرف عنه كرمه وشهامته وحبه للخير ودفاعه عن المظلومين . إننا أيها القائد الكبير ونحن على أعتاب الانتصار الحاسم كم كنا نتمنى أن تكون معنا بحنكتك ورجالتك ، نحتفل معاٌ ونخطط للمستقبل معاً لكن الأقدار اختارتك عظيماً في حياته ومماته لترحل بطلاً كما عشت بطلاً فلك في ذكرى استشهادك تعظيم تحية وسلام .